هل ينجح دي ميستورا في حلحلة قضية الصحراء الغربية؟
هل ينجح دي ميستورا في حلحلة قضية الصحراء الغربية؟هل ينجح دي ميستورا في حلحلة قضية الصحراء الغربية؟

هل ينجح دي ميستورا في حلحلة قضية الصحراء الغربية؟

بعد دخول المسار السياسي لقضية الصحراء الغربية مرحلة الجمود، منذ استقالة المبعوث الأممي الألماني هورست كولر، شهر أيار/مايو 2019، عادت هذه القضية المثيرة للجدل إلى الواجهة من جديد عقب تعيين الإيطالي - السويدي ستافان دي ميستورا، قبل أيام، كمبعوث خاص للأمم المتحدة إلى المنطقة المتنازع عليها بين المغرب وجبهة "البوليساريو".

وتطفو على الساحة السياسية المغربية تساؤلات حول مدى قدرة دي ميستورا (74 عاما) على تحريك عجلة تسوية نزاع ممتد منذ نحو 44 سنة، لا سيما في ظل بروز خلافات بين الجارتين المغرب والجزائر، اتخذت واجهات متعددة من الشد والجذب.

وفي 24 آب/أغسطس، قررت الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط، ثم أعلنت بعد ذلك بشهر إغلاق المجال الجوي أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية.



حرب الأطراف

وفي الوقت الذي تعتبر فيه الرباط أن الجزائر من بين الأطراف الرئيسية في قضية الصحراء، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية، قبل أيام، إن بلاده تدعم جهود الأمم المتحدة.

وأعرب عن الأمل في أن تقود تسمية مبعوث جديد إلى "الاستئناف الفعلي والجاد للمفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع، المملكة المغربية وجبهة البوليساريو؛ بهدف الوصول إلى حل يضمن لشعب الصحراء الغربية الممارسة الحرة والفعلية لحقه غير القابل للتصرف ولا التقادم في تقرير المصير".

من جهته، دعا ممثل المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، الجزائر إلى المشاركة في الحل السياسي لقضية الصحراء المتنازع عليها.

وقال هلال، في رده على تصريحات للوزير الأول الجزائري خلال اجتماع تخليد الذكرى الـ 60 للمؤتمر الأول لدول حركة عدم الانحياز، إن "الجزائر بوصفها الطرف الحقيقي المسؤول عن خلق واستمرار النزاع المصطنع حول الصحراء، مدعوة إلى الانخراط الكامل في مسلسل الموائد المستديرة بروح من الواقعية والتوافق".



مهمة صعبة

وقال عبدالفتاح الفاتحي، مدير "مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية"، إن مهمة المبعوث ستافان دي ميستورا في إيجاد تسوية سياسية لنزاع الصحراء ستكون صعبة للغاية.

وأضاف الفاتحي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن هذه الصعوبة تتمثل في التطورات التي حصلت بعد الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، وتزايد فتح قنصليات دولية في مدينتي الداخلة والعيون، وتكوين المغرب جبهة دولية لدعم مقاربة الحكم الذاتي، فضلا عن الاختراقات الكبيرة التي أحدثتها عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي سياسياً، وديناميته الاقتصادية في غرب أفريقيا.

ورأى المتحدث أن هذه التحركات الملموسة "رجحت الموقف التفاوضي للمغرب مقارنة مع الموقف الجزائري، ولذلك هي اليوم تحاول تعطيل المسار السياسي للأمم المتحدة".

وأضاف: "إن الجزائر التي ظلّت تنتقد الأمم المتحدة لتأخرها في تعيين مبعوث شخصي للأمين العام إلى الصحراء، سرعان ما أعلنت اشتراطات قبل مباشرة دي ميستورا أعماله؛ بغرض تعطيل مسلسل الموائد المستديرة التي سنّها المبعوث السابق هورست كوهلر".

ودشّن المبعوث الأممي السابق، في جنيف خلال كانون الأول ديسمبر 2019، "الموائد المستديرة"، حيث استطاع كوهلر لمّ شمل كافة أطراف النزاع (المغرب، والجزائر، وموريتانيا، وجبهة البوليساريو) على طاولة واحدة؛ لتحريك عجلة النقاش والخروج بحلّ سياسي ينهي الصراع القائم.

ويعتقد الخبير المغربي المختص في قضايا الساحل والصحراء أن الجزائر سترهن عمل دي ميستورا بشرط الانسحاب المغربي من منطقة الكركرات العازلة، وهي تعلم أن المغرب يعتبرها جزءًا من سيادته الترابية التي لن يتراجع عنها.



ويعتقد المتحدث أن الجزائر ستجعل من هذه النقطة أساساً لتعطيل المسار السياسي للقضية، مشيراً إلى أن جبهة "البوليساريو" ظلت لسنين تنتهك حرمة هذه المنطقة، وقد نددت عدد من قرارات مجلس الأمن بالاستفزازات المتكررة.

