"زوايا المشهد".. أسرار ومفاجآت صادمة حول سرقة القرن في العراق

مبالغ هائلة سحبت نقدا ونقلت بالمدرعات إلى فلل وقصور وأماكن مجهولة قبل أن تختفي بلا أثر.

سرقة القرن.. فاجعة العراق الاقتصادية التي تتوالى فصول حكاياتها في مشهدٍ درامي هوليوودي مثير.  

زوايا المشهد

في زوايا المشهد دخلنا عش الدبابير لنلقي الضوء على تفاصيل مثيرة عن واحدة من أكبر عمليات السرقة المحكمة و المنظمة في تاريخ العراق، ربما أبطالها ليسوا إلا واجهاتٍ لقوى و زعاماتٍ ربما تكون من الصف الأول في بلاد الرافدين.

لنعود بالتاريخ إلى الوراء قليلاً .. إلى أكتوبر 2022، كشف تدقيق داخلي أجرته وزارة المالية العراقية أن الهيئة العامة للضرائب دفعت بشكل احتيالي نحو مليارين ونصف المليار دولار، لخمس شركات.

هذه المدفوعات سُددت بواسطة 247 شيكا تم صرفها خلال عامٍ واحد، بين التاسع من سبتمبر 2021 و 11 من أغسطس 2022، تمّ السداد من مصرف الرافدين ببغداد والذي تديره الحكومة العراقية.

خزانة هذا المصرف تضم مليارات الدولارات من الأموال التي تودعها الشركات النفطية الأجنبية، كودائع للتأمينات، والتي كان يُفترض إعادتها إليها بعد إنهاء تعاقداتها في العراق.

من أين بدأت الحكاية..

بدأت حكاية سرقة القرن، من كتاب أرسله رئيس اللجنة المالية في البرلمان، هيثم الجبوري، في الثامن من أغسطس عام 2021، إلى رئاسة الوزراء، يطلب فيه، رفع يد ديوان الرقابة المالية عن تدقيق تلك الأموال.. بحجة تذمّر المودعين من تأخر الاستجابة لطلباتهم.

حصلت الموافقة!!

الخطوة التالية جاءت بتعيين أسامة حسام، في منصب رئيس هيئة الضرائب، ليوافق وزير المالية الأسبق علي عبد الأمير علاوي على هذا التعيين.

و بدأ تنفيذ المخطط، على مدار عام كامل.

هنا، تحركت خمس شركات، يديرها رجال أعمال على صلات بالنائب هيثم الجبوري، وأسامة حسام، لتزوير صكوك، على أنها مخولة من الشركات الكبرى، صاحبة تلك الأموال، بهدف سحبها، وتقديم الأوراق الرسمية الخاصة بالإجراءات.

الشركات الخمس هي، القانت والمبدعون، وتعودان إلى نور زهير رجل الأعمال، والمدير السابق لمكتب النائب هيثم الجبوري.

تمكن زهير من سحب 976 مليون دولار، عبر شركتيه، فيما سحبت الشركات الثلاث المتبقية، والتي يديرها المصرفي عبد المهدي توفيق مهدي، وهي كل من الحوت الأحدب سحبت مبلغ قدره (329 مليون دولار)، ورياح بغداد سحبت (817 مليون دولار)، وبادية المساء سحبت (437 مليون دولار).

تلك المبالغ سُحبت "نقدا"، وبشكل شبه يومي من المصرف ونقلت بسياراتٍ مدرعة كسيارات المصارف وسط حماية مشددة.

لم تذهب إلى أصحابها الحقيقيين، لا للشركات الكبرى التي تعمل في العراق ولم تذهب حتى كإيرادات للخزينة العامة .. بل نقلت بسريّة إلى قصورٍ خاصة لم يعرف عنها أي شيء.

وهنا يتساءل مراقبون؟؟ كيف يمكن القيام بكل هذه الإجراءات الأمنية دون تنسيق و تدبير محكم بين عدة جهات.

كيف عرف العراقيون؟

في منتصف أكتوبر 2022، وافق رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي على استقالة وزير المالية بالوكالة إحسان عبد الجبار، الذي نشر تغريدة على تويتر بعد استقالته .. أعلن فيها عن نتائج تحقيق أجري خلال وجوده في المنصب، فحواه أن 2.5 مليار دولار "سرقت" من أموال الضرائب المودعة في مصرف الرافدين.

إجراءات القضاء العراقي

بعد انتشار فضيحة السرقة، بدأت السلطات القضائية إجراءاتها، عبر سلسلة أوامر قبض واعتقالات بحق المتورطين، فيما تمكن بعضهم من الهرب خارج البلاد.

وبدأت أوامر الاستدعاء بحق عدد من الموظفين الذين طلبتهم محكمة تحقيق الكرخ الثانية المختصة بقضايا النزاهة، وهم كل من مدير عام الهيئة العامة للضرائب ومعاونه، والمشرف على القسم المالي والرقابي، ومدير القسم المالي و وكيله .

وعلى خلفية ذلك الاستقدام، أصدرت وزارة المالية في العشرين من أكتوبر 2022 قرارا بحجز أموالهم المنقولة وغير المنقولة.. أما الشركات التي تم تحويل الأموال لها فصدرت مذكرات إلقاء قبض بحق أصحابها والحجر الاحتياطي على حساباتها.

أبرز المعتقلين في القضية

اعتقلت السلطات العراقية، النائب هيثم الجبوري، والذي كان يشغل منصب مستشار رئيس الوزراء، كما ألقي القبض على نور زهير، الذي أطلق سراحه لاحقاً بكفالة مالية، في واقعة أثارت جدلاً واسعاً في الشارع العراقي، فضلاً عن اعتقال ضياء الموسوي وهو مدير عام في جهاز المخابرات يُعتقد تورطه في القضية، حيث سلم نفسه طواعية للقضاء بعد مفاوضات وفق ما ذكرت وسائل إعلام محلية.

كما صدرت أوامر قبض وتحرٍ بحق كل من وزير المالية الأسبق علي عبدالأمير علاوي، ومدير مكتب رئيس الوزراء السابق، رائد جوحي، والسكرتير الشخصي لمصطفى الكاظمي، أحمد نجاتي، ومستشاره السياسي مشرق عباس.

ما دفع الكاظمي للرد ببيان رسمي على مذكرات الاعتقال التي صدرت بحق أعضاء في فريقه الحكومي، ومستشارين له، محذرا من محاولات استهداف  مسيسة وطالب بتحقيق دولي في القضية.

سيناريوهات غريبة و مثيرة في هذه القضية التي اعتبرها البعض تصفية حسابات بين القوى السياسية و ستطوى خلال زمن قصير !! لكنها ستبقى ندبةً في جسد الدولة العراقية التي تتصدّر قوائم الدولة الأكثر فسادا في العالم .. بينما المواطن العراقي يتساءل بحرقة.. إلى متى سيبقى الفساد ينهش خيرات البلاد؟

شاهد أيضا

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com