تحقيق استقصائي: وزير البيئة التركي متورط بشبكة فساد حققت الملايين لعائلة أردوغان
تحقيق استقصائي: وزير البيئة التركي متورط بشبكة فساد حققت الملايين لعائلة أردوغانتحقيق استقصائي: وزير البيئة التركي متورط بشبكة فساد حققت الملايين لعائلة أردوغان

تحقيق استقصائي: وزير البيئة التركي متورط بشبكة فساد حققت الملايين لعائلة أردوغان

كشف تحقيق استقصائي أجراه موقع "نورديك مونيتور" الأوروبي، اعتمادا على وثائق تركية مسربة، تورط مراد كوروم وزير البيئة والتخطيط الحضري التركي منذ عام 2018، في شبكة فساد ورشاوى كبرى وإدارته أنشطة تجارية فاسدة حققت الملايين لعائلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وكان كوروم موظفا حكوميا في منصب منخفض المستوى في أنقرة، وسرعان ما ارتقى إلى موقع القوة والنفوذ، وأصبح رئيسا لشركة عقارية كبيرة في عام 2009 ثم وزيرا في عام 2018.

وبين التحقيق كيف أن هذا الترقي السريع في منصب وصلاحيات كوروم، يرجع في جزء كبير منه إلى "مواهب شخصية أتقن فيها بناء علاقات مع عائلة الرئيس أردوغان، خاصة مع نجله بلال وصهره بيرات البيرق".



كان جزءا من تحقيقات الفساد عام 2012

وبحسب التحقيق الاستقصائي، "ظهرت تدابير كوروم التجارية غير القانونية، والتي كانت تدار نيابة عن عائلة أردوغان، على رادار المحققين في سبتمبر 2012 عندما تلقت الشرطة بلاغا بشأن قطب البناء علي أغا أوغلو، الذي اتُهم بشراء ممتلكات عامة بثمن بخس، وتحقيق أرباح ضخمة من خلال تأمين تقسيم المناطق، ثم استحداث تلاعبات في قانون البناء عن طريق رشوة المسؤولين الحكوميين".

وبموجب الوثائق الحكومية المسربة من ملفات الأمن والتحقيق، فقد تبين أن أغا أوغلو عند مواجهة احتمال تعرضه لمخالفات في تعاملاته التجارية والمخاطر الجنائية والعقوبات الإدارية، كان لجأ إلى عبد الله أوغوز بيرقدار، نجل وزير البيئة والتخطيط العمراني آنذاك أردوغان بيراكار، ومستشار صادق صويلو الذي يشغل الآن منصب وزير الداخلية للتستر على مخالفاته لقوانين البناء".

ويكشف التحقيق الاستقصائي الذي نشره موقع نورديك مونيتور، المتخصص بالشؤون التركية ومقره ستوكهولم، أن الشرطة كانت أطلقت، بأوامر من المدعي العام، تحقيقا اكتشفت فيه أن "المخطط أكبر بكثير مما تم وصفه في معلومات المخبرين السريين".

ولذلك وسعت الشرطة نطاق التحقيق من خلال تأمين تصاريح التنصت على المشتبه فيهم. وفي نهاية تحقيق سري استمر شهورا، تأكد للمدعي العام أن مراد كوروم، الذي يشغل الآن منصب وزير البيئة، "لاعب رئيس في شبكة الرشاوى والكسب غير المشروع الذي ينطوي على بيع الممتلكات العامة ومشاريع التحول الحضري، وتغييرات تقسيم المناطق لصالح الأشخاص المقربين من الحكومة".



وثيقة من 32 صفحة

ووفقا لوثيقة ملخص الإجراءات، المكونة من 32 صفحة، والتي حصل عليها ونشرها موقع "نورديك مونيتور"، فقد كان كوروم جزءا من شبكة الجريمة المنظمة التي حصلت على امتيازات خاصة من المسؤولين الحكوميين الذين أساؤوا استخدام سلطتهم في المعاملات التجارية غير القانونية؛ ما كلف الدولة مئات الملايين من الدولارات من الإيرادات المفقودة.

