"فاينانشال تايمز": سباق الجماعات المتطرفة على الذهب يشعل العنف ويهدد الاستقرار في أفريقيا
"فاينانشال تايمز": سباق الجماعات المتطرفة على الذهب يشعل العنف ويهدد الاستقرار في أفريقيا"فاينانشال تايمز": سباق الجماعات المتطرفة على الذهب يشعل العنف ويهدد الاستقرار في أفريقيا

"فاينانشال تايمز": سباق الجماعات المتطرفة على الذهب يشعل العنف ويهدد الاستقرار في أفريقيا

قالت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، إن السباق الذي تقوده الجماعات المتطرفة في أفريقيا على الفوز بالذهب يشعل العنف في القارة السمراء، ويهدد استقرارها.

وأضافت الصحيفة في تقرير نشرته، اليوم الأحد، أن "الجماعات المسلحة تتصارع من أجل السيطرة على مناجم الذهب، والتجارة المربحة للمعدن النفيس، والذي ينتهي به المطاف لتنقيته في عدة مراكز عالمية".

صراع وهجمات دموية

وتابعت الصحيفة "على جانب الطريق السريع المؤدي إلى جنوب مدينة (كايا) الواقعة في وسط بوركينا فاسو، يقوم "بوريما أودراغو" بمزج خام الذهب مع الماء والصابون في برميل نفطي أصابه الصدأ".

وأضافت أنه "منذ شهرين، أُجبر (أودراغو) على الهروب من منجم للذهب بالقرب من "سولهان"، القرية الواقعة على بعد 100 كيلو متر إلى الشرق، حيث كانت هناك مجموعة تحمل الأسلحة وتطلق الرصاص، و100 منهم على الأقل يركبون دراجات بخارية، قالوا إنه يتعين على العاملين في المنجم الرحيل أو الموت".

وأشارت الصحيفة إلى أن "سولهان تقع  شمال شرق بوركينا فاسو، في منطقة تضم حدود 3 دول، من بينها مالي والنيجر، والتي تشهد خلال السنوات القليلة الماضية نشاطاً كبيراً للمتطرفين، ما تسبب في مقتل الآلاف وتشريد الملايين، ونهب مساحات واسعة من الأراضي غير الخاضعة للسيطرة الحكومية".



مثلث العمليات

وبينت الصحيفة أن موجة العنف التي تستهدف الآن مناطق تعدين الذهب، تهدد بزعزعة استقرار المنطقة على نطاق أوسع والتي تضم الدول الواقعة على الساحل، مثل كوت دي فوار، وغانا.

ونقلت الصحيفة عن "زفيرين ديابري"، وزير المصالحة في الحكومة الفيدرالية البوركينية، قوله: "هناك خطر كبير؛ لأن هدف هؤلاء الإرهابيين هو أن يكونوا قادرين على المناورة من الدول الواقعة على الساحل إلى منطقة الصحراء، وهي منطقة تفوق في مساحتها شرق أوروبا".

من جانبها، قالت "عائشة أوسوري"، مديرة مبادرة المجتمع المفتوح لغرب أفريقيا، والتي تتخذ من العاصمة السنغالية دكار مقرا لها: "إذا انهارت منطقة الساحل، فإنه سيكون هناك تأثير مباشر يتمثل في عدم الأمن والعنف الشامل، وانهيار الحدود، وسوف يتسلل المشردون المنتشرون في المنطقة إلى دول أكثر أمنا في المنطقة، ثم يأخذون طريقهم إلى أوروبا".

ويوم الرابع من يونيو/حزيران الجاري، وصل متطرفون على متن دراجات بخارية إلى "سولهان"، مركز تعدين الذهب في المنطقة، وقاموا بمجزرة لقي فيها 130 شخصا على الأقل مصرعهم. قالت الحكومة والأمم المتحدة الأسبوع الماضي إن المهاجمين تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 14 عاما، وكان هذا الهجوم هو الأكثر دموية في تاريخ بوركينا فاسو.



السيطرة على الذهب

ورأت الصحيفة البريطانية أن هذا الهجوم يعتبر مؤشرا على مخطط المتطرفين، للحصول على موارد للتمويل، من خلال الاستهداف المباشر للمناجم التي تنتج ما يصل إلى 30 طنا من الذهب سنوياً، وبعد هذا الهجوم الدموي، قررت منطقة الساحل تعليق كل أنشطة تعدين الذهب، في اعتراف بالعلاقة المتزايدة بين التطرف والسيطرة على المعدن النفيس.

