سياسات إدارة التضخم السكاني تتحول لنقطة تصادم بين المسلمين والهندوس في الهند
سياسات إدارة التضخم السكاني تتحول لنقطة تصادم بين المسلمين والهندوس في الهندسياسات إدارة التضخم السكاني تتحول لنقطة تصادم بين المسلمين والهندوس في الهند

سياسات إدارة التضخم السكاني تتحول لنقطة تصادم بين المسلمين والهندوس في الهند

كشف تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن الإجراءات المقترحة حول تنظيم الأسرة في ولايتين هنديتين تعكس التوترات المتأججة بين الهندوس والمسلمين حول مستقبل البلاد.

ووقف نجم الجناح السياسي اليميني في الهند، يوغي أديتياناث، أمام كاميرات التلفزيون وأعلن عن مشروع قانون يدعو لتصغير حجم الأسرة الهندية، إلى طفلين كحد أقصى.

وتقول الصحيفة إنه في العقود السابقة، لما أثار مثل هذا الإجراء الذي اتخذه زعيم الولاية الأكثر اكتظاظًا بالسكان في الهند، الجدل، ولكن خلال، الشهر الماضي، كان الجدل متفجرًا، حيث نظم المؤيدون احتجاجًا للمطالبة بتشديد الرقابة على السكان في أوتار براديش التي يبلغ عدد سكانها 220 مليون نسمة.

ورأى المنتقدون الأمر كمحاولة مبطنة لحشد الناخبين الهندوس باستغلال قضية التضخم السكاني الخارج عن السيطرة.

وأشارت الصحيفة إلى أنه مع اقتراب الهند من الانتخابات المحورية في ولاية أوتار براديش، والمقرر إجراؤها، أوائل العام المقبل، أصبحت مشاريع القوانين السكانية التي قدمها حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم نقطة تصادم جديدة في النقاش الوطني، مما يعكس طريقة تشكيل قضايا الدين والهوية المعلنة والضمنية.

ففي ولايتي أوتار براديش في الشمال، وأسام في أقصى الشمال الشرقي، اقترح قادة حزب بهاراتيا جاناتا رسميًا تشريعًا يمنع من لديهم أكثر من طفلين من الحصول على وظائف القطاع العام، والحصص الغذائية التي تقدمها الدولة للسكان، وذلك على الرغم من رفض زعماء الولايات الأخرى وأعضاء البرلمان للمقترحات المماثلة.

ومن جانبهم، يقول أديتياناث وغيره من كبار مسؤولي الحزب إنهم يسعون إلى تحسين حياة جميع الهنود من خلال معالجة مشكلة، حيث من المتوقع أن تتفوق الهند على الصين كالدولة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم بحلول العام 2027، وفقًا لتوقعات الأمم المتحدة.

وقال سيدهارث ناث سينغ، المتحدث باسم حكومة أوتار براديش وحزب بهاراتيا جاناتا، في رسالة بالبريد الإلكتروني:" السياسة السكانية الجديدة في ولاية أوتار براديش للجميع وليس لمجتمع واحد فقط، وستضمن استدامة التنمية، والحد من عدم المساواة في توزيع الدخل، حيث تمتلك التركيبات السكانية المختلفة مستويات تنمية مختلفة، وستهدف الحكومة إلى خلق هذا التوازن في مختلف مناطق الولاية".



ومع ذلك تجادل الصحيفة بأنه بالنسبة للكثيرين من مختلف الأطياف السياسية في الهند، تبدو هذه المبادرة، والتي تأتي قبل 7 أشهر من انتخابات ولاية أوتار براديش، كإيماءة واضحة إلى مخاوف حركة سياسية هندوسية محافظة تسعى إلى تحويل الهند، بعد قرون من الحكم الإسلامي والبريطاني، إلى دولة ذات أغلبية وهوية هندوسية.

فمنذ العام 2011، عندما ظهرت أرقام التعداد الرسمي التي تظهر تراجع الهندوس إلى 80% من سكان الهند مقارنة بنسبة 84% في العام 1951، زاد عدد المسلمين من 10% إلى 14.2% خلال الفترة نفسها، واكتسبت قضية الحفاظ على "التوازن الديمغرافي" أهمية متزايدة لدى قادة الحركة.

