تقرير: تفشي كورونا يقوض النظام الصحي الإيراني ويضع رئيسي أمام أول اختبار
تقرير: تفشي كورونا يقوض النظام الصحي الإيراني ويضع رئيسي أمام أول اختبارتقرير: تفشي كورونا يقوض النظام الصحي الإيراني ويضع رئيسي أمام أول اختبار

تقرير: تفشي كورونا يقوض النظام الصحي الإيراني ويضع رئيسي أمام أول اختبار

يدمر التفشي السريع لمتغير دلتا من فيروس كورونا المستجد، ما تبقى من النظام الصحي الإيراني المترنح، مما يضع رئيسها الجديد المتشدد أمام اختبار صعب.

وأفادت تقارير بأن وضع النظام الصحي في إيران قد تدهور لدرجة أن المسعفين يقومون بفرز المرضى في طوابق غرف الطوارئ في المستشفيات والسيارات المتوقفة على جانب الطريق، وتمتد صفوف المرضى الطويلة أمام الصيدليات.

وتعمل سيارات الأجرة على نقل الجثث من المستشفيات إلى المقابر، وثمة عمليات دفن تتم في مقابر جماعية.

ووفقا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تتعرض إيران لضربات قوية من أشد موجة كارثية حتى الآن لفيروس كورونا، وهو الأمر الذي تؤكده المقابلات مع أطباء وعمال الرعاية الصحية ومنشورات مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى بعض التقارير الصريحة على غير العادة في وسائل الإعلام الحكومية.

وقد أدى متحور دلتا "الشرس" إلى تسجيل أعداد قياسية من الوفيات والإصابات في إيران، ويبدو أنه ينسف ما تبقى من النظام الصحي الذي كان يعاني من القصور منذ بدء وباء كورونا.

وأدت المرحلة الأخيرة من الأزمة إلى تكثيف التحديات التي تواجه الرئيس الإيراني الجديد المتشدد، إبراهيم رئيسي، واختبار قدراته بعد أيام فقط من توليه منصبه.

وقال الدكتور مهديار سعيدان (39 عاما) في مشهد، ثاني أكبر مدينة إيرانية: "الوضع الذي نواجهه يتجاوز الكارثة، فنظام الرعاية الصحية على وشك الانهيار".

وأضاف: "لم يصل الوضع إلى هذا الحد حتى أثناء الحرب مع العراق بين عامي 1980 و1988".

 وحتى الآن يتراوح العدد الرسمي للوفيات بسبب الفيروس بين 500 و600 شخص يوميا، ولكن يعتقد أن هذه الأرقام القياسية المرتفعة أقل من المعدلات الحقيقية.

وقال التلفزيون الإيراني الرسمي، إن إيرانيا يموت كل دقيقتين، أي ما يعادل 720 حالة وفاة على الأقل في اليوم.

وقال أطباء على الخطوط الأمامية في طهران وأصفهان وأهواز ومشهد، للصحيفة، إن "العدد الحقيقي للقتلى كان حوالي 1000 شخص في اليوم".

ويقول الأطباء أيضا إن المعدل الحقيقي للإصابات من المحتمل أن يكون أعلى بكثير من المعدل الرسمي البالغ حوالي 40 ألفا يوميا؛ بسبب عدم كفاية الاختبارات وعدم توافر الرعاية.

وبدأ العاملون في المجال الطبي الذين كانوا يخشون في السابق التحدث علانية، في انتقاد ما يعتبره العديد من الإيرانيين "سوء تقدير جسيم وعدم كفاءة وإهمال في قيادة الأزمة، من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي ومن هم في مناصب أدنى".

ويبدو أن الأطباء غاضبون بشكل خاص من ندرة اللقاحات، التي رفض القادة الإيرانيون شراءها في الوقت المناسب أو بكميات كافية، وبدلا من ذلك، تمسّكوا بالبدائل المطورة محليا، والتي قد تأتي بعد فوات الأوان.



فقد حظرت إيران اللقاحات المصنوعة في الولايات المتحدة وبريطانيا، ورفضت التبرعات؛ لأن خامنئي قال إنها صممت من قبل الغرب "لتلوث الدول الأخرى"، وكانت النتيجة تطعيم أقل من 3% من سكان إيران البالغ عددهم 85 مليون نسمة.