وكانت الشبكة تعمل بالتنسيق الوثيق مع المسؤولين في وزارة البيئة والتخطيط العمراني كما تُظهر الوثيقة.

قصة علاقة كوروم مع عائلة أردوغان

ويوثّق التقرير الاستقصائي كيف بدأ كوروم في استثمار تعاملاته غير القانونية عندما تم اختياره في عام 2006 من قبل عائلة أردوغان كرئيس لقسم خاص في إسطنبول تابع لإدارة تطوير الإسكان المملوكة للدولة (توكي).

يومها منحته الحكومة امتيازات خاصة، وغيرت اللوائح في مشاريع التنمية الحضرية وجعلته شخصية رئيسة في تقرير كيفية إدارة التحول الحضري في إسطنبول.

وبعد ثلاث سنوات، تمت ترقيته إلى منصب رئيس شركة التطوير العقاري (GYO)، المملوكة جزئيا لشركة TOKİ ويديرها مكتب أردوغان في رئاسة الوزراء.

وأشار ملف القضية المرفوعة ضد كوروم إلى أن شبكة الاحتيال التي كان يديرها عبد الله أوغوز بيرقدار، كانت تضم  22 مشتبها حددهم المدعي العام، بينهم مراد كوروم، إذ صدرت أوامر باحتجازهم بشواهد التلاعب في مخططات البناء للمشاريع الإنشائية الكبرى مقابل رشاوى.



اعتراف بأن أردوغان كان يرعى الشبكة

كان كوروم ومجموعته يقدمون رشاوى لموظفي الحكومة لضمان فتح بعض قطع الأراضي التي تضم مباني تاريخية أو مناطق محمية بيئيا أو مساحات خضراء، وإتاحتها للبناء، كما تسببوا في خسارة مالية للدولة من خلال الإعلان عن مبالغ كاذبة لصيانة الممتلكات العامة المحمية في مناطق البناء.

وقد حصل نتيجة تلك البيانات أن الوزير بيراكار غادر منصبه بسبب مزاعم بالفساد بعد أسبوع من إعلان تحقيق في الكسب غير المشروع في الـ17 من ديسمبر 2013.

وفور استقالته، اعترف في مقابلة تلفزيونية مباشرة أنه فعل كل شيء بناء على أوامر من رئيسه، رئيس الوزراء آنذاك، أردوغان، واصفا إياه بأنه "الرجل الذي كان على رأس سلسلة الفساد".



منح العقود الحكومية في سرية ودون تنافس

ووفقا لتفاصيل ملف القضية، كان كوروم يطلب من شركات البناء توقيع عقود لإمدادات الطاقة لمشاريع البناء والتموين للعمال مع شركتين مرتبطتين بمؤسسة أوغوز بيرقدار على الرغم من أن العقود كانت مطلوبة من خلال عملية مناقصة تنافسية وشفافة؛ ما أدى إلى ثراء فاحش على حساب المال العام.

نصوص المكالمات الهاتفية

وأظهرت محادثة هاتفية في الـ21 من نوفمبر 2013، تم التنصت عليها بأمر من أحد القضاة، كيف اتخذ كوروم والوزير بيراكار قرارا بشأن عقود توصيل التموين للعمال في موقع بناء مساكن جماعية في منطقة كاياباشي بإسطنبول

وفي محادثة هاتفية أخرى في الـ26 من أكتوبر 2013، سُمِع بيرقدار يوافق على عمل كوروم في منح عقد تموين لابنه عبد الله وآخر لرجل يدعى علي.

وفي محادثة هاتفية في الـ4 من مارس 2013 ، أمر بيرقدار كوروم بإعطاء عقد تموين آخر لرجل يدعى هاشم كيروغلو.

تمويل وسائل الإعلام الموالية للحكومة بالإعلانات

وكشف ملف التحقيق _أيضا_ كيف مولت حكومة أردوغان بشكل غير مباشر مجموعات إعلامية موالية للحكومة.

