بعد عقود من التهميش.. قبائل شرق السودان لا تزال تبحث عن المساواة
بعد عقود من التهميش.. قبائل شرق السودان لا تزال تبحث عن المساواةبعد عقود من التهميش.. قبائل شرق السودان لا تزال تبحث عن المساواة

بعد عقود من التهميش.. قبائل شرق السودان لا تزال تبحث عن المساواة

عادت قبائل شرق السودان "البجا" مجددا اليوم للاحتجاج، شاكية من سوء تمثيلها في مؤسسة الحكم الانتقالي، بعد أن كانت تعاني من التهميش على مدى عقود تحت حكم الرئيس السابق عمر البشير، وحملت السلاح ضده بين 1994 و2006.

وتعيش قبائل "البجا"، وهي الأكبر في شرق السودان، منذ آلاف السنين في تلك المنطقة التي تشترك في الحدود مع مصر وإريتريا.

وتشكل هذه القبائل تحديا إضافيا للحكومة الانتقالية التي تواجه أزمة اقتصادية سياسية، وصفها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قبل أيام، بأنها "الأسوا والأخطر" منذ الإطاحة بالبشير.

ولقبائل البجا ثقافتهم الخاصة ولغتهم وزيهم وطعامهم الذي يتحصلون عليه من رعي الإبل ومن الزراعة.

ويقول الأستاذ الجامعي والباحث في مجتمعات "البجا"، موسى عبد الله سعيد: إن "أبناء هذه القبيلة ينفرون من الحضر، ويأتون اليه فقط لشراء احتياجاتهم، و90% منهم يعيشون في الريف على الرغم من قسوة البيئة".

ومع أن إقليمهم يشتهر بالأراضي الخصبة الشهيرة بإنتاج الحبوب، ومناجم غنية بالذهب، إضافة إلى ميناء البلاد الرئيسي في بورتسودان على البحر الأحمر، إلا أنه أكثر المناطق فقرا في السودان الذي يعد أصلا من أفقر بلدان العالم، بحسب الأمم المتحدة.

وكانت قبائل "البجا" تطالب باستمرار حكومة البشير، بإنهاء تهميشها اقتصاديا وسياسيا.

وفي عام 2018، شارك "البجا" بقوة في الاحتجاجات العارمة التي قادت إلى الإطاحة بالديكتاتور في نيسان/أبريل 2019.

وساند "البجا" الحكومة الانتقالية التي تشكّلت في آب/أغسطس 2019، الى أن وقّعت في تشرين الأول/أكتوبر 2020 في جوبا، اتفاقا للسلام مع مجموعات معارضة.

وتضمن هذا الاتفاق شقا خاصا بشرق السودان وقّع عليه أعضاء من "البجا" يقول المحتجون إنهم لا يمثلونهم.



 

ونظّم "البجا" احتجاجات أكثر من مرة خلال الشهور الأخيرة وأغلقوا طرقا. وفي أيلول/سبتمبر، أوقفوا صادرات النفط (الذي ينتجه جنوب السودان) لبعضة أيام، وما زالوا يغلقون ميناء بورتسودان، المنفذ البحري الوحيد للسودان الذي تتم عبره حركة التجارة.

كما أغلقوا الطريق المؤدية إلى الخرطوم التي تبعد قرابة ألف كيلومتر عن بورتسودان.

ويقول عبد الله أبو شار، وهو أحد منظمي الاحتجاج: "عقب إعلان رفضنا للمسار في أيار/مايو، حضر إلى شرق السودان وفد من الحكومة المدنية برئاسة وزير رئاسة مجلس الوزراء، خالد عمر، وسلمناه مطالبنا وعلى رأسها إلغاء المسار، ومضت 4 أشهر ولم تقم الحكومة بأي خطوة، رغم أنها وعدتنا بأن ترد على مذكرتنا بعد أسبوع".

لغة شفهية وسكين معقوفة

ويشكل "البجا" حوالى 10% من سكان السودان البالغ عددهم 45 مليونا، وفق آخر إحصاء سكاني رسمي أجري في العام 2008. وينقسمون إلى مجموعتين بحسب اللغة هما: البداويت والتقراية.

وتتحدث قبائل الهدندوة والأمرار والبشاريين والأشراف وغيرها البداويت. ويعتقد أن لها علاقة باللغة المروية التي كانت تستخدم في مملكة كوش بشمال السودان قبل حوالي 4 آلاف سنة.

أما لغة التقراية المستخدمة كذلك في شمال وغرب إريتريا، فتتحدثها المجموعة المكونة من قبائل بني عامر والحباب وغيرها، والتي يعتقد أن أفرادها هاجروا إلى شرق السودان من شبه الجزيرة العربية.



ويمكن مشاهدة رجال "البجا وهم يحملون سكينا معقوفة تسمى محليا "الشوتال" وعصا كذلك معقوفة يسمونها "السفروك"، وذلك للحماية الشخصية. كما يستخدمونها للرقص أثناء احتفالاتهم.

ويؤكد الباحث في تاريخ البجا"، مختار حسين، أن نساء "البجا" يعشن خلف الأبواب، خصوصا في المناطق الريفية، حيث لا تظهر المرأة أمام الغرباء.

ولدى "البجا" نظامهم الخاص لفض المنازعات "القلد"، وهو ملزم لجميع أفراد القبيلة بصرف النظر عن مكان وجودهم عندما يوقّع عليه زعماؤهم، وفق حسين.

البحث عن المساواة

وتقع بين الحين والآخر نزاعات داخلية بين قبائل "البجا"، كان آخرها بين الهدندوة وبني عامر عقب توقيع شخصيات ينتمي بعضها لبني عامر، على اتفاق سلام جوبا عن الإقليم.

وقاد زعيم الهدندوة الاحتجاجات الأخيرة في الإقليم، للمطالبة بإلغاء اتفاق السلام الموقع في 2020.

وحملت قبائل "البجا" السلاح ضد حكومة البشير في الفترة من عام 1994 وحتى 2006، عندما وقعت الحكومة وقتها معها اتفاق سلام في العاصمة الإريترية أسمرا. ووجهت انتقادات لهذه الاتفاقية على أنها "ضعيفة" وفشلت في مخاطبة طموحات "البجا".

ويقول أوهاج عيسى من مدينة بورتسودان: "خرجنا ضد البشير من أجل المساواة، وهذا ما لم نحصل عليه حتى الآن".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com