سكان عربات الشوارع.. آفة أمريكا المستشرية

بعربات وجدوا فيها مأوى يحميهم من تكاليف غلاء السكن، يعزف قاطنو عربات السكن في أمريكا عزفًا منفردًا على أنغام ارتفاع إيجارات السكن، فتخلق حافلاتهم المبعثرة، هنا وهناك، أرتالًا احتلت الطرقات، وخنقت الشوارع.

من 3000 إلى 3500 دولار، هي تكلفة شقة من غرفة نوم واحدة في نيويورك، ويمكن أن ينخفض سعرها في ولايات أخرى، لكنها تلامس، في أفضل أحوالها إطار 2500 دولار، واقع رفضه مئات آلاف الأمريكيين، فكان الحل سياراتهم في البداية، قبل أن تتطور الفكرة لتصبح الحافلات أماكن سكن دائمة لأكثر من 11 ألف أمريكي، وفي مدينة لوس أنجلوس فقط.

لم تكن المشكلة وليده اللحظة، فقد بدأت منذ سنوات، لكنها تفاقمت سريعًا، وحملت أصحابها على المضي قُدمًا في فكرة سكن الشوارع بحافلات مهترئة، حوّلت طرقات لوس أنجلوس إلى بؤرة من الفوضى، عبر باصات قمئة المظهر، يزيد عددها اليوم في المدينة على 7000 حافلة.

طبخ، واستحمام، ونوم، وطاقة كهربائية عبر مولدات جانبية، تفاصيل حياة كاملة يعيشها 22 % من سكان أمريكا فوق 4 عجلات، فيما وصفته "واشنطن بوست"، قبل سنوات، بنموذج " البدو المعاصر"، حيث يعيش مليون أمريكي في عربات متنقلة، جزء كبير منهم - بحسب التقرير - اختاروا هذا بأنفسهم ذلك، بينما أُجبر آخرون على ذلك بسبب أسعار السكن الباهظة، وبين هذا وذاك، يُمثّل تضخم أسعار السكن فرصة مناسبة لتجار المرحلة الذين واظبوا على اقتناء هذه المركبات، وتطوير صناعتها، وتأجيرها شهريًا مقابل مئات الدولارات فقط.

قد تكون لوس أنجلوس من أكثر المدن التي تشهد انتشارًا لهذه الظاهرة مؤخرًا، لكن كبرى المدن الأمريكية تعاني أيضًا مما يعرف بسكن الشوارع، الأمر الذي تظهر مخاطره في ارتفاع معدلات الوفاة نتيجة سوء الإقامة، وشح مقومات السكن، ففي العام 2022، توفي أكثر من 300 شخص في سياتل بواشنطن، بينما سجلت الإحصائيات زيادة كبيرة في تعاطي سكان العربات لمختلف أنواع المخدرات هناك كمفرزات لظروف المعيشة.

غير مكترثين بمخالفات البلديات، والقانون الأمريكي الذي يمنع هذه الظاهرة، يستمر مشردو أمريكا في عصيانهم السكني، حيث تُلوّث فضلاتهم أماكن سكنهم، الأمر الذي أدى - بحسب إدارة الصحة في كاليفورنيا - إلى تفشي الأمراض الجلدية، وأمراض التهاب الكبد، وغيرها، فهنا أنت تعيش مع قمامتك حرفيًا.

ظاهرة تعايش معها أصحابها رغم ما تعنيه صعوبة الحياة هنا، لكن تمددها لسنوات دون حلول واضحة قد يعني - بطريقة أو أخرى- مطلبًا لن يتخلّى الأمريكيون عنه، حتى وإن وصل الحال بهم إلى نقل مقتنياتهم اليومية من حافلة إلى أخرى.

شاهد أيضا

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com