تحليل: خطة نتنياهو لتهميش القضية الفلسطينية وتناسي عرب 48 في الداخل "فشلت"
تحليل: خطة نتنياهو لتهميش القضية الفلسطينية وتناسي عرب 48 في الداخل "فشلت"تحليل: خطة نتنياهو لتهميش القضية الفلسطينية وتناسي عرب 48 في الداخل "فشلت"

تحليل: خطة نتنياهو لتهميش القضية الفلسطينية وتناسي عرب 48 في الداخل "فشلت"

قبل نحو أسبوع، بدا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى لإثبات عدم صحة مقولة: "كل المهن السياسية تنتهي بالفشل"، إذ كانت قبضته على السلطة في إسرائيل تضعف، ولكن حتى لو خسر منصبه، كان نتنياهو سيغادر السياسة بصفته رئيس وزراء إسرائيل الأطول خدمة على الإطلاق، وأحد أهم الرجال في تاريخها.

وفي العام الماضي، بدا أن إسرائيل في عهد نتنياهو تعيش في سلام وتزدهر وتخرج من عزلتها الدولية تدريجيا، ولم يعد يحتل الصراع الطويل والدامي مع الفلسطينيين عناوين الصحف، كما أدى برنامجها الناجح للتطعيم ضد فيروس كورونا إلى زيادة تحسين صورة إسرائيل، ولم يتبق أمام نتنياهو سوى عقبة صغيرة تتمثل في تجنب الإدانة في محاكمة فساد وعقوبة السجن المحتملة، ليكون إرثه آمنا.

 

مجرد وهم

ومع ذلك وفقا لصحيفة "فايننشال تايمز"، خلال الأسبوع الماضي، انهارت خطة نتنياهو لتأمين مستقبل إسرائيل، وثبت أن أمل رئيس الوزراء الإسرائيلي في تهميش القضية الفلسطينية مجرد وهم، إذ تصاعد الخلاف، الذي بدأ مع اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمتظاهرين المسلمين في القدس، ووصل لإطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية وقصف إسرائيل لغزة واندلاع اشتباكات عنيفة بين العرب واليهود في جميع أنحاء إسرائيل.

وبتشجيع من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، اتبعت حكومة نتنياهو ما أطلق عليه البعض إستراتيجية "من الخارج إلى الداخل"، التي تقوم على فكرة أن إسرائيل يجب أن تسعى إلى عقد اتفاقيات مع العالم الخارجي، وخاصة العالم العربي، للمساعدة في حل نزاعها الداخلي مع الفلسطينيين.

وذلك على عكس النهج التقليدي "من الداخل إلى الخارج" للتعامل مع الصراع، الذي كان ينص على أنه يتعين على إسرائيل أوّلا التوصل لتسوية مع الفلسطينيين؛ وعندها يمكن أن توقع اتفاق سلام دائم وتحصل على القبول الدولي.



سكان "التيبت"

أما بالنسبة للفلسطينيين، وفق التقرير، فكان الأمل المتعجرف في دائرة نتنياهو هو أنهم، في حالة حرمانهم من الدعم العربي والدولي، سيفقدون الإرادة للمقاومة، ويمكن أن يستمر نشطاء حقوق الإنسان في دعم قضيتهم، لكن العالم الأوسع سوف يمضي قدما؛ ما يسمح لإسرائيل بفرض شروطها الخاصة على السكان الفلسطينيين الضعفاء والمشتتين.

وتكهن بعض الإسرائيليين بأن الفلسطينيين قد ينتهي بهم الأمر مثل سكان التيبت، وهم شعب تبدو تطلعاته الوطنية بائسة ومنسية.

وألحقت الصواريخ، التي تسقط على المدن الإسرائيلية من غزة أضرارا جسيمة ليس فقط بالممتلكات والأرواح، ولكن أيضا بتلك الإستراتيجية، ويبدو أمل أن تجعل سياسات نتنياهو القضية الفلسطينية منسية، ساذج الآن.

وتجددت الإدانة الدولية للأعمال الإسرائيلية، مدفوعة بمقتل المدنيين في غزة، بمن فيهم العديد من الأطفال، ويبدو أنه من المستبعد أن يحدث المزيد من الانفراجات الدبلوماسية الإسرائيلية.

والأخطر من ذلك كله، أن الاشتباكات الوحشية بين اليهود والعرب الإسرائيليين، الذين يشكلون 20% من سكان الدولة، أدت إلى نقل الصراع إلى داخل حدود إسرائيل نفسها؛ ما أدى إلى الحديث عن حرب أهلية.



شرارة الحرب

وفي السنوات الأخيرة، أصبح العديد من السياسيين الإسرائيليين يأملون ويعتقدون أن العرب الذين يعيشون داخل الخط الأخضر لم يعودوا يتعاطفون مع القضية الفلسطينية بقوة، لكن الأزمة الحالية أعادت إحساسا متجددا بالوحدة بين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية وإسرائيل نفسها، ولم تعد هناك مصداقية لفكرة أن المشكلة الفلسطينية يمكن عزلها بأمان وبعيدا عن الأنظار.

وبدلا من ذلك، قد تكون إستراتيجية نتنياهو زادت من التهديد لبلاده، من خلال فتح جبهة جديدة داخل إسرائيل نفسها دون قصد، وهذا التهديد سيبقى حتى بعد توقف قصف غزة.

وكان الخلل الرئيس في إستراتيجية من الخارج إلى الداخل هو افتراضها أن اليأس الفلسطيني سيؤدي إلى الصمت، ولكن الواقع أن الجرأة المتزايدة لليمين الإسرائيلي المتطرف المصمم على المضي قدما في المزيد من عمليات ضم الأراضي والممتلكات الفلسطينية، وفرت في النهاية الشرارة، التي أشعلت الحرب الأخيرة.

وكان نتنياهو يتودد لليمين المتطرف ويمنحه الشرعية في سعيه وراء حلفاء في جهوده للتمسك بالسلطة.



طريق مسدود خطير

بالنسبة لنتنياهو نفسه، للأزمة الحالية فائدة كبيرة، فبعد الانتخابات غير الحاسمة الرابعة على التوالي، كان خصومه على وشك تشكيل حكومة ائتلافية ستخرجه أخيرا من السلطة، ولكن هذه المفاوضات توقفت الآن، ويبدو من المرجح أن يستمر نتنياهو كرئيس للوزراء.

ومن شأن أي جهد ناجح للتشبث بالسلطة ودرء قضايا الفساد، أن يثبت أن نتنياهو لا يزال خبيرا في التكتيك السياسي، ولكن تصاعد العنف هذا الأسبوع قوّض بشكل خطير ادعاءه بأنه زعيم دولة، إذ تفاخر أنصاره بأن إستراتيجيته الدبلوماسية وفرت طريقا للخروج من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، من خلال مسار لا يتطلب حتى تنازلات مؤلمة على الأرض ومنح الفلسطينيين حقوقهم، ولكن طريق نتنياهو للخروج من الصراع يبدو الآن وكأنه طريق مسدود خطير.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com