هل نجحت الهجمات الإسرائيلية على إيران في تحقيق أهدافها؟
هل نجحت الهجمات الإسرائيلية على إيران في تحقيق أهدافها؟هل نجحت الهجمات الإسرائيلية على إيران في تحقيق أهدافها؟

هل نجحت الهجمات الإسرائيلية على إيران في تحقيق أهدافها؟

يرى خبراء أن أنشطة إسرائيل التخريبية داخل إيران أدت إلى تأخير إنتاج المواد التي تحتاجها إيران لصنع قنبلة نووية، ولكن البعض يجادل بأنها فشلت في تحقيق هدفها الرئيس المتمثل في إقناع إيران بالعدول عن تطوير قنبلة نووية.

وشملت الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران، نشر الجواسيس قبل أشهر لزرع متفجرات داخل محطة نووية إيرانية، وهجوم إلكتروني مدمر لتعطيل أجهزة الكمبيوتر التي تتحكم بأجهزة الطرد المركزي المستخدمة لتخصيب اليورانيوم، واغتيال عالم نووي إيراني بارز عن طريق مدفع رشاش عن بعد، وهي سلسلة من الحوادث التي يمكن تحويلها إلى فيلم مثير عن الجاسوسية.

إلا أن مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، شككت في تقرير لها، بأن كل هذه الهجمات قد تكون قد فشلت في تحقيق هدفها الرئيس، حيث أدت الهجمات والعقوبات الصارمة التي فرضتها واشنطن على إيران في السنوات الأخيرة، إلى انتكاسات في برنامج إيران النووي، لكنها فشلت في إقناعها بالتخلي عن طموحاتها النووية تمامًا.

وبدلاً من ذلك، عززت إيران عزمها على مواصلة تخصيب اليورانيوم والتحضير لتطوير الأسلحة النووية، وبينما تبدو الهجمات الإسرائيلية مثيرة للإعجاب، إلا أنها لا تبدو إستراتيجية مستدامة.

وفي 11 أبريل، تسبب انفجار في انقطاع التيار الكهربائي في موقع تخصيب اليورانيوم في منشأة "نطنز"، إحدى المنشآت النووية الإيرانية المعروفة، وتوقفت الأنشطة النووية هناك لمدة تتراوح بين أسابيع و9 أشهر، وفقًا لتقارير ضباط استخبارات إسرائيليين وأمريكيين وادعاءات مسؤولين إيرانيين.

وكان ذلك هو الهجوم الثالث، والثاني خلال عام على محطة "نطنز" النووية، ففي يوليو الماضي، انفجرت قنبلة في جزء من المبنى كان ينتج مجموعة جديدة من أجهزة الطرد المركزي، ما أخر البرنامج لشهور، وقال الخبراء إن كلا الهجومين نفذا بالتسلل والاختراق.

منشأة "نطنز" النووية وفخري زاده

وشُن الهجوم الأول على "نطنز" منذ أكثر من عقد، حين عطل سلاح إلكتروني يسمى "ستوكسنت" بتعطيل 1000 جهاز طرد مركزي من إجمالي 5000 جهاز، وأدى هذا الهجوم إلى تأخير البرنامج النووي لمدة تتراوح بين 18 شهرا إلى عامين.

وفي نوفمبر الماضي، اغتيل محسن فخري زاده، وهو عالم نووي إيراني يعتقد أنه كان العقل المدبر وراء البرنامج النووي الإيراني، بالقرب من طهران بسلاح يعمل بالتحكم عن بُعد.

ومنذ عام 2007، تم اغتيال 7 علماء ومسؤولين عسكريين إيرانيين آخرين مرتبطين بالبرنامج النووي، ولم تؤكد إسرائيل أو تنفي تورطها في أي من هذه الهجمات.

ولم تعترف إسرائيل سوى بسرقة مجموعة من الوثائق عام 2018، التي كشفت كيف كان فخري زاده يضع خططًا مفصلة لمواصلة تطوير قنبلة نووية سرًا، في انتهاك واضح لشروط الاتفاق النووي الموقع في عام 2015 بين إيران والقوى العالمية بما في ذلك الولايات المتحدة.

وبالفعل أدى نشاط إسرائيل التخريبي إلى تعطيل صناعة القنبلة النووية الإيرانية، ويعتقد بعض ضباط المخابرات الإسرائيلية أن هذا هو الطريق المناسب لاحتواء برنامج إيران النووي، ويقولون إن إحياء الاتفاق النووي ليس رادعًا لطموحات إيران النووية، بل مكافأة غير مبررة من شأنها إضفاء الشرعية على تخصيب اليورانيوم وتمهيد الطريق لتطوير إيران للقنبلة.

ويجادل هؤلاء الضباط بأن رفع العقوبات سيسمح لإيران ببيع نفطها وملء خزائنها الفارغة واستخدام جزء كبير من هذه السيولة لتمويل ميليشياتها المختلفة في المنطقة.

ويقولون إنه بدلاً من التوصل إلى اتفاق، يجب على الولايات المتحدة استخدام الضغط الاقتصادي والعسكري لإجبار إيران على الحد من نفوذها في المنطقة.

ومع ذلك يجادل آخرون بأن عمليات التخريب الإسرائيلية المتكررة فشلت في إقناع إيران بالتخلي عن جهودها لتطوير القنبلة النووية، أو إقناع إدارة بايدن باتخاذ موقف أكثر صرامة في المحادثات التي تم تجديدها مؤخرًا.