كما أثارت دراسة استقصائية وطنية أجريت العام 2016، ووجدت أن النساء المسلمات الهنديات كن يمتلكن 2.6 طفل في المتوسط مقارنة بـ 2.1 للهندوس، المزيد من القلق بين الهندوس.

وقال أشوتوش فارشني، مدير مركز جنوب آسيا المعاصرة في جامعة براون، إن المخاوف من تفوق المسلمين على الهندوس "هي نظرية مؤامرة قومية هندوسية منتشرة على نطاق واسع وتكتسب زخمًا، وهي لا تختلف كثيرًا عن الجناح اليميني في الولايات المتحدة، حيث يقلق الأمريكيون البيض من التحول لأقلية ديموغرافية في الولايات المتحدة، وفي حين تتمحور القضية الأمريكية في الهجرة، تتمحور القضية الهندية في معدلات الإنجاب".

وأشارت الصحيفة إلى إن أديتياناث قال لمؤيديه في دير هندوسي قبل 6 سنوات عندما كان عضوًا في البرلمان الهندي: "معدل الإنجاب المرتفع نسبيًا بين المسلمين سيسبب اختلالًا ديموغرافيًا خطيرًا".

وفي العام 2018، دعا موهان بهاغوات، زعيم منظمة راشتريا سوايمسيفاك سانغ القومية الهندوسية ذات النفوذ، إلى سن تشريع للحد من معدلات الإنجاب.

وتقول الصحيفة أن المخاوف الديموغرافية أصبحت الآن عنصرًا أساسًا على مواقع التواصل الاجتماعي اليمينية في الهند، حيث تحذر المنشورات المبالغ فيها أو الكاذبة من تقدم الإسلام.

وتقول الرواية الهندوسية إن عدد السكان المسلمين آخذ في التوسع، بسبب التحول القسري للهندوس إلى الإسلام من خلال الزواج، والهجرة غير الشرعية من بنغلايديش، وارتفاع معدلات الإنجاب.

وفي العام الماضي، اقترح أديتاناث قانونًا في ولاية أوتار براديش قال إنه سيحد من "جهاد الحب"، وهو مصطلح يستخدمه القوميون الهندوس الذين يزعمون أن الرجال المسلمين يتزوجون نساء هندوسيات لتغيير دينهن كجزء من حملة إسلامية.



وقال موهان غوروسوامي، العضو السابق في حزب بهاراتيا جاناتا والمستشار الحكومي الذي انسحب من الحزب في العام 1999، إن قضية التركيبة السكانية يمكن أن تكون عاملًا قويًا لإثارة الانقسامات، حتى لو لم يتم التحدث عنها صراحة.

وأوضح: "إنها شفرة يفهمها الجميع، فعندما يقولون: هؤلاء الناس يتكاثرون. إلى من يشيرون؟ إلى المسلمين والطبقات الدنيا".

ومن جانبهم، يقول الديموغرافيون إن الأسر المسلمة، التي تشكل الطبقات الاجتماعية والاقتصادية الدنيا في الهند، لديها معدلات إنجاب مشابهة لمجموعات مثل الداليت أو "المنبوذين"، وهي الطبقة الأدنى في الهند.

وقال البروفيسور "تي في سيخر"، من المعهد الدولي لعلوم السكان في مومباي: "يرجع ارتفاع معدلات الإنجاب بين المسلمين إلى حد كبير إلى انخفاض مستويات التعليم بين النساء وضعف الوضع الاقتصادي، وإذا تمكنا من تلبية احتياجاتهم من وسائل منع الحمل، سينخفض معدل الإنجاب بقدر كبير".

وتقول الصحيفة إنه خلال الخمسينيات، أنجبت المرأة الهندية في المتوسط 6 أطفال، وهو معدل انخفض إلى حوالي 2.2 طفل اليوم، وهو أعلى بقليل من المستوى المطلوب للحفاظ على مستوى السكان، ولذلك تقول الحكومة الهندية إن فرض سياسة الطفلين على مستوى البلاد غير ضرورية.

