غزة تستقبل رمضان بـ"طعم" الموت والجوع

في مشرق الأرض ومغربها، يبلغ رمضان أهله بحلة الفضيلة، ويصوم البشر حتى غياب الشمس، لكن هنا فإن لهذه الأرض اتفاق مع البؤس، بنوده فقر وجوع وقهر، ورسالة لمن يتحضر لصيام شهر كامل، بأن الغزيين دخلوا شهرهم الخامس في صيام تام عن الحياة، يفطرون فيه قصفا ويجتمعون على موائد الفقد والألم.

رمضان غزة، صيام عن الحياة، لا مبالغة في هذا إذا ما تعلق الأمر بوصف مخلوقات كُتب لهم الحرمان في كل شيء، واجتازوا التعابير المجازية فماتت أطفالهم جوعا بحق، فقدوا المنازل وأهلها، وشيعوا جثامين الأحباب صباحا ليستقبلوا غيرها مع كل غروب للشمس، في غزة صام السلام لسنوات، لكن أزمة كالتي عاشها القطاع كانت الأقسى، ودفنت تحت لهيب نيرانها أكثر من 30 ألف ضحية وأضعاف أضعافهم من الإصابات والتشوهات النفسية والدمار الكلي لبقعة جغرافية لم يبق منها إلا اسمها.

وفي حرب تحكم الأرقام فيها فإن 90 بالمئة من الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات يعيشون فقرا غذائيا حادا وفق تقارير مجموعة التغذية العالمية بقيادة اليونيسيف، وإن ما لا يقل عن 90 بالمئة من الأطفال دون سن الخامسة مصابون بواحد أو أكثر من الأمراض المعدية، في إحصائيات تدق باب المجاعة بجرأة حيث إنه ومنذ عام 2004 فإن للمجاعة تعريف واضح، تحدث عندما يواجه ما لا يقل عن 20 بالمئة من السكان نقصا حادا في الغذاء، وتتجاوز معدلات سوء التغذية الحاد 30 بالمئة، ويموت اثنان من كل 10,000 شخص بسبب الجوع يوميا، وأُعلنت المجاعة مرتين رسميا في العقد الماضي، في الصومال في عام 2011، وفي جنوب السودان في عام 2017، فماذا إذًا عن أرقام قطاع غزة؟ التي ربما تفوقت على أرقام مجاعات دول مع اكتظاظ سكاني مهول.

تستقبل غزة رمضان هكذا، بهزال أصاب أهلها، وباختبارات صبر متتالية، وصلت إلى الحد الذي قتلت فيه المساعدات المرمية جوا خمسة فلسطينيين مؤخرا، فأي شهر في انتظار الغزيين مع انعدام أفق للهدنة؟ وها قد ضاقت برا وبحرا وجوا، علَ شهر الخير يأتي حاملا ما يُسكن آلام مليوني غزي وأكثر.

شاهد أيضا

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com