وطالبت الجزائر قبل أيام بسحب القوات المغربية من منطقة الكركرات العازلة في الصحراء، لـ"تسهيل مسار تسوية النزاع" غداة تعيين الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا مبعوثا جديدا إلى الإقليم.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية حينها إن "تجريد هذه المنطقة من السلاح يشكل حجر الأساس في أي عملية سياسية ذات مصداقية تهدف إلى إيجاد حل سلمي للنزاع".

وشدد الفاتحي على أن صعوبة مهمة دي ميستورا نبّه إليها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في تقريره الأخير الموجه إلى مجلس الأمن الدولي، حيث ربط تأثير قطع الجزائر لعلاقاتها مع المغرب ودعوته الطرفين إلى تجاوز هذا الوضع.

وأكد مدير "مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية" أن القرار المرتقب لمجلس الأمن حول نزاع الصحراء قد لا يتعدى حدود دعوة الأطراف للتعاون مع دي ميستورا، وتجديد ولاية جديدة لبعثة "المينورسو"، ودعوة الأطراف المعنية إلى مواصلة الالتزام بالموائد المستديرة.



الإخوة الأعداء

من جهته، رأى الخبير المغربي المختص في الدراسات العسكرية والشؤون الاستراتيجية، عبدالرحمن المكاوي، أنه ليس من مصلحة الجزائر وجبهة "البوليساريو" حلحلة هذا الملف، وذلك لمعاكسة المغرب في وحدته الترابية.

وأضاف المكاوي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الجارة الشرقية الجزائر "تريد الإبقاء على وتيرة النزاع؛ وهو يدخل ضمن أدبيتها، بحيث تعتبر المغرب عدوا تقليديا ينبغي الإبقاء عليه وتوظيفه كلما اندلعت مشاكل داخلية"، وفق تعبيره.

وأردف المتحدث أن تصريحات رئيس الجمهورية الجزائرية عبدالمجيد تبون تجاه المغرب، التي أعقبت قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط، مؤشر على أن قادة الجزائر يريدون التصعيد وجعل المنطقة مقبلة على الأسوأ.

واعتبر الخبير المغربي أن دي مستورا كدبلوماسي مخضرم "يُحسن إدارة الأزمات، لكن بدون فعالية ونتائج ملموسة في نهاية المطاف، مثلما حصل في أفغانستان وسوريا".

وحيال ذلك، توقع المكاوي أن يبقى الجمود سيد الموقف، مشيراً إلى أن هذا الملف المثير للجدل "قد يظل على حاله؛ لأن الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن يعتبرون أن هذا النزاع لا يهدد الأمن والسلم العالميين، كما أنه ليس من النزاعات الأولية".

وكرّس القرار رقم 2548، الذي صادق عليه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، العام الماضي، موقع الجزائر كطرف رئيسي في المسلسل الرامي للتوصل إلى "حل سياسي واقعي وبراغماتي ودائم" لقضية الصحراء "قائم على التوافق".



ضغط "البوليساريو"

وكان رئيس ما يسمى بـ"الجمهورية الصحراوية"، الأمين العام لجبهة "البوليساريو" إبراهيم غالي أكد، الثلاثاء، أن المنطقة "تعيش حربا نتيجة الخرق المغربي لاتفاق وقف إطلاق النار، وستكون لها تداعياتها على المنطقة إذا استمرت الأمم المتحدة في تسيير الأزمة بدل حلها"، وفق تعبيره.

وقال غالي، في كلمته بمناسبة ما يسمى بـ"الذكرى 46 للوحدة الوطنية": إن "الحرب مندلعة فعلا في الميدان، ولا يمكن تجنب مخاطرها وتداعياتها على المنطقة إذا استمرت الأمم المتحدة في تسيير الأزمة بدلا من حلها".

وأضاف: "لن يكون هناك سلام ولا استقرار ولا حل عادل ودائم للنزاع المغربي الصحراوي ما لم يتحمل مجلس الأمن الدولي مسؤولياته".

ويدور نزاع منذ عقود بين المغرب وجبهة "البوليساريو" حول المستعمرة الإسبانية السابقة التي تصنفها الأمم المتحدة ضمن الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتقترح الرباط، التي تسيطر على ما يقرب من 80% من أراضي المنطقة الصحراوية، منحها حكما ذاتيا تحت سيادتها، فيما تدعو جبهة "البوليساريو" إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير.

وأوصى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، مجلس الأمن الدولي بتمديد ولاية البعثة الأممية (مينورسو) لمدة عام جديد، حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

جاء ذلك في تقرير دوري لغوتيريش من المقرر أن يناقشه أعضاء المجلس في جلسة مغلقة، اليوم الأربعاء، ويتناول تطورات الوضع في إقليم الصحراء بين مطلع أيلول/سبتمبر 2020 و31 أغسطس/آب 2021.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com