محادثات فيينا

ولم تنسحب إيران ولا الولايات المتحدة من الاجتماعات التي عُقدت في فيينا، وبدلا من ذلك استخدمت إيران الهجوم الأخير كذريعة لزيادة تخصيب اليورانيوم من 20 إلى 60%، ما أدى إلى تقصير المدة اللازمة لتطوير قنبلة نووية.

وقال علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إن الهجمات الإسرائيلية السرية أدت إلى تأخير الأنشطة النووية الإيرانية فقط وليس تقليصها بشكل دائم.

وأشار إلى أن الهجمات إذا استمرت، فستعزز موقف المتشددين الإيرانيين الذين يروجون لتطوير سلاح نووي.

وقال فايز: "أدت أعمال التخريب والعقوبات إلى نمو برنامج إيران النووي بقدر هائل، والدبلوماسية فقط هي ما استطاع تقليصه".

من جانبه، دافع يوسي كوبرفاسر، وهو عميد متقاعد في الجيش الإسرائيلي، ورئيس مركز أبحاث في المخابرات العسكرية، عن الأنشطة التخريبية السرية كجزء من جهد شامل يتضمن ضغوطًا اقتصادية وخيارًا عسكريًا موثوقًا به.

وقال كوبرفاسر: إنها "سياسة طويلة الأمد، لذا لا فائدة من التساؤل كل يوم عما إذا كانت السياسة ناجحة، حيث توضح الأنشطة السرية أن هناك طرقًا أخرى للتعامل مع المشروع النووي الإيراني غير شراء الوقت مقابل ضمان مسار آمن لإيران لبناء ترسانة نووية كبيرة".

رفع نسبة تخصيب اليورانيوم

ولطالما عارضت إسرائيل الصفقة لأسباب منطقية، حيث منع الاتفاق النووي، المعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، إيران من تخصيب اليورانيوم بنسبة 90%، وهي النسبة اللازمة لصنع الأسلحة النووية حتى عام 2031 فقط، ولم تحظر تطوير الصواريخ الباليستية طويلة المدى، والتي من المحتمل أن تستخدمها إيران لاستهداف إسرائيل.

وتصر إسرائيل على أن الصفقة ليست حلاً سحريًا لصراعها مع إيران، وتزيد من المخاطر الأمنية مثل توسع الميليشيات الإيرانية على حدود إسرائيل.

ومع ذلك، على عكس الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي كان يحقق أمنية تلو الأخرى لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لم يوافق جو بايدن على مطالب إسرائيل.

رسالة لبايدن

ويقول العديد من الخبراء، إن الهجمات الأخيرة كانت تهدف إلى إيصال رسالة إلى إدارة بايدن أكثر من كونها تهدف لتعطيل برنامج إيران النووي، وكانت الفكرة هي إقناع الولايات المتحدة بوقف المحادثات أو على الأقل استخدام عدم قدرة إيران على حماية موقعها النووي كورقة ضغط للحصول على مزيد من التنازلات في المفاوضات.

وتقلق إسرائيل من احتمال انضمام بايدن إلى الصفقة كما كانت في 2015، حيث كان الهدف من الهجمات الأخيرة أن تُظهر للولايات المتحدة أن إسرائيل مستعدة لمواجهة إيران بمفردها، سواء وافق بايدن أم لا.

وقالت سنام فاكيل، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز "تشاتام هاوس"، إن إستراتيجية إسرائيل الاستباقية مصممة للضغط على إدارة بايدن للتعامل مع أنشطة إيران الإقليمية.

وقالت سنام: "لا يتطلع فريق بايدن حاليا إلى تعديل خطة العمل الشاملة المشتركة، وهدفها الحالي هو عودة إيران إلى الامتثال ودحر التقدم في برنامجها النووي".

واستبعد فاكيل أن تسعى الولايات المتحدة للحصول على المزيد من التنازلات التي قد تهدئ المخاوف الإسرائيلية، وقالت: "في حالة نجاح هذه العملية، فإن الهدف بمرور الوقت سيكون تعزيز وإطالة الصفقة وتوسيع الجداول الزمنية وبعض البنود، وربما حتى معالجة قضية الصواريخ الباليستية العابرة للقارات".

من جانبها، طالبت إيران الولايات المتحدة بالعودة إلى الاتفاق أولاً قبل أن تبدأ في عكس الخطوات التي اتخذتها لتقويض الاتفاق.

وقال سيد حسين موسفيان، الخبير بأمن الشرق الأوسط والسياسة النووية في جامعة برينستون، إن إيران امتثلت تمامًا للاتفاق حتى بعد عام من انسحاب ترامب منها، وإن العبء يقع على عاتق الولايات المتحدة لإثبات التزامها أولا. محذرًا من أن "النتيجة النهائية للتخريب الإسرائيلي المستمر ستكون إيران نووية، وكسر التفوق الإسرائيلي بالأسلحة النووية في الشرق الأوسط".

وأضاف أنه لا يمكن حرمان إيران من الصواريخ بعيدة المدى عندما يمتلك أعداؤها في المنطقة ترسانة كبيرة منها.

 وختمت الصحيفة قائلة: إن "التخريب والعقوبات الاقتصادية كان لهما تأثير تكتيكي طويل المدى من خلال إضعاف موقف إيران التفاوضي في المفاوضات حول مستقبل برنامجها النووي، ولكن السؤال الإستراتيجي المهم الآن هو ما إذا كانت إسرائيل والولايات المتحدة تدركان أنه لا يقدم حلاً طويل الأمد للمأزق مع إيران".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com