لماذا تحول إقليم "كردستان العراق" إلى ساحة لاغتيال القيادات الكردية؟
لماذا تحول إقليم "كردستان العراق" إلى ساحة لاغتيال القيادات الكردية؟لماذا تحول إقليم "كردستان العراق" إلى ساحة لاغتيال القيادات الكردية؟

لماذا تحول إقليم "كردستان العراق" إلى ساحة لاغتيال القيادات الكردية؟

تثير الاغتيالات المتكررة التي تستهدف قيادات بارزة من "حزب العمال الكردستاني" في إقليم كردستان العراق، تساؤلات إشكالية حول هوية الجهات التي تنفذ عمليات الاغتيال، وأسبابها ودوافعها، وكذلك مآلات ودلائل هذا الصراع، الذي حوّل الإقليم الكردي إلى ساحة لتصفية الصراعات السياسية والعسكرية، بحسب مراقبين للشأن التركي-الكردي.

ويتهم محللون سياسيون أكراد الحكومة التركية بتنفيذ عمليات الاغتيال المتتالية، منوهين إلى آخر عملية أدت لمقتل قيادي بارز في "العمال الكردستاني"، ويُدعى ياسين بولوت، والمعروف بـ"شكري سرحد"، في محافظة السليمانية بكردستان، في 17 سبتمبر 2021، فيما يبرر محللون أتراك أسباب هذه العمليات كردّ على اختطاف عناصر "العمال الكردستاني" رهائن أتراك.



"العمال الكردستاني": تركيا تستهدف الأكراد

تأسس "حزب العمال الكردستاني" (PKK)، الذي ينشط في جبل قنديل بشمال كردستان العراق، عام 1978، وتصنفه تركيا كمنظمة إرهابية، قبل أن تعتقل زعيمه عبدالله أوجلان عام 1999، ليتولى شؤون الحزب حاليا قيادات تعمل في إطار ما يُسمى بـ "منظومة المجتمع الكردستاني" (KCK)، التي تشرف على "العمال الكردستاني" وغيره من الأحزاب الكردية.

وقال زاغروس هيوا، المتحدث باسم "منظومة المجتمع الكردستاني"، إن "الاستخبارات التركية تخطط لعمليات الاغتيال بحق القادة الأكراد مرارا، لينفذها مرتزقة يعملون لصالحها في كردستان العراق وغيرها من الدول؛ في محاولة لخلق اقتتال كردي-كردي في مناطق الأكراد، وتحديدا في السليمانية".

وأضاف هيوا، عبر خدمة الرسائل الصوتية في تطبيق "واتساب" لـ"إرم نيوز": "تركيا تستهدف الأكراد الأحرار في العالم، دون اعتبار لمنظومة القيم الإنسانية"، متسائلا: "ياسين بولوت رجل مدني وليس عسكريا، وكان في رحلة علاجية وإنسانية في السليمانية، لماذا يتم استهدافه؟"، منوها إلى اغتيال تركيا لثلاث قياديات كرديات بارزات في فرنسا عام 2013، بالأسلوب عينه.

وناشد هيوا قيادة إقليم كردستان العراق قائلا: "نأمل أن يكون الاغتيال الأخير مناسبة لإشعال الرأي العام، والضغط على المجتمع الدولي من أجل إيجاد حل عادل للقضية الكردية"، وفقا لقوله.



واغتيل، مؤخرا، عدد من قيادات الحزبين في إقليم كردستان، مثل القيادي في "الديمقراطي الإيراني" موسى بابخاني، الذي قُتل في أربيل، عاصمة الإقليم، وكذلك القيادي في "العمال الكردستاني" سعيد حسن سعيد وأحد مرافقيه، وغيرهما.

تركيا: العمليات تسعى لتخليص الرهائن

بينما أرجع المحلل السياسي التركي مصطفى أوزجان، المقرب من "حزب العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، عمليات الاغتيال إلى "وجود عناصر مطلوبة كإرهابيين من حزب العمل الكردستاني في شمال العراق، يقومون بين الفينة والأخرى باختطاف عساكر ومدنيين"، موضحا أن "تركيا تريد قطع دابر فلول عناصر هذا الحزب في العراق خاصة، حيث قادت العملية العسكرية لتخليص الرهائن من براثن حزب العمال، ولكن العملية فشلت".

وأضاف أوزجان، عبر خدمة الرسائل النصية في تطبيق "واتساب" لـ"إرم نيوز": "في الأسابيع الماضية، علمت تركيا بوجود بعض عناصر الحزب هناك (شمال العراق)، وعلى إثرها نفذت عملية الاغتيال.. وهناك مطلوبون كثر، والاستخبارات التركية تنسق عمليات الاغتيال، وترصد الأسماء المطلوبة في الداخل والخارج وتؤدي مهمتها"، على حد تعبيره.

