تحول مفاجئ في سياسة ترامب في سوريا يعكس تحرره من قيود البيت الأبيض
تحول مفاجئ في سياسة ترامب في سوريا يعكس تحرره من قيود البيت الأبيضتحول مفاجئ في سياسة ترامب في سوريا يعكس تحرره من قيود البيت الأبيض

تحول مفاجئ في سياسة ترامب في سوريا يعكس تحرره من قيود البيت الأبيض

في غضون ساعات قلائل قلب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، سياسته في سوريا رأسًا على عقب بسلسلة من البيانات الفوضوية، وباغت حلفاء أجانب بالانقلاب عليهم، كما فاجأ كبار أنصاره من الجمهوريين ودفع مساعديه للتحرك بسرعة لاحتواء ما أحدثه من أضرار.

ويعد قرار ترامب يوم الأحد، سحب بعض القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، وبالتالي فتح الباب أمام هجوم تركي على المقاتلين الأكراد المتحالفين مع الولايات المتحدة في المنطقة، مثالًا حيًا على مدى الحرية التي يشعر بها أكثر من أي وقت مضى في توجيه السياسة الخارجية وفق أهوائه متجاهلًا أساليب العمل في البيت الأبيض إلى حد كبير وعدم وجود أحد من المساعدين على استعداد لتحديه.

ورغم أن أساليب ترامب الشاردة ليست بالأمر الجديد فإن بعض المسؤولين من داخل إدارته وخارجها يخشون أن يتزايد نهجه الذي لا يستند إلى خطة أو دراسة وهو مقبل على حملة الدعاية في انتخابات الرئاسة، ويواجه عددًا من المشاكل الدولية الساخنة العالقة، ومنها إيران وكوريا الشمالية وأفغانستان.

وأوضح يوم الإثنين، أنه عازم على الوفاء بوعده في حملة انتخابات 2016 لانتشال الولايات المتحدة "من هذه الحروب التي لا تنتهي" رغم الغموض الذي يكتنف خططه لتحقيق هذا الوعد.

يأتي ذلك في وقت يتعرض فيه ترامب لضغط متزايد من جرّاء التحقيق الذي يقوده الديمقراطيون للنظر في أمر عزله بسبب مساعيه لحمل أوكرانيا على التحقيق في تصرفات نائب الرئيس السابق جو بايدن أحد خصومه السياسيين.

وقال مسؤول بمجلس الأمن القومي الأمريكي إنّ "ثمة شعورًا حقيقيًا بأنه لا أحد سيردع ترامب عن التصرف على هواه ولذا على الجميع أن يتأهب لما هو قادم.

وأشار المسؤول إلى عزل مستشار الأمن القومي جون بولتون الشهر الماضي، باعتبار ذلك علامة على تحرر الرئيس من قيود كبار مستشاريه أكثر من أي وقت مضى.

وجاء تحول سياسة ترامب في سوريا عقب مكالمة تليفونية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الأحد، طلب فيها دعمًا أمريكيًا للتوغل التركي المزمع.

وبعد ذلك قال البيت الأبيض، إنّ القوات الأمريكية "لن يكون لها وجود في المنطقة المحيطة" فيما يشير إلى إطلاق يد تركيا في مهاجمة القوات الكردية المتحالفة منذ سنوات مع واشنطن في الحرب على تنظيم داعش.

وفي سلسلة من التغريدات يوم الإثنين، بدا في البداية أن ترامب يعزز خططه لتقليل حجم القوات الأمريكية، غير أنه هدد فيما بعد بتدمير اقتصاد تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي إذا ما بالغت في عمليتها العسكرية.

وبدا أن تلك محاولة لتهدئة الانتقادات، ومنها انتقادات زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ السناتور ميتش مكونيل، بأن ترامب يتخلى عن أكراد سوريا الذين وصفوا القرار بأنه "طعنة في الظهر".

حيرة مساعدي ترامب

وأثارت التصريحات الرئاسية الأخيرة بخصوص سوريا حيرة حول السياسة الأمريكية في سوريا، ففي ديسمبر الماضي، دعا ترامب دون أي شكل رسمي من أشكال التخطيط السياسي إلى انسحاب أمريكي كامل من سوريا.

لكنه عدل في النهاية عن رأيه بعد رد فعل قوي من وزارة الدفاع (البنتاغون) بما في ذلك استقالة جيم ماتيس، وزير الدفاع آنذاك وبعد الضجة التي ثارت في الكونغرس وبين حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا والشرق الأوسط.

