"واشنطن بوست": رئيسي يواجه انهيارا اقتصاديا وأزمة ثقة عامة بالنظام الإيراني
"واشنطن بوست": رئيسي يواجه انهيارا اقتصاديا وأزمة ثقة عامة بالنظام الإيراني"واشنطن بوست": رئيسي يواجه انهيارا اقتصاديا وأزمة ثقة عامة بالنظام الإيراني

"واشنطن بوست": رئيسي يواجه انهيارا اقتصاديا وأزمة ثقة عامة بالنظام الإيراني

مع تولي الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي القيادة في طهران، تواجه بلاده العديد من التحديات والتي تتراوح بين نقص الموارد واختناقات سلاسل التوريد والعقوبات والاحتجاجات المناهضة للحكم والتي تشير إلى استياء أعمق، بينما يضرب وباء كورونا البلاد بقوة مميتة.

ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست"، تعاني إيران في الخارج من العزلة الحادة، حيث أصبحت في صراع متصاعد مع إسرائيل في البر والبحر، وتعطلت المفاوضات مع الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى لإحياء الاتفاق النووي.

وحتى قبل تنصيب رئيسي، اليوم الخميس، دعت جماعات حقوقية إلى محاكمته بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية لدوره المزعوم في عمليات إعدام جماعية في إيران منذ أكثر من 3 عقود.

وألمح الإيرانيون بالفعل إلى أنه قد لا يكون الشخص المناسب لهذه الوظيفة، حيث شارك أقل من نصف الناخبين المؤهلين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي بدا فيها أن رئيسي، وهو رجل دين محافظ للغاية، كان اختيار المرشد الأعلى علي خامنئي.

ومع ذلك، حقق رئيسي فوزًا ساحقًا، بعد منع العديد من المنافسين البارزين من المشاركة في السباق الانتخابي.

توحيد القيادة

وقال بعض المحللين إنه سيساعد على توحيد القيادة الإيرانية بعد سنوات من الاقتتال بين الفصائل خلال فترة حكم الرئيس السابق حسن روحاني، وعزز انتخاب رئيسي السلطة في أيدي المتشددين الإيرانيين، وتركهم أكثر تجهيزا لمعالجة الأزمات العديدة في إيران.

في حين تساءل محللون آخرون عما إذا كان رئيسي سيستعمل تلك الوحدة لتلبية القائمة المتزايدة من المطالب العامة، أم سيعمل على تحقيق أهداف المؤسسة التي خدمها بإخلاص منذ سنوات.

وقال نيما (45 عاما)، مهندس عاطل عن العمل يعيش في طهران إن "الجماعة التي تعتمد أيديولوجية لا تتضمن اكتسابها الشرعية من الناس لن تقبل أي مسؤولية في مواجهة أي أزمة كفاءة، وهذا الوضع لن يتغير على الإطلاق مع قيادة رئيسي وسيزداد سوءًا".

وذكر إسفانديار باتمانجليدج، المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز "بورس آند بازار" للأبحاث الذي يركز على الاقتصاد الإيراني، والذي يتخذ من لندن مقرا له أنه "بين نقص المياه في جنوب إيران، والاستجابة المتعثرة لوباء فيروس كورونا والاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، هناك أزمة ثقة عامة في الحكومة".

وأضاف: "كل هذا يحدث في ظل الانتخابات التي جعلت رئيسي رئيسا، وأسهل طريقة لإزالة الأسئلة التي أثارتها الانتخابات حول الشرعية هي إظهار درجة من الكفاءة الإدارية في العديد من الأزمات التي تواجهها إيران".

وتابع: "أعتقد أن الجميع يتساءل عما إذا كان رئيسي وإدارته سيقبل المسؤولية عن هذه الأزمات ويجعلها أولويته الأساسية".

وفي خطاب ألقاه الثلاثاء، تجاهل رئيسي الإقبال المنخفض على الانتخابات، واصفا الانتخابات بأنها "ملحمة مجيدة"، ولكنه أقر بوجود مطالب من أجل التغيير وتعهد بمكافحة الفقر والفساد والبطالة والتضخم المتصاعد، وقال إن إدارته ستعمل على رأب الصدع بين الإيرانيين وحكومتهم، معترفًا بأن "ثقة الناس قد تضررت".

وأشار بشكل عابر إلى الأزمة الإيرانية الأكثر إلحاحًا، وهي جائحة كورونا التي قتلت ما يقرب من 400 شخص يوميًا خلال الأسبوع الماضي، وفقًا لإحصائيات وزارة الصحة الإيرانية.



وتركت استجابة إيران المتعثرة للأزمة، والتي أُلقي باللوم فيها على حكومة روحاني وكذلك المرشد الأعلى، إيران بدون لقاحات كافية لمواجهة تفشي المرض الأخير ودفع الإيرانيين للجوء إلى السوق السوداء وحتى أرمينيا للحصول على اللقاحات.

