تحليل: لقاء عباس وغانتس يركز على البعد الأمني ويتجاهل العملية السياسية
تحليل: لقاء عباس وغانتس يركز على البعد الأمني ويتجاهل العملية السياسيةتحليل: لقاء عباس وغانتس يركز على البعد الأمني ويتجاهل العملية السياسية

تحليل: لقاء عباس وغانتس يركز على البعد الأمني ويتجاهل العملية السياسية

أثار لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس بوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس بمنزل الأخير، أمس الثلاثاء، موجة من التساؤلات حول إمكانية استئناف العملية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين قريباً.

ويعد هذا اللقاء هو الاجتماع الرسمي الأول الذي يعقده عباس في إسرائيل منذ عام 2010، حيث أكد خلاله، أنه "لن يسمح بالعنف ولا الإرهاب ولا استخدام السلاح الناري ضد الإسرائيليين في الضفة الغربية"، وفق ما أوردت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية "كان".

وقال عباس لغانتس: "بغض النظر عن طبيعة العلاقة مع إسرائيل، فإن الأجهزة الأمنية ستواصل التنسيق الأمني"، بينما شكر وزير الدفاع الإسرائيلي الأجهزة الأمنية الفلسطينية على إنقاذ اثنين من الإسرائيليين برام الله قبل أسابيع.

بدورها، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، عن مقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، قولهم، إن "بينيت وافق مسبقا على اللقاء الذي جمع غانتس بالرئيس الفلسطيني".

وأوضحت الصحيفة العبرية، أن "اللقاء ناقش القضايا اليومية للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية أمام السلطة الفلسطينية"، مضيفة أنها "لا توجد عملية سلام مع الفلسطينيين، ولن تكون"، حسب المسؤولين الإسرائيليين.

تسهيلات إسرائيلية

وعلى إثر اللقاء، صادق وزير الدفاع الإسرائيلي، صباح اليوم الأربعاء، على لم شمل 6 آلاف عائلة فلسطينية من الضفة الغربية و3500 من قطاع غزة ضمن شروط محددة، وفق ما أوردت القناة الإسرائيلية السابعة.

وحسب القناة، فإن غانتس صادق أيضا على إضافة 600 تصريح "BMC" لكبار رجال الأعمال الفلسطينيين وإضافة 500 تصريح لفلسطينيين سيسمح لهم بالدخول بمركباتهم إلى إسرائيل، وإضافة العشرات من تصاريح الـ"VIP" لكبار المسؤولين بالسلطة الفلسطينية.

كما قرر غانتس، وفق القناة، تحويل مبكر لأموال الضرائب لصالح السلطة الفلسطينية بقيمة 100 مليون شيكل حوالي (32 مليون دولار)، وذلك بهدف مساعدتها على تجاوز أزمتها الاقتصادية.

وفي السياق، قال رئيس هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية، حسين الشيخ، إن "لقاء الرئيس الفلسطيني بغانتس في بيت الأخير هو تحد كبير، والفرصة الأخيرة قبل الانفجار والدخول في طريق مسدود".

وأضاف الشيخ، في تغريدة على حسابه في "تويتر": "اللقاء محاولة جدية وجريئة لفتح مسار سياسي يرتكز على الشرعية الدولية، ويضع حداً للممارسات التصعيدية ضد الشعب الفلسطيني".

الأفق السياسي

وفي السياق، رأى خبراء ومختصون في الشأن السياسي، أن من المستبعد أن يؤسس لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس بوزير الدفاع الإسرائيلي، لاستئناف العملية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين المتوقفة منذ عدة سنوات.

وحسب الخبراء، فإن اللقاء لا يتجاوز بحث التهديدات الأمنية والاقتصادية بين الجانبين وفي إطار بوادر حسنة النية من قبل السلطة الفلسطينية على إثر التوتر الذي تشهده الضفة الغربية منذ عدة أسابيع، مشيرين إلى أنها ستقابل ببوادر حسن نية من قبل الحكومة الإسرائيلية.

وقال المحاضر في جامعة حيفا، الدكتور مصطفى قبها، إن "اللقاء لا يمكن أن يكون من أجل إطلاق أي عملية سياسية بين الجانبين"، مؤكدا أن المفاوضات تحتاج إلى لقاء بمستوى أعلى، وتحديداً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت وبحضور أمريكي.

وقال قبها في حديثه لـ"إرم نيوز" إن "هذا اللقاء يمكن أن يؤدي إلى التوصل لتفاهمات غير معلنة بين الجانبين في الملف السياسي، ولكن سيكون التركيز الأكبر على الملفين الأمني والاقتصادي"، مشددا على أن المعطيات تؤكد أن اللقاء مرتبط بالتوتر في الضفة الغربية ولم يأتي بأي جديد على المستوى السياسي.