والآن تظهر الممرضات من أجنحة كوفيد-19 وهن يبكين على قنوات التلفزيون الحكومي، وينشر الأطباء مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يتوسلون المسؤولين للتحرك مباشرة قبل أن تزداد الأزمة سوءا، ويتوسلونهم إغلاق البلاد وشراء المزيد من اللقاحات المصنوعة في الخارج.

وقالت الدكتورة نفيسة صغي، الطبيبة الشهيرة وأستاذة الطب في مشهد، في رسالة صوتية وجهتها لقادة إيران، ونُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي: "مهما كانت ميزانيتكم، ومهما كانت الخطوات التي يمكنكم اتخاذها، احصلوا على المساعدة من العالم، افعلوا ذلك لإنقاذ الناس، فالتاريخ سيحكم عليكم".

هذا وسعى قادة إيران مرارا وتكرارا إلى إلقاء اللوم في الأزمات المحلية، بما في ذلك عدوى كوفيد-19، على الولايات المتحدة وعزلتها الاقتصادية.

ويقول النقاد، إن القيادة أساءت إدارة أزمة الوباء منذ البداية بإخفاء البيانات الدقيقة، ورفض فرض الحجر الصحي، وتجريم شفافية الأطباء، وإعطاء الأولوية لتطوير لقاحات محلية غير كافية، وتضليل الجمهور بوعدهم بتطعيمهم جميعا.



وقال الدكتور محمد رضا فلاحيان، الطبيب وأستاذ الطب في طهران: "يجب أن يحاسب كل مذنب، تطعيماتنا متأخرة جدا جدا، ماذا يمكننا نحن الأطباء القيام به ولا نفعله؟ نحن على حافة الانهيار في إيران".

وفي فضيحة هزت العديد من الإيرانيين، قال الدكتور علي رضا زالي، رئيس لجنة فيروس كورونا في طهران، لوسائل الإعلام الإيرانية يوم الأربعاء، إن المسؤولين لم يسمحوا بشراء لقاحات أجنبية بسبب التكلفة.

وقال الدكتور زالي إنه عندما زار خبراء من منظمة الصحة العالمية لتقييم احتياجات إيران وتقديم المساعدة، أمر رؤساؤه العاملين في المجال الطبي بتصوير البلاد على أنها مكتفية ذاتيا.

وأضاف: "قالوا لنا أن نثني على نظام الرعاية الصحية في إيران، وأخفينا العدد الحقيقي للوفيات عن منظمة الصحة العالمية، ورفضنا المساعدات الدولية بمجرد وصولها المطار".

وفي الأسبوع الأول من توليه المنصب، تعرض الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي لانتقادات شديدة، حتى من أنصاره، لرفضه إغلاق البلاد لمدة أسبوعين بناء على طلب وزارة الصحة ونقص اللقاحات.

وأقر رئيسي، يوم الأربعاء، بأنه "لم يتم إنتاج الكثير" من جرعات اللقاح المحلي حتى الآن، وأنه يخطط لاستيراد ما لا يقل عن 40 مليون جرعة قبل الشتاء.

وتعهد المتحدث باسم إدارة الغذاء والدواء الإيرانية كيانوش جهانبور، بأنه سيتم استيراد 120 مليون جرعة من اللقاح في غضون ثلاثة أشهر، بما في ذلك لقاحات فايزر وموديرنا، طالما لم يتم إنتاجها في الولايات المتحدة أو بريطانيا.

وقال خامنئي، المسؤول عن وصول رئيسي لمنصبه ويعتقد أنه يعتبره خليفة محتملا، في خطاب متلفز يوم الأربعاء، إن الوباء هو الأولوية في البلاد. كما قال إنه يجب تسريع جهود تطعيم الإيرانيين، مما فتح الباب أمام المزيد من عمليات الشراء من المنتجين في الصين وروسيا والهند.



ومع ذلك، تجاهل خامنئي تحذيرات وزارة الصحة بإلغاء طقوس الحداد الشيعية الجارية الآن في شهر محرم المقدس، والتي تتضمن تجمع الآلاف من المؤمنين في الأضرحة المزدحمة مما يساعد على تفشي الفيروس.

وأثار رفض الحكومة لفرض مثل هذه القيود غضبا صريحا بشكل غير معتاد، حتى من مؤيدي الحكومة الذين يواجهون خطر التعرض للعقاب أو على الأقل اتهامات بعدم الولاء.

