عبد الله السنوسي.."ظل القذافي" وصندوق أسراره

خلف الجدران الشاهقة البيضاء لسجن معيتيقة، غرب العاصمة الليبية، يقبع آخر صيد ثمين في التسلسل الهرمي لأركان نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي.

يتنقل صندوق الأسرار عبد الله السنوسي، قائد جهاز الأمن الخارجي والاستخبارات العسكرية الليبية السابق، تحت حراسة مشددة في باحات معتقله "الفاخر"، يجر وراءه كنوزا من المعلومات عن ملفات محلية ودولية ساخنة وأسئلة مركبة بشأن حقائق تبحث إلى الآن عن أجوبة.

11 عاما بعد تسليمه من السلطات الموريتانية إلى نظيرتها الليبية؛ إثر محاولة دخوله البلاد بجواز سفر مزور، كانت كافية لتفتح مساراً جديداً في لائحة القضايا الطويلة التي تلاحق الرجل الثاني في نظام القذافي؛ إذ تحدثت تقارير فرنسية مؤخراً عن وجود مفاوضات مشروطة لإطلاق سراحه تحت قاعدة الإفراج مقابل دعم حكومة عبد الحميد الدبيبة.

في المقابل، لا يخفي عدد من قادة ميليشيا قوات الردع القائمة على حراسة السنوسي أنه ورقة سياسية ثمينة أو "عملة صرف" يجب مبادلتها متى دقت اللحظة المناسبة، في ظل أهميتها بالمحافظة على نفوذها داخل الجهاز العنكبوتي للأمن الليبي.

ملاحقة قضائية لا تنتهي

لا يكاد يخلو السجل القضائي لظل القذافي من التهم في الداخل والخارج.. محليا يتصدر الضالعين في تصفية الخصوم السياسيين في الحقبة الممتدة بين الثمانينات والتسعينات، ومقتل 1200 شخص في ما يُعرف بمجزرة سجن أبو سليم الشهيرة التي طالت سجناء الرأي عام 1996.

دوليا، هو عابر للقارات باتهامه بالوقوف وراء تفجير طائرة يوتا الفرنسية فوق الأجواء النيجرية في عام 1989، ما أوقع 170 قتيلا، ووجود اسمه في قائمة المدبرين لعملية تفجير طائرة بان أمريكان فوق بلدة لوكربي الأسكتلندية، نتج عنه سقوط 270 شخصا.

وفي الحادثين، وصف النظام الليبي وقتها بأنه مغارة علي بابا حين قدم تعويضات خيالية لأسر الضحايا بقيمة إجمالية ناهزت 2.9 مليون دولار، وتنازل عن طموح امتلاك الأسلحة المحظورة..

حوكم الرجل السبعيني في الداخل والخارج، فمحكمة فرنسية قضت غيابيا بسجنه المؤبد منذ العام 1999، كما تبعته مذكرات إيقاف دولية من باريس والمحكمة الجنائية الدولية أينما حل. ومنذ تسليم نواكشوط السنوسي إلى طرابلس، حكمت عليه محكمة الجنايات في طرابلس بالإعدام عام 2015، قبل أن تلغي المحكمة الليبية العليا الأمر في العام 2021 وتأمر بإعادة محاكمته مع سبعة وثلاثين مسؤولا آخر في قضية قمع الثورة الشعبية المسلحة ضد نظام القذافي سنة 2011.

الكابوس الاضطراري

لطالما صنفت الصحافة الدولية والتمثيليات الدبلوماسية الغربية السنوسي يدا يمنى للعقيد الليبي؛ فبعد أن ولد في عائلة متواضعة سنة 1954 بوادي الشاطئ جنوب ليبيا لعائلة من قبيلة المقارحة الكبيرة، تسلق بسرعة سلم الدائرة المقربة من القذافي حال تخرجه ملازما من الكلية الحربية، والحصول على تكوين استخباراتي في الاتحاد السوفييتي السابق، ثم مصاهرته القريبة بزواجه من شقيقة عقيلة العقيد الليبي صفية فركاش.

وبداية من العام 1992، حين أحبط محاولة ضابط من قبيلة ورفلة للتخلص من القذافي، يمسك السنوسي بأشد الحقائب الأمنية والاستخباراتية حساسية بتوليه جهاز الأمن الخارجي والاستخبارات العسكرية، ويصبح خازن سره والقائم على كل ترتيباته الشخصية ولو كانت مواعيده الطبية.

دفعت متحولات الوضع الليبي وحسابات الحل السياسي السنوسي مجددا إلى الواجهة لعلاقاته الواسعة بأركان القرار السابق، وتأثير تمثيليته القبلية في النسيج المجتمعي الليبي وفي كل مسار مستقبلي يطمح للخروج من مستنقع العنف والسلاح نحو المصالحة والحل.

شاهد أيضا

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com