في الذكرى الأولى لقمة كوالالمبور الإسلامية.. لماذا نسيها حتى أهلها؟
في الذكرى الأولى لقمة كوالالمبور الإسلامية.. لماذا نسيها حتى أهلها؟في الذكرى الأولى لقمة كوالالمبور الإسلامية.. لماذا نسيها حتى أهلها؟

في الذكرى الأولى لقمة كوالالمبور الإسلامية.. لماذا نسيها حتى أهلها؟

ماذا يعني أن تمر الذكرى السنوية الأولى لقمة كوالالمبور الإسلامية دون أن يستذكرها ولو بكلمة واحدة حتى الذين رتبوا وحشدوا لها؟.

القمة كان استضافها رئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد في التاسع عشر من ديسمبر 2019، وشارك في التجهيز لها وحضورها، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وحضرها أيضا الرئيس الإيراني حسن روحاني، وغاب عنها في آخر لحظة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، فيما قرر الرئيس الإندونيسي أن يغيب وينيب عنه وزير خارجيته.

تسلسل المشروع

ترتيبات تصنيع هذا الائتلاف الذي لم يُخفِ خططه لإقامة تكتل جديد بطموح قيادة العالم الإسلامي، كانت قد بدأت في كواليس اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بشهر سبتمبر 2019 خلال لقاء عُقد بين مهاتير وأردوغان وعمران خان.

وكان مهاتير محمد قبل ذلك قد زار أنقرة في شهر يوليو/ تموز، ونُشر لاحقا أنه توافق مع اردوغان على شق منظمة المؤتمر الإسلامي، ومقرها السعودية، وهي التي تشكل أكبر تجمع دولي بعد الأمم المتحدة، وذلك من خلال تشكيل كيان إسلامي جديد نواته مجموعة الدول التي تتوافق في توظيف "الإسلام السياسي" لخدمة أجنداتها المنفردة والمشتركة.



وفي 12 ديسمبر، قبل قمة كوالالمبور بأسبوع، زار مهاتير محمد الدوحة، ووقع مع قطر مذكرة تفاهم لتأسيس لجنة استراتيجية عليا. كما تم الاتفاق على ترتيبات إقامة وتمويل وكالة أنباء إسلامية تخدم الأهداف التي تنعقد لها قمة كوالالمبور. وقبل أن يغادر قطر تسلم مهاتير شهادة من منتدى الدوحة بأنه رجل العام 2019.

ولدت ميتة

كان أكثر من مجرد سوء الحظ أن قمة كوالالمبور التي سُميت أيضا "قمة الإسلام السياسي"، وانعقدت تحت عنوان "دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية"، وُلدت ميتة، بحسب توصيف التغطيات الإخبارية الحية لها.

فمِن إجمالي 56 دعوة جرى توجيهها للقيادات الإسلامية، اقتصر الحضور على 4 رؤساء دول، واحدة فقط منها عربية.

وللتعويض عن هذا الغياب المحرج، جرى  تحشيد حوالي 150 شخصية إخوانية من المغرب وموريتانيا وتونس وليبيا والجزائر ولبنان والحركة الدستورية الكويتية، وإخوان تركيا وأوروبا، والإخوان المصريين المقيمين في إسطنبول، وإخوان اليمن ممثلين في حزب الإصلاح. وحتى من خارج جماعة الإخوان حضر سلفيون مثل سلفية السودان "أهل السنة والجماعة"، كما حضر من المغرب "جماعة العدل والإحسان".

الولادة الميتة للقمة التي لطّفها مهاتير محمد بوصفها أنها "بداية متواضعة"، لم تغب عن الصحافة الماليزية. ففي اليوم الثاني للقمة خرجت صحيفة "نيو ستريتس تايمز NST" بعنوان رئيسي يقول "قمة كوالالمبور لم تفشل"، وألقت الصحيفة مسؤولية هزال المؤتمر على الدول الإسلامية التي لم تتجاوب مع أجندة القمة.

وبنفس اللغة كان قد تحدث مهاتير محمد وهو يصف الأمة الإسلامية التي لم تتجاوب مع المؤتمر بأنها أمة لا تستحق دينها.

الشباب لم يعد مؤدلجا

الولادة الميتة لقمة كوالالمبور، فرضت في حينه تغطيات صحفية دولية توسعت في عرض الأسباب التي أجهضت ائتلاف رباعي تركيا وماليزيا وقطر وإيران. وكانت التقديرات في معظمها تذهب إلى أن رعاة تسييس الدين غاب عنهم أن الشرق الأوسط لم يعد يتعايش مع الأدلجة، وأن تجربة الربيع العربي الدموية والمراجعات التي عقبتها جعلت هذه الشعوب تصحو على الأجندات السرية التي كانت تحتفظ بها عواصم التحشيد الإعلامي للشارع، وهو النهج الذي لم يلبث أن فرّخ تنظيمات إرهابية ما زالت تتناسل.

الإعلام التركي كان واضحا

كان لافتا أن الإعلام التركي، مثلا، لم يشأ في زهوه أن يخفي أجندة نظام الرئيس أردوغان في شهوة تفتيت منظمة المؤتمر الإسلامي التي زاد عمرها عن نصف قرن. فقد نشر مستشار أردوغان للشؤون العربية والإسلامية، ياسين أقطاي، مقالاً في اليوم السابق لقمة كوالالمبور، أسهب فيه بتجريح منظمة المؤتمر الإسلامي والترويج لبديل مفترض لها في قيادة العالم الإسلامي.

كما استنطقت الوكالات الرسمية شخصيات أبرزت من أقوالها ما كشف عن الأجندة الحقيقية لقمة كوالالمبور في تكريس الانقسامات وفي الترويج لما وُصف بأنه أهلية تركيا لقيادة العالم الإسلامي وإحياء حضارته.

في اليوم الختامي لقمة كوالالمبور سُئل وزير الاقتصاد الماليزي عن أسباب الغياب الكاسح للقيادات الإسلامية فكان جوابه أن المؤتمرات الجدية فعلاً لا تحتاج لحضور رؤساء الدول، لأن حضورهم يستهلك المؤتمر بالشكليات.



وعرض الوزير الماليزي من مخرجات القمة أنها شهدت توقيع اتفاقية تدريب للشباب الماليزي في تركيا، كما شهدت توقيع اتفاقية تصنيع اللبن في ماليزيا بالتعاون مع شركة قطرية.

سقوط مهاتير وغيابه

وإذا كان الإعلام الماليزي جادل في حينه بدقة القول إن قمة كوالالمبور ولدت ميتة، فإنه نفسه توقف بعد خمسة أسابيع عن استذكار تلك القمة عندما خرج مهاتير محمد من الحكم  على خلفية ما هو معروف من مؤامرات وفساد مالي وأخلاقي في حلقة نوابه وكبار مساعديه.

وخلال العام الماضي 2020 استجدت على منطقة الشرق الأوسط متغيرات جامحة أقنعت رعاة وكالة الأنباء الإسلامية التي أقرتها قمة كوالالمبور بأن ينسوا المشروع. وأظهرت تلك المتغيرات أن مشروع الدينار الذهبي الذي روج له مهاتير وأردوغان كبديل عن الدولار هو أقرب للشطط.

حتى إذا حلت الذكرى الأولى لقمة كوالالمبور في 19 ديسمبر الماضي، لم يبق من تلك المناسبة شيء يذكر، ولم يظهر  بين الذين حشدوا لها وراهنوا عليها من يستذكرها، وكأنها كانت "فاحشة تستوجب النسيان"، كما يقول المثل الشعبي التركي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com