وتقول وسائل إعلام كردية إنه "منذ أن أطلقت تركيا في حزيران/ يونيو الماضي، عملية (مخلب النمر) العسكرية في كردستان العراق، التي قُتل فيها مدنيون، تتواصل المواجهة الدبلوماسية بين تركيا والأكراد، على خلفية الضربات الجوية وعمليات التوغل البرية التركية، في انتهاك واضح للسيادة العراقية من قبل أنقرة، رغم تحذيرات بغداد المتكررة".



محللون أكراد: زعزعة أمن كردستان العراق

وكان حزب العمال الكردستاني اتهم، في بيان، الاستخبارات التركية بالتورط بعملية الاغتيال الأخيرة، داعيا "الشعب الكردي وأحزابه وشخصياته لاتخاذ موقف جاد ومسؤول حيال هذا العمل المجرم"، على حد تعبيره، كما أصدرت حكومة إقليم كردستان العراق بيانا أدانت فيه "بشدة" الاغتيال، ودعت الجهات الأمنية لـ "مواصلة العمل ليلا ونهارا لاعتقال الجناة وتسليمهم للقضاء لينالوا جزاءهم القانوني"، وفقا للبيان.

وبدوره، اتهم نواف خليل، مدير المركز الكردي للدراسات، الذي يتخذ من مدينة "بوخوم" الألمانية مقرا له، الاستخبارات التركية باغتيال قيادات "العمال الكردستاني"، موضحا أن "الحكومة التركية لم تألُ جهدا منذ قرن، في استهداف الأكراد وقياداتهم، مرجعا الأسباب إلى "الضغوط على تركيا، ومحاولتها صرف أنظار الرأي العام عن فشلها الداخلي والخارجي، بعد إخفاقها الاستراتيجي في قراءة متغيرات ما بعد عام 2010، وخسارتها في معارك مع العمال الكردستاني في جبهات (كاري)، و(آفا شين)، و(متينا)، و(زاب) في شمال العراق".

وأضاف نواف خليل، عبر خدمة الرسائل الصوتية في تطبيق "واتساب" لـ"إرم نيوز": "يُعد انتقال عمليات الاغتيال إلى مدينة السليمانية في كردستان العراق، محاولة لزعزعة الوضع في الإقليم، والضغط على قياداته، وإيصال رسالة لها بأن علاقتها وعدم تصعيدها ضد حزب العمال سيكلفها الكثير".

وتوقع مدير المركز الكردي للدراسات "استمرار تركيا في اغتيال قيادات وناشطين وأعضاء حزب العمال الكردستاني، مع مزيد من التصعيد في خطابها القومي ضد الأكراد، وإشعال حرب داخلية في كافة مناطق الأكراد"، بحسب وصفه.



تهديد أمن واستقرار كردستان العراق

والسليمانية في إقليم كردستان العراق من المدن الرئيسية التي ينتشر فيها عناصر "العمال الكردستاني"، بالإضافة إلى قيادات "الحزب الديمقراطي الإيراني"، المعارض للنظام في طهران.

وقال المحلل السياسي الكردي عدالت عبدالله، من كردستان العراق، إن "الصراع التركي-الكردي دخل عقده الرابع دون أن يحسم الموقف لصالح النظام في تركيا"، مؤكدا أن "سياسة الاعتقالات العشوائية والمبرمجة بحق القادة وعناصر الكرد التابعة لحزب الشعوب الديمقراطي في تركيا هي الأخرى لم تفلح على الصعيد السياسي".

وأضاف عبدالله، عبر خدمة الرسائل النصية في تطبيق "واتساب" لـ"إرم نيوز": للأسف، إقليم كردستان العراق الآن مكان مفتوح للاغتيالات، بعد أن أصبحت المخابرات التركية متواجدة وبقوة في بعض مناطق الإقليم، وذلك ضمن قواعد عسكرية أو مقرات خاصة بها، بسبب غياب إرادة حكومة الإقليم في منع نشاطات المخابرات أو المطالبة بالكف عن أي تحرك يسيء لسمعة أمن الإقليم واستقراره، وهذا يرجع لأسباب سياسية تتعلق بصراع الحزب الديمقراطي (الحزب الحاكم في الإقليم) مع العمال الكردستاني، وانعدام التفاهم القومي بينهما".

وأبدى عدالت عبدالله تخوفه من أن تطال هذه الأحداث "الخطيرة" مناطق أخرى في الإقليم، وكذلك "تنويع هذا الصراع ليشمل اغتيالات لرموز العمال الكردستاني في أي مكان كان في العالم، ما يهدد أمن كردستان"، متوقعا أن "تكون الأوضاع في قادم الأسابيع أسوأ، إذا لم يتخذ الإقليم موقفا رسميا"، على حد تعبيره.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com