وأصر ترامب، في تصريحات للصحفيين، يوم الإثنين، أنه استشار "الكل" في قراره الجديد في الشأن السوري رغم أنه بدا أن الإعلان فاجأ الكونغرس وبعض العاملين في الإدارة الأمريكية.

وقال بريت مكجورك الذي كان مبعوثًا لترامب في التحالف الدولي لمحاربة داعش والذي استقال بعد الضجة التي ثارت في ديسمبر، إنّ ترامب "يأخذ قرارات متهورة دون دراية أو تدبر".

من جهته أوضح مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية أنّ "قرار ترامب المفاجئ بشأن سوريا جاء بعد أن علم في المكالمة مع أردوغان أن الأتراك يعتزمون المضي قدمًا في العملية العسكرية التي يهددون بها منذ فترة".

وأضاف المسؤول: "لم نتلق طلبًا بسحب قواتنا. عندما علم الرئيس بالغزو التركي المحتمل، ولعلمه أن لنا 50 من قوات العمليات الخاصة في المنطقة اتخذ القرار لحماية تلك القوات" بسحبها"، مشددًا على أنّ "قرار ترامب لا يمثل انسحابًا أمريكيًا من سوريا".

إلى ذلك، ذكر مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية أنّ "ترامب أوضح لأردوغان أن الولايات المتحدة لا تدعم الخطة العسكرية التركية وهو ما كان بمثابة مفاجأة للرئيس التركي".

وقال مصدر مطلع على المداولات الداخلية في البيت الأبيض، إنّ "كبار المسؤولين شعروا بالحيرة في محاولة استشفاف ما قرره ترامب فعلًا".

غير أن المسؤول الكبير بالإدارة نفي في مؤتمر بالهاتف مع الصحفيين، أن المسؤولين بوزارة الدفاع كانوا موضع تجاهل، وأكد أن ترامب استشار هيئة الأركان المشتركة.

وعد بإعادة الجنود للوطن

وقال مسؤولون أمريكيون لـ"رويترز" أكثر من مرة قبل قرار ترامب، إنّ "الجنود الأمريكيين لن يتمكنوا من البقاء في شمال شرق سوريا إذا اضطرت قوات سوريا الديمقراطية شريكة القوات الأمريكية بقيادة الأكراد، إلى توجيه اهتمامها لغزو تركي واسع".

وتأكد هذا الرأي يوم الإثنين، إذ حذر مسؤولون من أن من المتوقع أن يحدث انسحاب محدود فقط في الوقت الحالي لكن من المحتمل أن يعقبه انسحاب أكبر.

وكان مسؤول أمريكي صرح يوم الإثنين، مشترطًا عدم الكشف عن هويته، أنّه "إذا كان الصراع واسع النطاق فلن يكون لنا شريك في شمال شرق سوريا".

ونظر الرئيس إلى قراره في سياق تحقيق وعده الانتخابي بإعادة القوات الأمريكية للوطن. وقد زار مركز وولتر ريد الطبي، يوم الإثنين، وكرم عددًا من المحاربين الجرحى.

وكان ترامب، نفسه قد تطرق للموضوع في وقت سابق عندما كان يجيب على أسئلة الصحفيين في البيت الأبيض، إذ قال إنّ الولايات المتحدة أصبحت "قوة شرطة" في سوريا وغيرها في الشرق الأوسط وإنه يريد تغيير هذا الوضع.

وذكر ترامب: "اضطر كثيرًا لتوقيع رسائل إلى آباء جنود صغار قتلوا وهذا أصعب شيء علي أن أفعله. أكره ذلك".

غير أن بعض المحللين المستقلين قالوا إنّ أسلوب ترامب المنفلت في اتخاذ قرارات تتعلق بالحرب قد يؤدي إلى مزيد من الضعف في المصداقية الأمريكية لدى الحلفاء والشركاء، إذ سبق بالفعل أن تراجع عن خطط الانسحاب من أفغانستان.

وقال فريد هوف المسؤول السابق بوزارتي الدفاع والخارجية: "نجد أنفسنا طرفًا في عمليات لمكافحة الإرهاب حول العالم. وسينظر الشركاء المحتملون لما حدث في سوريا وسيستخلصون استنتاجات معينة".

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com