كيف تحولت الأخبار الساخرة إلى "استراتيجية للتضليل الإعلامي"؟
كيف تحولت الأخبار الساخرة إلى "استراتيجية للتضليل الإعلامي"؟كيف تحولت الأخبار الساخرة إلى "استراتيجية للتضليل الإعلامي"؟

كيف تحولت الأخبار الساخرة إلى "استراتيجية للتضليل الإعلامي"؟

حذر تقرير نشرته وكالة "فرانس برس" من أن الأخبار الساخرة الكاذبة تحولت إلى ما وصفته بـ"استراتيجية للتضليل الإعلامي".

وأشارت الوكالة إلى أن "الأخبار الكاذبة المتداولة عبر شبكات مواقع التواصل، تخضع إلى التدقيق والتكذيب في كثير من الأحيان، خصوصا لأصحاب الوعي الجيد، خلافا للمقالات الساخرة التي قد تفلت من هذا المصير، وتنجح في إثارة الجدل لتحقق إيرادات للجهات المسؤولة عن نشرها".

ومن تلك الأخبار مثلا، القبض على الملياردير الأمريكي بيل غيتس، بتهمة الاتجار بالأطفال وشنقه في غوانتانامو، أو إعدام توم هانكس، على يد الجيش الأمريكي، أو إنزال البابا فرانسيس "حرما كنسيا" على الكاثوليك الذين لم يتلقوا اللقاح المضاد لكوفيد-19.

هذه المقالات -الكاذبة بالكامل- نُشرت جميعها على مواقع تعرّف نفسها على أنها "مواقع ساخرة"، بحسب تقرير لوكالة "فرانس برس".

لكن المشكلة تكمن في أن الكثير من مستخدمي الإنترنت يتشاركون هذه المقالات الساخرة التي تغزو الشبكات الاجتماعية.

وتقول المؤسسة المشاركة ومديرة منظمة First Draft التي تكافح المعلومات المضللة، كلير واردل، إن المواقع الساخرة أو الفكاهية قد تستخدم عمدا علامات التحذير الخاصة بمثل هذه المحتويات للهروب من مراقبة المنصات.

وبحسب تقرير نشرته وكالة الأنباء الفرنسية، تقول واردل: "نرى أشخاصا خبثاء أو متخصصين في نشر المعلومات المضللة، يصفون محتواهم بأنه ساخر مع علمهم بأنه سيتم نشره من دون هذا التصنيف".

وتضيف أن "هذا الأسلوب أصبح استراتيجية لكسب المال أو بث التفرقة".

وتواجه المنصات أيضا معضلة كبيرة، إذ يُنظر إلى السخرية أو الرسوم الكاريكاتورية في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، على أنها جزء مهم من الخطاب السياسي، وهي محمية ضمنيا بموجب الدستور أو قوانين الصحافة.

ومن شأن منحها هذا التصنيف على أي موقع، أن يعفيها من التعرض لخوارزميات فيسبوك التي من شأنها جعل المعلومات التي يتم التلاعب بها أقل ظهورا، وفي بعض الحالات، إفلاتها من المدققين.

فكاهة أم سياسة؟

وخلال الحملة الرئاسية الأمريكية لعام 2020، وجد موقع التحقق "بوليتيفاكت" التابع لمعهد بوينتر، أكثر من 100 موقع إلكتروني ينشر معلومات ساخرة، من دون تحذير صريح.

وبحسب "بوليتيفاكت"، فإن هذا الأسلوب "شائع لدى ناشري المعلومات الكاذبة لكسب المال عبر الإنترنت" بفضل الإعلانات الناتجة عن نشرها على نطاق واسع.

وقد نُشرت القصص الساخرة عن بيل غيتس، وتوم هانكس، عبر موقع Real Raw News، الذي يفيد بأن مقالاته لها طابع "إعلامي وتعليمي وترفيهي" وتنطوي على روح الدعابة والمحاكاة الساخرة والهجاء.

في الإطار ذاته، يدعي مقال آخر تم تداوله على نطاق واسع، أن جثة والت ديزني، الذي توفي عام 1966، تم تجميدها وسيذاب عنها الجليد قريبا، فيما في الواقع تم حرق جثة مؤسس إمبراطورية ديزني منذ زمن بعيد.

ونُشر المقال عبر موقع "ديلي نيوز ريبورتد"، الذي يحمل شعار "ليست جريدة يومية حقا، وليست إخبارية حقا"، معرفا عن نفسه بأنه "جريدة فكاهية مزيفة وموقع ساخر".

من جهتها، تقول أستاذة الإعلام في جامعة ولاية أوهايو، كيلي غاريت، إن العدد الهائل من المقالات ذات المحتوى الفاقع والمكتوبة كلها بيد "مشرفين" على المواقع، يجب أن تدفع المستخدمين بصورة تلقائية إلى التدقيق بصحتها، غير أن بعض القراء يجدون صعوبة في فصل الحقيقة عن الخيال.

وتضيف: "إذا كنت لا تعرف الموضوع، فإنك تقرأ عنوانا يشبه الكثير من العناوين الأخرى، وما كان يمكن أن يبدو مجنونا قبل عشر سنوات أصبح أكثر مصداقية الآن".

وفي عام 2017، في خضم الانتخابات الرئاسية في فرنسا، أثارت مقابلة مزيفة مع الفائز المستقبلي إيمانويل ماكرون، نُشرت قبل عام على موقع Le Gorafi الساخر، جدلا كبيرا.

ونقل الموقع الساخر عن وزير الاقتصاد "الشاب والوسيم" حينها: "عندما أصافح شخصا فقيرا، أشعر بالقذارة طوال اليوم".

ولم يمنع الطابع المفبرك بالكامل لهذه التصريحات، مستخدمين غاضبين، من نشر هذه المقابلة المزعومة عبر صفحاتهم.

وإضافة إلى Le Gorafi الفرنسي، يُعتبر The Onion في الولايات المتحدة و The Beaverton في كندا، من أشهر المواقع الساخرة المتخصصة في نشر مثل هذه الأخبار المفبركة.

لكن بعض المواقع الأخرى تثير غموضا أكبر، مثل Babylon Bee، ذي المنحى المحافظ أكثر، والذي نشر المقال بشأن البابا فرنسيس، وكذلك مقالا آخر يؤكد أن زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، قرر إلقاء السلاح، بعدما اقتنع بدعوة أطلقتها المغنية كاتي بيري، من أجل الحب بين جميع شعوب العالم.

ووفقا لدراسة أجريت عام 2019 في ولاية أوهايو، أقر 28% من الجمهوريين، و14% من الديمقراطيين، بأنهم يصدقون الأخبار الكاذبة التي ينشرها Babylon Bee حتى إن الرئيس السابق دونالد ترامب، أعاد تغريد رابط لإحدى هذه المقالات عام 2020.

ولذلك، فإن قلة من الناس يصدقون الأخبار الساخرة المنشورة عبر The Onion، لكن الديمقراطيين أكثر ميلا لأخذها على محمل الجد.

وتقول كيلي غاريت، التي أشرفت على الدراسة، إن التحقق من مواقع المحاكاة الساخرة، قد يكون أقل فعالية في الحد من انتشار المعلومات المضللة.

وتوضح أنه "إذا ما قلتم إن (هذه الأخبار) خضعت لعملية تحقق، فهناك بعد سياسي لها"، أما "إذا قلتم إنها مزيفة، فهذا أكثر إقناعا".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com