وعلى تويتر، سأل مهدي الساساني، وهو من سكان طهران وصوت لرئيسي في الانتخابات: "إذا قلت يا سيد رئيسي، برفضك لعزل طهران في ظل عدم وجود أسرة في المستشفيات، فأنت بذلك مسؤول عن ارتفاع عدد الوفيات، هل أُعتبر معاديا للثورة؟".

وتحدث الساساني عن محنة عائلته في محاربة الفيروس، من عدم القدرة على العثور على سرير في المستشفى إلى التجول لساعات من صيدلية إلى أخرى بحثا عن الأدوية الموصوفة، وقال إن الناس الذين يصطفون للحصول على الرعاية الصحية والأدوية كانوا يشتمون خامنئي.

وقال حميد رضا صالحي، وهو مبرمج كمبيوتر، في تغريدة على تويتر: "نحن نواجه رسميا حالة عدم وجود حكومة، لقد فقدوا السيطرة على كل شيء".

وعلى الرغم من ويلات أحدث موجة من الفيروسات، تظهر الصور ومقاطع الفيديو من إيران استمرار الحياة بشكل طبيعي في الشوارع، حيث تظل المكاتب والمتاجر والمطاعم مفتوحة بكامل طاقتها، ولم يتم فرض أي قيود تخص السفر أو ارتداء الأقنعة أو التباعد الاجتماعي، وكثير من الناس، المنهكين من ضغوط الاقتصاد الضعيف والوباء وانعدام الثقة في الحكومة، لا يتبعون البروتوكولات الموصى بها.

وقال نائب وزير الصحة، إيراج حريرجي، الأسبوع الماضي، إن عدد الوفيات في إيران سيرتفع لمدة 6 أسابيع، بحسب تقديرات وكالات دولية، كما تم تصنيف جميع محافظات إيران الـ 31 تقريبا على أنها "حمراء"، وهو أعلى مستوى من المخاطر بموجب نظام التنبيه الإيراني.



وفيما بدا كتنازل أمام نقد الأطباء، قال الحرس الثوري الإسلامي، يوم الخميس، إن قادته الإقليميين سيتخذون خطوات للمساعدة في منع الحركة غير المقيدة للأشخاص في جميع أنحاء البلاد، ولكنه لم يكشف تفاصيل عن كيفية عمل هذه القيود.

وقالت أم في طهران أصيب ابنها البالغ من العمر 13 عاما بكورونا، إنه عندما ساءت أعراض جهازه التنفسي، لم تتمكن من العثور على سرير في المستشفى، وإن الأطباء الذين قاموا بزيارات منزلية بأسعار باهظة أخبروها أنهم ليس لديهم مواعيد متاحة لأيام.

وقالت إنها انتظرت من منتصف الليل حتى الثالثة صباحا خارج صيدلية تعمل على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع للحصول على الأدوية المضادة للفيروسات الموصوفة لها.

وقال إحسان باديغي، الصحفي بصحيفة إيران الحكومية، في مقابلة، إن جارته، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 43 عاما، توفيت قبل أيام قليلة وهي تنتظر سيارة إسعاف لأنها لم تتمكن من العثور على سرير في المستشفى ولا يمكنها تحمل تكاليف خدمات الرعاية المنزلية.

وشرح: "التطعيم أو الحجر الصحي يحتاجان إلى المال والتخطيط ولا يتوفر أي منهما هنا، لذلك ينتشر الوباء وسيظل الوضع يتفاقم، نحن نموت ولا أحد يهتم".

ويبدو أن هناك نقصا في العلاجات الطبية الحرجة مثل السوائل الوريدية والأدوات الحيوية مثل أسطوانات الأكسجين والأدوية المضادة للفيروسات في المستشفيات والصيدليات، ووفقا لمقابلات أجريت مع أطباء من 4 مدن، تُباع هذه الأدوات في السوق السوداء بأسعار باهظة.

وقال الدكتور علي نيكجو، وهو طبيب نفسي يبلغ من العمر 43 عاما في طهران، إن الطاقم الطبي مرهق جسديا ومنهك عاطفيا أثناء عمله في مناوبات مزدوجة في المستشفيات دون انقطاع، وقال إنه تلقى مكالمات عديدة من زملائه الذين يعانون من الاكتئاب والقلق والحزن.

وختم: "الطاقم الطبي يسير في حقل ألغام كل يوم، وهناك شعور عارم بالهجر، ليس فقط بين الأطباء والممرضات، ولكن بين الناس العاديين، نحن نطفو ونغرق".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com