لماذا يصر أردوغان على ربط حزب الشعوب الديمقراطي المعارض بـ"الإرهاب"؟
لماذا يصر أردوغان على ربط حزب الشعوب الديمقراطي المعارض بـ"الإرهاب"؟لماذا يصر أردوغان على ربط حزب الشعوب الديمقراطي المعارض بـ"الإرهاب"؟

لماذا يصر أردوغان على ربط حزب الشعوب الديمقراطي المعارض بـ"الإرهاب"؟

يحرص الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على تصوير حزب الشعوب الديمقراطي وحلفائه كجزء من حزب العمال الكردستاني، المحظور في البلاد، لضمان بقائه في السلطة، حسب تقرير لصحيفة "التايمز".

"التطرف القومي"

منذ أيام حمل المتظاهرون في جميع أنحاء تركيا صورا لـ "دنيز بويراز"، ضحية هجوم إزمير، والتي قد تبدو لمن يراها، كأي شابة أخرى، ولكن بالنسبة لـ أونور جينسر، الرجل الذي قتلها بالرصاص، كانت متعاونة مع الإرهاب وتشكل تهديدًا على الأمة التركية.

كان "أونور"، الذي اقتحم مبنى مكتب حزب الشعوب الديمقراطي ذا الجذور الكردية في إزمير، -حيث عملت بويراز (27 عامًا)-، قوميًا متطرفًا سبق له القتال كمتطوع إلى جانب الميليشيات التركمانية في سوريا.



وأثناء اعتقاله قال أونور للشرطة إنه نفذ الهجوم لأنه "يكره حزب العمال الكردستاني"، في إشارة إلى ميليشيا كردية محظورة تقاتل الدولة التركية منذ أوائل الثمانينيات، ووفقا لصحيفة "التايمز"، "لا يعتبر أونور جزءًا من مجموعة متطرفة مهمشة، حيث تتردد آراؤه في قمة الحكومة التركية".

ومن جانبه، وصف رئيس حزب الحركة القومية، وشريك أردوغان اليميني المتشدد وأحد أقوى الشخصيات في تركيا، دولت بهجلي، الضحية بأنها "إرهابية وكانت تعمل على تجنيد الإرهابيين للميليشيا".

وقبل يوم من إدلائه بهذه التعليقات، قبلت المحكمة الدستورية لائحة اتهام لإغلاق حزب الشعوب الديمقراطي على أساس أنه مرتبط بـ"الإرهاب".

وقال إرتوجرول كوركو، الرئيس الفخري لحزب الشعوب الديمقراطي، وهو ثالث أكبر حزب في البرلمان التركي والذي يمتلك قاعدة ناخبين تشمل الأقلية الكردية في البلاد واليساريين الأتراك والليبراليين الاجتماعيين: "هناك صلة مباشرة بين الهجوم على بويراز واستهداف بهجلي لحزب الشعوب الديمقراطي كجزء من حزب العمال الكردستاني، فقد أوجد ذلك سيكولوجيا عامة في أوساط القوميين المتطرفين الذين يسعدهم استخدام العنف في خطابهم السياسي يوميا، وهذه القضية المرفوعة ضد حزب الشعوب الديمقراطي لا تتعلق بمكافحة الإرهاب، بل هي جزء من كفاح الائتلاف الحاكم من أجل البقاء"، مشيرا إلى أن نظام أردوغان يحاول تصوير خصومه الذين يهددون هيمنته على السلطة، كإرهابيين.



هذا ويذكر أن الأقلية الكردية في تركيا، والتي تشكل حوالي 15 % من سكانها، عانت من القمع السياسي شبه المستمر منذ تأسيس الجمهورية قبل ما يقرب من قرن من الزمان، وأصدرت المحاكم أوامر إغلاق متعاقبة ضد الأحزاب السياسية الكردية، كما تم سجن الأكراد لمجرد التحدث بلغتهم الأم في عصور سابقة.

في الوقت نفسه، كان صراع حزب العمال الكردستاني في منطقة جنوب شرق تركيا ذات الأغلبية الكردية، يتفاقم ويتراجع مما أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص على مدى 4 عقود.

وفي البداية جلبت حقبة أردوغان هدنة، مما أنتج عن عملية سلام أدت إلى وقف إطلاق النار في عام 2013.

وبعد تأسيس حزب الشعوب الديمقراطي في عام 2012، وفي انتخابات يونيو 2015 تمكن الحزب ذو الجذور الكردية من تجاوز عتبة الـ 10 % اللازمة لتأمين مقاعد في البرلمان التركي.