ومع ذلك يجادل أشويني أوبادياي، وهو محام من حزب بهاراتيا جاناتا ومتحدث سابق باسم الحزب، والذي صاغ مشروع قانون لتحديد النسل تم تداوله في مجلس الشيوخ الهندي منذ يوليو، بعكس ذلك، وقد تجول أوبادياي ذهابًا وإيابًا في شمال الهند خلال الأسابيع الأخيرة، ونظم سلسلة من المسيرات الداعمة لاتخاذ مثل هذه التدابير وكذلك من أجل القوانين الوطنية التي تزيل الاعتبارات الخاصة في التعليم والزواج التي تتلقاها الأقليات الدينية والعرقية، والتي تعد كلها أولويات للجماعات القومية الهندوسية.

وقال أوبادياي: "السبب الرئيس لمشاكل الفقر، وسوء التغذية، والبطالة، وتلوث الهواء، والجريمة، ووصول عدد المشردين إلى 100 مليون، هو التفجر السكاني".

ويتوقع أوبادياي أنه بعد أن يتم اعتماد القانون في ولاية أوتار براديش، سيتبعه بالتأكيد تشريع وطني للسكان، وقال: "البلاد مستعدة الآن للسيطرة على السكان، وهناك نقاش واسع النطاق على مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام الرقمية والمطبوعة، وقنوات يوتيوب".

وأكد أوبادياي: "هذه المبادرات لا تهدف إلى تأجيج الانقسام، وستفيد المجتمع الإسلامي بشكل أكبر، والذي سينتقل بسرعة إلى الطبقة الوسطى".

وتقول الصحيفة إن إحدى الفعاليات التي نظمها أوبادياي هذا الشهر، وهي تجمع صاخب في نيودلهي، كيف يمكن لهذه القضية أن تصل إلى القاعدة الشعبية القومية الهندوسية وتصبح قوة سامة، فبينما كان أوبادياي يتحدث في الميكروفون، محاطًا بكهنة هندوس وممثل بوليوود، بدأت الشوارع المجاورة تمتلئ بآلاف الشباب الهندوس المتظاهرين من الشمال وكلكتا.

وقال أحد الحضور، هاكومار راوات (40 عامًا) إن باكستان أبادت الهندوسية بينما سمحت الهند للمجتمعات المسلمة بالنمو من خلال تغيير دين الأطفال، وبناء مساجد "بأموال سوداء " من الخارج.

وتابع: "ينجبون 5 أو 6 أو 10 أطفال، إنهم يلعبون لعبة طويلة الأمد".



وعلى مقربة، وجهت الأخصائية الاجتماعية "غايتانجالي موهاباترا" إصبعها نحو لافتة تسرد شكاوى اليمين الهندوسي، وقالت: "القضية الأكبر هي عدد السكان، وعبور البنغلاديشيين والروهينغيا للحدود إلى البنغال وأسام، يفاقم المشكلة".

ومع ازدياد الغضب بين المتظاهرين، غادر أوبادياي المنصة، ولكن الرجال الذين كانوا يلوحون بأعلام هندية هائلة ويهتفون: "المجد للورد راما!" ظلوا موجودين، وصعد أحد المتظاهرين على حاجز وبدأ ببث المشهد على الهواء مباشرة على فيسبوك، وقال لمتابعيه إن المسيرة كانت تحذيرًا للمسلمين الذين يخططون لغزو الهند.

وبعد لحظات، هتف الحشد بشعار جديد: "عندما نقتل المسلمين، سيبكون راما راما!"، الأمر الذي أسفر عن اعتقال 6 رجال، بمن فيهم أوبادياي، بتهمة "الترويج للكراهية" بين الجماعات الدينية، ومن جانبه نفى أوبادياي أي تورط مباشر له، وفي النهاية أُطلق سراحه بكفالة.

وقال طالب جامعي يدعى ديفيام سينها، إنه وصل إلى هناك بعد رحلة مدتها ساعتين بالقطار للقاء قوميين شباب آخرين يريدون هندًا يمكنهم العيش فيه "بأمان وسعادة ".

وختم: "المسلمون في مهمة للاستيلاء على هذا البلد، لذا يعد تقدم يوغي أديتياناث لفعل شيء حيال ذلك، إنجازًا عظيمًا".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com