الحكومة السورية تواجه انتقادات نادرة من الموالين بسبب "الفقر وانعدام الأمن"
الحكومة السورية تواجه انتقادات نادرة من الموالين بسبب "الفقر وانعدام الأمن"الحكومة السورية تواجه انتقادات نادرة من الموالين بسبب "الفقر وانعدام الأمن"

الحكومة السورية تواجه انتقادات نادرة من الموالين بسبب "الفقر وانعدام الأمن"

يواجه الرئيس السوري بشار الأسد، تحديًا جديدًا في مناطق سيطرة قواته، وسط توجيه موالين له بينهم نخب معروفة، انتقادات نادرة ومطالب مباشرة، لوضع حد لمعاناتهم مع الفقر والعوز وغياب الأمن، الذي يقولون إنه بات سمة في سوريا.

ومنذ اندلاع أول احتجاجات ضد الأسد في 2011، ظلَّ هو وحكومته في منأى عن أي انتقادات بين أوساط موالية أو وسائل إعلامه، لكن بعد أكثر من عشر سنوات على تلك الاحتجاجات التي تحولت لعنف دمر البلاد واقتصادها، بدأت تظهر انتقادات للأسد ولزوجته أسماء الأخرس، بسبب الفقر الذي يقول موالون، إنه وصل لحد صعوبة الحصول على الخبز الذي يُعد الغذاء الأساسي للسكان.

كنانة علوش، إعلامية سورية ومقدمة برامج تلفزيونية في قنوات الحكومة السورية، كانت آخر الغاضبين من الوضع الذي تعيشه، عندما وجّهت رسالة لشخص الرئيس عبر فيسبوك، اشتكت فيها من خسارة كل ما تملكه، بعد سرقة كل محتويات منزلها من قبل لصوص معروفين، لكن لم يتم القبض عليهم، وظهرت الإعلامية الشابة التي رافقت قوات الجيش السوري في حربها على المعارضة، بمقطع فيديو قالت فيه إنها تطالب الرئيس بأن يعيد لها حقها، موضحةً أنها خسرت مبلغًا ماليًا كبيرًا ومقتنيات منزلها الثمينة، بحادثة السرقة التي ظل فيها السارق طليقًا رغم علم السلطات الأمنية بهويته ومكانه.

ومن غير الواضح لماذا لم يتم توقيف المتهم في السرقة، لكن البلاد شهدت في سنوات الحرب العشرة الماضية، زيادة كبيرة في نفوذ الميليشيات التي قاتلت لجانب الأسد الذي أسس قوات شعبية لمساندة جيشه، ويتورط عناصرها بكثير من الجرائم التي تشهدها مناطق سيطرة الحكومة.

وقالت علوش، إن حوادث السرقة زادت بشكل كبير في مدينتها حلب، حيث يتم الاعتداء على الناس في وضح النهار، وسرقة ما بحوزتهم، وإن هناك أناسًا يستردون حقوقهم سريعًا، بينما تبقى حقوق آخرين ضائعة لسنين، وهو انتقاد جريء تكرر كثيرًا في الآونة الأخيرة، يشير لوجود تمييز في تعامل مؤسسات الحكومة الأمنية والخدمية مع السكان، بحسب مناصبهم ومكانتهم.



وجاء حديث علوش، بعد يومين من رسالة عواطف قبيلي، وهي أم لشاب أصيب خلال مشاركته بجانب قوات الجيش في حربها مع المعارضة، وبدت فيها غاضبة من إهانة ابنها وجرحى آخرين، ولم تتردد تلك الأم في إبداء الندم على انضمام ابنها لتلك القوات، بدل أن يسافر لخارج سوريا، مثل ملايين السوريين الذين فروا من الحرب، بينما كانت تتحدث عن معاملة سيئة تعرض لها خلال مشاركته في بطولة رياضية، نظمتها سوريا.


وتم تداول مقطع الفيديو لتلك الأم على نطاق واسع، وأشار كثيرون إلى أنها ستواجه المحاسبة على خطابها للأسد وزوجته أسماء، التي بدا أنها متورطة في الحادثة على حد قول قبيلي التي امتدحت أيضًا، تعامل إسرائيل مع الجرحى مقارنة بسوريا.

وشكل ظهور آخر للأم في اليوم التالي، تراجعت فيه عن انتقاداتها للأسد وزوجته، دليلًا لدى كثيرين، بأنها تعرضت للاستدعاء من قبل الأجهزة الأمنية.

انتقادات متزايدة

وتُعد قصة والدة الجريح، مشابهة لحد كبير لقصة الصحفية والمذيعة في التلفزيون الرسمي رنا علي، عندما ظهرت في مقطع فيديو قبل أكثر من أسبوع، منتقدة وضعها المادي، بسبب انخفاض الأجور الكبير مقارنة بالأسعار، وتردي مستوى المعيشة في سوريا عمومًا.



ووجهت تلك الشابة الغاضبة من صعوبة الحصول على أنبوبة غاز للطهي، حديثها للأسد أيضًا، وأشارت لانتشار الفساد، وتوقعت أنها ستواجه محاسبة على جرأتها، وهو ما اعتبره كثيرون قد تحقق بالفعل، عندما ظهرت معتذرة في اليوم التالي، ومبدية تأييدها للرئيس.

ومن الصعب حصر كل ردود الفعل في مناطق سيطرة الحكومة على تردي أوضاعهم المعيشية، وانتشار الفقر والجريمة على نطاق واسع، حيث تحفل مواقع التواصل الاجتماعي بانتقادات متزايدة، بشكل غير مسبوق.

وكان صاحب معمل بمنطقة دوما في الغوطة الشرقية بدمشق، وجّه رسالة خلال فيسبوك قبل أيام أيضًا، لقائد الفرقة الرابعة، ماهر الأسد بعد أن تعرض معمله للنهب وتمّت سرقة 35 آلة، إذْ قال إن حاجزًا عسكريًا تابعًا للفرقة، منعه من نقل معمله إلى دمشق، لكنه لم يمنع اللصوص من سرقة المعمل والمرور عبر الحاجز.

وكتب مدون سوري يدعى منهل حسين، معلقًا على الجدل الذي تسببت به والدة الجريح الذي تعرض للإهانة، قائلًا: "هي هيك دائما، الفقراء يُطلبون لحماية البلد والموت في سبيله، ومسؤوليه وأغنيائه لنهب خيراته والتنعم بها هم وأولادهم".



ومن غير الشائع في سوريا، أن يوجه الموالون أي طلبات مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى من ينتقد منهم أداء الأجهزة الحكومية في السنوات الماضية، كان يشير في انتقاده لعدم علم أو رضى الرئيس بأي تقصير، لضمان عدم الملاحقة الأمنية.

ولا يختلف الواقع المعيشي والأمني في مناطق سيطرة المعارضة، عن حال مناطق الحكومة، حيث ينتشر الفقر والعوز والجريمة، وسطوة قادة الميليشيات المسلحة على الحياة في مناطق سيطرتهم.

وتسببت الحرب السورية بمقتل نحو نصف مليون شخص، وإصابة نحو ثلاثة ملايين آخرين، وانهيار كامل للاقتصاد والليرة السورية، ومنظومات الصحة والتعليم والخدمات، وانتشار للجريمة والمخدرات، وتقسيم البلاد بين عدة جهات تدعمها على الأرض قوات أمريكية وروسية وإيرانية وتركية، بينما يعيش الملايين نازحين من منازلهم في الداخل، أو لاجئين في العديد من دول العالم.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com