"حريق ذي قار".. حادث عرضي أم رسائل سياسية؟
"حريق ذي قار".. حادث عرضي أم رسائل سياسية؟"حريق ذي قار".. حادث عرضي أم رسائل سياسية؟

"حريق ذي قار".. حادث عرضي أم رسائل سياسية؟

تجري تحقيقات عراقية مكثفة، للتوصل إلى تفاصيل حريق الناصرية في محافظة ذي قار، وسط أحاديث عن تورط جهات سياسية في حادثة اعتبرها مراقبون "كارثة".

وتضاربت الأنباء بشأن الحصيلة النهائية للحريق، ففي الوقت الذي أعلنت وزارة الصحة مقتل 62 شخصًا، قالت مديرية الصحة المحلية، إن عدد القتلى بلغ 92 شخصًا، فيما بلغ عدد المصابين أكثر من 100.

وما إن انجلى دخان الحريق، حتى انهالت التساؤلات على شفاه العراقيين، بشأن سبب الحادث، وفيما إذا كانت هناك جهات تورطت فيه، أم أن الأمر "قضاء وقدر"، فيما يقول آخرون، إن الحادث وإن لم يتورط به أحد، فهو يأتي في سياق منظومة الفساد التي يعاني منها العراق بشكل كبير.

وأعلنت الحكومة العراقية تشكيل لجنة تحقيق في الحادثة، على أن تعلن نتائجها بعد أسبوع.



وقال مسؤول في مديرية الدفاع المدني، بمحافظة ذي قار، إن "وضع المستشفى كان ينذر بكارثة منذ عدة أسابيع، فهو أنشئ العام الماضي، من مادة (سندويج بنل)، ولم تجرِ أعمال الصيانة اللازمة له منذ إنشائه على عجالة، لاستيعاب مصابي كورونا، حيث غابت عنه معدات السلامة ومنظومات الحرائق والإنذار المبكر".

وأضاف المسؤول، الذي رفض الكشف عن اسمه، لـ"إرم نيوز"، أن "نداءات الدفاع المدني، خلال الأشهر الماضية، وتحذيراته كانت تصل إلى أسماع المسؤولين، لكنهم لم يكترثوا لها، إذ أصبح المستشفى في أيامه الأخيرة، عبارة عن مستنقع آسن، واكتظ بالمصابين، وانهارت معداته وأدواته بسبب الضغط عليه".

ولفت إلى أن "التحقيقات الجارية ستثبت ما إذا كان هناك تواطؤ أو تورط من جهات معينة، سياسية أو أمنية".



تلميح يشعل التكهنات

يتهم عراقيون أحزابًا سياسية متنفذة بالمحافظة بالتورط في الحادثة، وإشعال المستشفى، لتصفية حسابات فيما بينها، وإرسال رسائل "نارية" إلى الخصوم.

وما عزز تلك التكهنات، حديث رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، الذي ألمح إلى تورط جهات سياسية في تلك الحادثة.

وقال الكاظمي خلال جلسة مجلس الوزراء، الثلاثاء، إن "الحاجة صارت ملحّة لإطلاق عملية إصلاح إداري شامل، وأهم خطوات الإصلاح، هو فصل العمل الإداري عن النفوذ السياسي".

وأضاف أن "النتائج ستقود – إن شاء الله - إلى معرفة المقصرين المباشرين، ولا أتمنى أن يكون في أي مرحلة من مراحل التقصير وجود تعمّد حقيقي".

وتابع قائلًا: "والله أنّ وطنيتنا لا تتقبل فكرة أن يتعمّد العراقي قتل أخيه من أجل هدف سياسي، ولعنة الله على كل منفعة أو منصب تجعل الإنسان يستهتر ويستخف بدم أخيه، ولعنة الله على كل منفعة سياسية أو مادية تسخط الإنسان لتجعله أداة يفجر أبراج الكهرباء؛ من أجل إثبات وجهة نظره، وإفشال العاملين من أجل وطنهم".

وأوضح: "عندما تنجرف السياسة بعيدًا عن المبدأ الأخلاقي والالتزام الإنساني، فسنكون تحت سيطرة مبدأ شريعة الغاب بعينها، لن نتسامح مع الفاسدين أو المتلاعبين بأرواح المواطنين أيًا كانت صفاتهم أو انتماءاتهم".



أبعاد الضغوط السياسية

يؤكد مراقبون أن توزيع المناصب الحكومية في العراق، مثل الوزارات ومديرياتها في المحافظات، "يعتمد على المحاصصة الحزبية والطائفية كذلك، وكثيرًا ما تنشب سجالات إعلامية، أو معارك كلامية بين كتل سياسية، بسبب تلك المناصب، التي توفر دائمًا النفوذ والمال المهم لتمويل تلك الأحزاب، حيث يغيب عامل الكفاءة والمهنية، في ظل الصراع الدائر بين تلك الكتل على المناصب، إذ يتسلم مهام الإدارة شخصيات غالبًا تقدم ولاءها الحزبي والطائفي، على مقتضيات المصلحة العامة، ومتطلبات العمل الحكومي، وهو ما يتسبب بفساد إداري، سواءً عن طريق سرقة مفضوحة أو سوء الإدارة".

من جهته، يرى الخبير في الشأن العراقي، علي البيدر، أن "جميع المؤشرات تدل على أن هناك عملية مدبرة أدت إلى حرق مستشفى الإمام الحسين بتلك الطريقة البشعة، إذ من الواضح أن جهة معينة أرادت تطبيق العقوبة الجماعية بحق أهالي الناصرية، انتقامًا من الاحتجاجات التي تشهدها المدينة".

وأضاف البيدر في تصريح لـ"إرم نيوز"، أنه "يجب انتظار نتائج التحقيق في الحادث، وإبعاد الضغوط السياسية عنها".

وأشار إلى أن "الكثير من الأبنية الحكومية بنيت في ثمانينيات القرن الماضي، وهي تحتاج إلى توفير منظومة حماية متطورة تتعلق بالكوارث الطبيعية والحرائق، فضلًا عن تفعيل الجهد الاستخباراتي لمنع وقوع مثل هكذا حوادث تخريبية مستقبلًا".

وجاء في تقرير مبدئي للشرطة، أن الحريق كان بسبب انفجار أسطوانة أكسجين.

وأشار التقرير إلى أن مبنى المستشفى به ألواح خفيفة الوزن تفصل بين الأجنحة، مما ساهم في انتشار الحريق بسرعة أكبر.

كما يفتقر المستشفى لعدد كاف من مخارج الطوارئ، وهو ما تسبب في سقوط عدد أكبر من الضحايا.

وهذه ثاني مأساة من نوعها تحدث في العراق خلال 3 أشهر، وألقى الرئيس العراقي، الثلاثاء، باللوم في كلا الحادثين على الفساد.

وفي أبريل/ نيسان، أسفر انفجار مماثل في مستشفى لعلاج مصابي كورونا في بغداد، عن مقتل ما لا يقل عن 82 شخصًا.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com