واستطردت الصحيفة بقولها: "مع ارتفاع أسعار الذهب منذ العام 2000، فإن التعدين الصناعي شهد قفزة كبيرة في بوركينا فاسو. أدت زيادة الإنتاج إلى وضع الذهب على قمة الصادرات في الدولة، بطفرة كبيرة، وصلت من 2% في العام 2007 إلى 7% في العام 2019.

وأضافت أن الجماعات المسلحة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر استولت على مساحات واسعة من الأراضي منذ العام 2016، في الوقت الذي يعمل فيه بعض كبار القائمين على التعدين في تلك المناطق كمهربي مخدرات أيضا.

وفي ديسمبر الماضي، صادر الإنتربول 40 ألف إصبع ديناميت خلال عملية على الحدود الواقعة بين بوركينا فاسو، مالي، النيجر، وكوت دي فوار، حيث كانت هذه الشحنة موجهة إلى عمليات تعدين الذهب غير الشرعية، والتي تمثل مصدرا جديدا للتمويل، كما أنها أيضا تعتبر عنصرا مهما في تجنيد أعضاء جدد لصالح تلك الجماعات الإرهابية.

ونوهت إلى أن بعض المناطق الخاصة بالتعدين يتم تأمينها عبر قوات دفاع ذاتي متطوعة مثل: "كوجلويوغو" في بوركينا فاسو، الصيادون التقليديون مثل "الدوزو" في مالي، وجماعات متمردة في النيجر.

غياب دور الحكومات

ينتشر العنف على نطاق واسع في المنطقة الحدودية المشتركة بين الدول الثلاث، دون أن تكون هناك قدرة للحكومات للوصول إليها وسط حالة من القلق جراء تصاعد وتيرة استيلاء الجماعات المتطرفة على مناطق التعدين خاصة في بوركينا فاسو.



ونقلت الصحيفة عن "ديودوني نونابا"، رئيس جمعية "ويندكوني"، في مقاطعة "نامينتينغا"، وهي منظمة غير حكومية، قوله: "لم يستهدفوا مناجم تعدين الذهب في البداية كثيرا، ولكنهم الآن يفعلون ذلك، وبوتيرة متصاعدة".

من جانبه، قال "دانيل إيزينغا"، الباحث في المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية، التابع لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون": "العنف في بوركينا فاسو خلال العام الأخير ترتفع وتيرته بشدة حول المناطق التي تتركز فيها مناجم الذهب، من الواضح بشدة وجود علاقة بين الذهب وارتفاع وتيرة العنف والهجمات الإرهابية".

زواج المصلحة

وكشفت صحيفة "فاينانشال تايمز"، أن " الدول الثلاث تقع في قلب مزيج من العنف الذي انتشر في جميع أنحاء المنطقة، منذ أن انضم متمردو الطوارق إلى الجماعات المتطرفة للاستيلاء على شمال مالي العام 2012. وتدخلت فرنسا لسحق التمرد العام 2013 لكنها الآن تعمل على إصلاح مهمة عملية "برخان" لمكافحة الإرهاب في محاولة للسيطرة على الأزمة".

وقالت الصحيفة: "ولكن زواج المصلحة الأصلي بين المتطرفين والمتمردين في مالي هو نموذج للمنطقة الرمادية للإجرام في الساحل، قد يكون الرجل مهربا أو متطرفا أو متمردا أو من قطاع الطرق، أو عضوا في ميليشيا عرقية، وذلك بحسب تطور الأحداث بشكل يومي".

وأضافت "تتكون الجماعات المتطرفة الرئيسية في منطقة الساحل من جماعة "نصر الإسلام والمسلمين" المرتبطة بتنظيم القاعدة المتشدد، وهي عبارة عن تحالف من الجماعات الأكثر انتشارا، وسبق لها التفاوض مع السلطات في مالي وبوركينا فاسو، بالإضافة إلى فرع تابع لتنظيم داعش المتشدد، في الصحراء الكبرى، ويعتبر أكثر وحشية وغير راغب في التفاوض مع الحكومات".

وتقوم تلك الجماعات بممارسة أنشطة غير قانونية مثل التهريب وسرقة المواشي والخطف للحصول على فدية، وتجارة المخدرات والسلاح، للحصول على الأموال.

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول "تستغل الجماعات المتطرفة ابتعاد الحكومات عن بعض المناطق لفترات طويلة، إضافة إلى عجز تلك الحكومات عن التخلص من تلك الجماعات.. يمكن للمتطرفين استغلال الإحباط المحلي من السياسات الرسمية، حيث يدفع كثيرون بأن المسؤولين يفضلون مجموعات التعدين الصناعية الأجنبية على المحلية، حيث تعرضت الأولى أيضا لهجمات عديدة من المتطرفين".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com