وقال باتمانجليدج إنه مع تداول مقاطع الفيديو في الأيام الأخيرة عن المستشفيات والمرضى المكتظين في الممرات، أصبحت جائحة كورونا بمثابة اختبار مبكر لقيادة رئيسي.

رفع العقوبات الأمريكية أولوية

ويتمثل الاختبار الآخر فيما إذا كان مجلس وزراء رئيسي قادرا على إظهار أنه لديه فهم واضح للحكم الفعال، أو ما إذا كان يفضل اختيار مرؤوسيه على أساس تحالفهم السياسي.

واعتبر باتمانجليدج أن الاقتصاد الإيراني يتحسن، لكن "أي انتكاسة فيما يتعلق بالتجارة الخارجية أو الثقة في استقرار العملة أو مخاوف بشأن ميزانية الحكومة يمكن أن تعيد الاقتصاد إلى الأزمة التي يمر بها منذ 3 سنوات".

وشرح أن الأولوية الأكثر إلحاحًا ستكون رفع العقوبات الأمريكية، التي ضاعفت من معاناة إيران الاقتصادية وأخافت الشركات الأجنبية التي يمكنها تحديث البنية التحتية للبلاد.

وسيتعين على الحكومة إجراء المزيد من التغييرات، لتوفير الإغاثة للصناعات الحكومية التي يعوقها نقص الكهرباء وغيرها من المشاكل، وكذلك الشركات التي تعلق في شبكة القيود البيروقراطية والروتين المعقدة.

وكشفت الاحتجاجات التي اندلعت الشهر الماضي في جنوب إيران بسبب نقص المياه عن التحديات المتشابكة التي تواجه الحكومة، التي اتُهمت لسنوات بسوء إدارة الموارد الإيرانية والرد على الشكاوى بإجراءات ضعيفة وقمع المحتجين.



ويتم تحويل 90 % من موارد المياه المتناقصة في إيران للزراعة، وأدى بناء السدود والجفاف والاحتباس الحراري إلى تفاقم النقص، سيما في جنوب غرب إيران، وهي منطقة زراعية تمتلك أيضًا أكثر من 80 % من احتياطيات النفط في البلاد.

وعلى الرغم من امتلاكها معظم نفط البلاد، تعاني المنطقة من الفقر وتكتنفها شكاوى طويلة الأمد من التمييز والإهمال الحكومي.

وأدى نقص الموارد في محافظة خوزستان الجنوبية الغربية، التي يقطنها العرب، لاندلاع الاحتجاجات مرارًا وتكرارًا في السنوات الأخيرة.

وقال إبراهيم بخشي، وهو ناشط حقوقي وُلد في خوزستان ويعيش الآن في المنفى إن "أزمة المياه مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بسبل عيش الناس".

وأوضح أن عائلته غادرت المقاطعة منذ أكثر من عقد بسبب تلوث المياه والهواء، ونقل التربة الخصبة من المنطقة وبناء السدود إلى جفاف بساتين النخيل على مر السنين.

وذكر بخشي أن هتافات الاحتجاجات الأخيرة ركزت الغضب على حكام إيران وكذلك المخاوف من أن هدف الحكومة هو إجبار السكان المضطربين على الخروج من المنطقة.

وقبل أن تهدأ احتجاجات خوزستان، أوقفت السلطات الوصول إلى الإنترنت مع انتشار مظاهرات التضامن مع المتظاهرين على المياه إلى أجزاء أخرى من إيران، بما في ذلك العاصمة طهران.

ورأى باتمانجليدج أن "الاحتجاجات في إيران كانت تحدث بشكل ثابت إلى حد كبير وعلى مستوى منخفض منذ 3 سنوات حتى الآن، مشيرا إلى أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت الحكومة تنظر إلى استمرار الاحتجاجات كأمر مقلق أم كوسيلة يمكن إدارتها للتنفيس عن الغضب العام".



وقال ناصر كرامي، الخبير في المناخ والجغرافيا الإيرانية، وهو خوزستاني الأصل، عن الاحتجاجات: "أعتقد أنها ستبدأ من جديد، فمن المرجح أن تستمر المشاكل طالما لم يحدث تغيير في الأولويات الإيرانية والتي تتمثل الآن في زيادة عدد السكان والسعي إلى تحقيق أهداف زراعية غير مستدامة شجعت المزارعين على محاولة زراعة المحاصيل في الصحاري".

واعتبر ناصر أن أيديولوجية حكام إيران دفعت البلاد نحو تدهور الأراضي، وقال إن "رئيسي لا يسعى للتنمية، بل لتعميق الأهداف الأيديولوجية للجمهورية الإسلامية، الأمر الذي سيزيد من المشاكل بدلا من حلها".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com