وركز الحزب على حقوق المثليين والمرأة والهوية الكردية، مما أعطى الأمل في أن السياسة الكردية قد تتطور وتصبح جزءًا من المسار السياسي السائد بدلا من اتباع نهج عنيف.

التحالف مع "الحركة القومية"

إلا أن نجاح حزب الشعوب الديمقراطي حرم حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه أردوغان من أغلبيته البرلمانية الصريحة، مما دفعه إلى تشكيل ائتلاف مع حزب الحركة القومية اليميني بزعامة بهجلي.

وفي غضون أشهر، انهارت عملية السلام وبدأ حزب العمال الكردستاني حملة عنيفة جديدة، تركزت في البلدات والمدن التي يسيطر عليها حزب الشعوب الديمقراطي.

هذا وتم القبض على صلاح الدين دميرتاس، زعيم حزب الشعوب الديمقراطي في عام 2016 ولا يزال في السجن، وهو يواجه محاكمة بتهم الإرهاب قد تؤدي إلى الحكم عليه بالسجن 142 عامًا.

كما تمت إزالة جميع رؤساء البلديات من حزب الشعوب الديمقراطي المنتخبين في الانتخابات المحلية في مارس 2019 من مناصبهم واستبدالهم بأشخاص معينين من قِبل الحكومة.

وعلى الرغم من أن القتال في الجنوب الشرقي وصل الآن إلى أدنى مستوياته منذ عام 2015، واتجه مقاتلو حزب العمال الكردستاني المخضرمين عبر الحدود إلى شمال العراق، تواصل الحكومة تصوير حزب الشعوب الديمقراطي كتهديد إرهابي يهدد وجود الدولة التركية.

التخلص من "الشعوب الديمقراطي"

ومن جانبهم يقول المحللون والمعارضون إن الحزب يهدد استمرار هيمنة أردوغان على تركيا، فبعد 18 عامًا في السلطة، تراجعت شعبية حزب أردوغان إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، حيث أظهرت التقييمات أنه قد يواجه صعوبة في الفوز بالرئاسة أو البرلمان في الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في عام 2023.

ومن شأن التخلص من حزب الشعوب الديمقراطي من المعادلة الانتخابية أن يعود على أردوغان بفائدتين: منح تحالف أردوغان حصة أكبر من المقاعد البرلمانية، والضغط على تحالف هش نشأ بين حزب الشعوب الديمقراطي والمعارضة الرئيسية، والتي كانت مترددة تاريخيًا في الانحياز للهوية الكردية السياسية خوفًا من تنفير أجزاء من قاعدتها.

وقال جوني يلدز، وهو زميل في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية للدراسات التركية التطبيقية، والذي يتخذ من برلين مقرا له: "استراتيجية الاتصالات السياسية لحزب العدالة والتنمية تستند إلى إدارة الاستقطاب، وليس التخلص منه، فإذا كان الاستقطاب يعمل ضد الأكراد وخاصة حزب الشعوب الديمقراطي، فهذه مشكلة للمعارضة".

وأضاف: "حتى الآن، قامت المعارضة بتأجيل قرار تكوين علاقتها بحزب الشعوب الديمقراطي، ولكن قضية الإغلاق وهجوم إزمير ستدفعهم لتقديم بيان ما، وفي حين كان من المحزن أن تعود تركيا إلى نهج إغلاق الأحزاب مرة أخرى، إلا أنه كان أمرا متوقعا".

ووفقًا للحكومة، كانت خطوة إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي قرار قضائي بحت لا تأثير للسياسة عليه، إلا أن عمليات التطهير التي تبعت محاولة الانقلاب الفاشل لعام 2016 ضد أردوغان، حرصت على طرد أكثر من ثلث القضاة والمدعين العامين واستبدالهم بأولئك الذين أثبتوا ولاءهم للنظام.



هذا وكانت المحكمة الدستورية واحدة من آخر معاقل الاستقلال، ولكن الخبراء القانونيين يقولون إنها أيضًا تخضع الآن إلى حد كبير لسيطرة الموالين للحكومة.

ويذكر أن إغلاق الحزب السياسي يتطلب قرارًا بأغلبية الثلثين في المحكمة، وقال عثمان كان، أستاذ القانون الدستوري وقاض سابق في المحكمة الدستورية: "للأسف، تغير ميزان المحكمة مع التعيينات التي تمت في السنوات الأربع الماضية، ولا يبدو اتخاذ قرار مستقل أو محايد ممكنا الآن، وإذا لم يكن القضاء مستقلا وحياديا، سيصبح ساحة للصراع على السلطة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com