ففي اتصال هاتفي بتاريخ الـ20 من نوفمبر 2012، أخبر بيرقدار، كوروم، أن مجموعة البيرق -وهي تكتل كان حليفا مخلصا لأردوغان وله مصالح تجارية في مجالات مختلفة بما في ذلك وسائل الإعلام- اشتكت من عدم تلقي إعلانات كافية من شركات البناء. وقد جاءه الرد بتعهد أن يصار إلى تمويل هذه الصحف وقناة 24 التلفزيونية بالإعلانات

كما أظهر ملف التحقيق _أيضا_ كيف منح كوروم شققا بشكل غير قانوني لأشخاص مقربين من الحكومة عندما كان من المفترض أن تذهب هذه الشقق إلى العائلات ذات الدخل المنخفض إذ تم بناؤها من قبل شركات العقارات التي تسيطر عليها الحكومة.

ففي محادثة هاتفية تم التنصت عليها في الـ9 من يوليو 2013، اتصل بايراكتار بكوروم لتعيين شقة واحدة في مشروع التحول الحضري المبني من قبل شركة "توكي" بجوار الاستاد الأولمبي في إسطنبول. وقال إن علي بالتة، ابن شقيق نائبه محمد بالتة، يريد شقة مساحتها 122 مترا مربعا في ذلك المجمع وطلب منه تقديم خصم جيد في السعر. وأجاب كوروم إنه سيفعل ذلك.

وفي محادثة هاتفية بتاريخ الـ24 من يوليو 2013، اتصل كوروم بمحمد علي كهرمان للشكوى من شركة البناء "تاشيابي"، التي كانت تطلب دفع تعويضات إضافية بمبلغ 57 مليون ليرة تركية على عقودها. واعترف كهرمان أن الشركة حققت بالفعل أرباحا إضافية تراوحت بين 100 و 200 مليون ليرة عندما وافقت السلطات على تغييرات مواتية في خطط البناء في مخطط غير قانوني.



 

حصة عائلة أردوغان من الصفقات الفاسدة

وكشف التحقيق _أيضا_ أن كوروم تابع مخطط الفساد والرشوة بمعرفة كاملة من رئيس الوزراء آنذاك والرئيس الحالي أردوغان. وقد أظهرت محادثة هاتفية جرت في الـ10 من ديسمبر 2013 وتم تسجيلها بموجب أمر المحكمة، أن قطب البناء آغا أوغلو، وعد بالتبرع بالأرض لمنظمة تابعة لعائلة أردوغان اسمها "طورغيف".

وقد سُمع بيرقدار في المكالمة المسجلة، وهو يخبر كوروم "تحدث مع أغا أوغلو ودعنا ننظم ذلك في أقرب وقت ممكن لأن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان يتابع ذلك عن كثب".

ثم يستمر في السؤال عنها بالقول "سأتحدث إلى بلال نجل أردوغان لأتأكد أنه سيتم إعطاء العقد لطور غيف".

ويوثق التحقيق أنه تم اعتقال أغا ​​أوغلو في الـ17 من ديسمبر 2013 في القضية المعروفة بتحقيقات فساد حكومة أردوغان، لكنه أفلت من الملاحقة عندما أوقفت الحكومة التحقيق وتكتمت عليه لاحقا.

مكافأته بوزارة البيئة

ووفقا للصحفي الكندي سعيد صفا، كان كوروم يتعامل مع الشؤون التجارية لعائلة أردوغان، ولا سيما شؤون نجله بلال، وعمل كوسيط مالي للأسرة لسنوات، كما يشير التحقيق الاستقصائي.

وفي عام 2006 نقِل من أنقرة إلى إسطنبول وعُيّن في منصب رئيسي في المؤسسة الحكومية الموكلة بالموافقة على مشاريع التنمية الحضرية وتعزيزها.

وفي عام 2009 تم تعيينه رئيسا لشركة "املاك كونات" إذ ساعد في إثراء عائلة أردوغان بمزايا حكومية من خلال تعديلات على قوانين البناء، وتغييرات في التخطيط وتقسيم المناطق، ومراجعات في تصاريح البناء التي عادت بالفائدة على الأشخاص المقربين، والشركات المقربة من عائلة أردوغان، لتنتهي رعاية أردوغان له بمكافأته وتسليمه وزارة البيئة والتخطيط الحضري، وفقا لتحقيق "نورديك مونيتور".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com