وأضاف أن "مثل هذه الملفات لا تحتاج إلى لقاء قمة من هذا النوع، ولكنها يمكن أن تكون نواة يستند عليها في وقت لاحق لإطلاق المفاوضات بين الجانبين بشكل غير معلن وبرعاية الولايات المتحدة".

وتابع المحلل السياسي: "الملف السياسي يمثل القنبلة الموقوتة التي قد تسقط الحكومة الحالية في إسرائيل وتجبرها على الذهاب لانتخابات مبكرة للكنيست، وبالتالي فإن التفاهمات غير المعلنة والتسهيلات الاقتصادية هي الخيار الأنسب لحكومة بينيت".

وذكر قبها، أن "مثل هذا اللقاء سبقته تحضيرات فلسطينية أمريكية إسرائيلية، خاصة أنه الأول من نوعه منذ أكثر من 10 سنوات"، معتبرا أن اللقاء سيسهم في تعزيز التعاون الأمني بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتخفيف حدة الأزمة الاقتصادية على السلطة الفلسطينية.

توتر أمني

وقال المحلل السياسي محسن أبو رمضان، إن "اللقاء جاء لبحث أمرين مهمين، هما التوتر الأمني في الضفة الغربية وتداعياته على العلاقة بين الجانبين، إلى جانب بحث تبريد الصراع في الضفة الغربية مقابل التسهيلات الأمنية والاقتصادية".

وأوضح أبو رمضان لـ"إرم نيوز"، أن "اللقاء يأتي في إطار التوتر الأمني في الضفة الغربية وضمن محاولة السلطة الفلسطينية وإسرائيل تهدئة الأوضاع الأمنية وبحث التحديات الاقتصادية التي تواجه السلطة".

وأضاف أن "الأمر الثاني هو أن السلطة وإسرائيل يريدان تهدئة الأوضاع من منطلق تبريد الصراع، وفق رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، من أجل تقديم تسهيلات اقتصادية دون التطرق للجانب السياسي".

وأشار أبو رمضان، إلى أن "إسرائيل تريد للسلطة الفلسطينية أن تبقى في هذه الحدود دون أن يكون هناك أفق سياسي للصراع بين الجانبين".

وتابع: "في تقديري لا يمكن أن يفضي هذا اللقاء إلى أي رؤية سياسية للمفاوضات بين الجانبين".

ورأى أبو رمضان أن "اللقاء يهدف بالدرجة الأولى لخلق حالة من الاستقرار الأمني في الأراضي الفلسطينية يمكن الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية من مواجهة ملفات أكبر وتحديدا الملف النووي الإيراني".

وشدد أبو رمضان، على أن مثل هذا اللقاء لا يمكن أن يكون دون تنسيق مع الولايات المتحدة، خاصة أنه جاء بعد أيام من زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إلى إسرائيل ورام الله، معتبرا الانتقادات الإسرائيلية للقاء مجرد تصريحات إعلامية لكسب الجمهور الإسرائيلي.

سياسة نتنياهو

واتفق المختص في الشأن الإسرائيلي، أنطوان شلحت، مع ما قاله أبو رمضان، مؤكدا أن "الحكومة الإسرائيلية الحالية تتبع مع الفلسطينيين نفس السياسة السابقة التي وضعها بنيامين نتنياهو، لكن بشكل أوسع وعبر تسهيلات أكبر تمنع من انهيار السلطة الفلسطينية".

وقال شلحت لـ"إرم نيوز" إن "الحكومة الحالية لم تغير السياسة المتبعة مع الفلسطينيين منذ عدة سنوات، إلا أنها قدمت بشكل علني التسهيلات الاقتصادية والأمنية على أي حديث عن الجانب السياسي"، مشددا على أن "التطرق للجانب السياسي في الوقت الراهن سيؤدي إلى انهيار حكومة نفتالي بينيت".

وأوضح أن "اللقاء وعلى الرغم من أنه يأتي بالتزامن مع تحرك عربي وأمريكي لاستئناف المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتقديرات الرئيس الفلسطيني أنه قد يؤدي إلى فتح آفاق سياسية؛ لكن الأمر سيكون مقتصرا على الملفين الأمن والاقتصادي".

وأضاف شلحت أن "العلاقة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في الوقت الحالي أمنية واقتصادية فقط دون أن يكون هناك أي أفق سياسي بين الجانبين"، لافتا إلى أن ذلك قد يشجع الحكومة الإسرائيلية على مواصلة المشاريع الاستيطانية وطرح عطاءات استيطانية جديدة.

وحول إمكانية تدخل الإدارة الأمريكية في الملف الإسرائيلي الفلسطيني في الوقت الراهن، علق المحلل السياسي "لا أعتقد أن تطلق واشنطن أي عملية سياسية خلال الفترة المقبلة، وكل ما تريده هو الهدوء للتركيز في ملفات أكثر تعقيدا على المستويين الإقليمي والعالمي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com