تحذيرات كثيرة سبقت رد موسكو الأخير على قضية مصادرة الأصول المجمدة الروسية لدى الاتحاد الأوروبي، والبالغة قيمتها 300 مليار دولار، كان آخرها تحذير إيطالي من محافظ المركزي الإيطالي فابيو بانيتا الذي أشار إلى نقطة هامة : استخدام العملة كسلاح سيؤدي حتما إلى التقليل من جاذبيتها ويشجع على ظهور بدائل، يُثبت كلامه تجاوز اليوان الصيني اليورو كعملة على المستوى العالمي، فما قصة أكثر من ربع ترليون دولار روسي خارج تصرف موسكو؟
أصول روسيا المجمدة لدى الاتحاد الأوروبي، حكاية معركة من نوع آخر بدأت منذ اندلاع الصراع الأوكراني الروسي، حيث جمد كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان وكندا نحو 300 مليار دولار من أصول البنك المركزي الروسي في عام 2022 عندما بدأت الحرب ويوجد نحو 200 مليار دولار منها في أوروبا، خاصة في غرفة المقاصة البلجيكية يوروكلير، ومنذ ذلك الحين تهدد أوروبا الروس بتجميد طويل الأمد، وباستغلال هذه الأموال لدعم أوكرانيا جيشا وشعبا، أو على الأقل جني أرباح هذه الأموال وإرسالها للأوكران.
الحال تجاوز مرحلة السرقة، وأصحبنا في خضم حرب تجارية وتصعيد للعدوان الاقتصادي الغربي على روسيا، يأتي كلام المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، كترجمة طبيعية بعد اتفاق سفراء الاتحاد الأوروبي بالإجماع على تقدير المساهمة التي ستأخذ من أرباح الأصول والتي سيتم تخصيصها لدعم أوكرانيا، حيث من المفترض تسليم أوكرانيا نحو 15 مليار يورو بحلول عام 2027 على شكل أرباح من إعادة استثمار الأموال الروسية المجمدة.
كل هذا يجري في وقت ترى فيه أميركا برئاسة بايدن بأن استغلال هذا المورد هو بمثابة قارب نجاة يخفف الحمل المادي على الولايات المتحدة في دعم أوكرانيا، في وقت يلقى فيه بايدن معارضة من الجمهوريين لطلبه الحصول على مساعدات أخرى لأوكرانيا بقيمة 61 مليار دولار.
حتى عام 2027 ستدر عملية الأرباح من هذا المبلغ قرابة ال17 مليار دولار، وهو الحل الأمثل لدعم أوكرانيا دون المساس بأموال الروس في خطوة ستفتح بابا جديدة لحرب طويلة الأمد، كما أن المسؤولين الأوروبيين لا يشعرون بالقلق فحسب بشأن مدى قانونية مثل هذه المصادرة، بل أيضا إزاء العواقب المحتملة التي قد تتحملها عملة اليورو، والتي قد ينسحب على إثرها المستثمرون من أصول اليورو خشية أن يتم الاستيلاء على أموالهم يوما ما.
