غلاف رواية "لغة اللافا"
غلاف رواية "لغة اللافا"دار "الآن ناشرون وموزعون" الأردن

"لغة اللافا" للميس نبيل أبو تمام.. معاناة الأنثى في اغتراب الحياة

يتدفق السرد في رواية "لغة اللافا" للكاتبة الفلسطينية الأردنية، لميس نبيل أبوتمام، والصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" بسلاسة، لتعلن عن انتمائها إلى مدرسة الحداثة في الرواية.

ويمتزج السرد بالشعر بطابع أقرب للمونولوج، ولغة تأملية عميقة، وتصف "أبو تمام" تخبط الذات في حياتها وصراعها المتجدد للتعافي من الألم والاعتياد على الوحدة في رواية جاءت في 136 صفحة من القطع المتوسط.

"لا أنتمي إلى هذه الأرض ولا تحتها، أنا عالقة في توابيتهم، أبحث عنهم وما من أحدٍ هنا"، لعل هذه العبارة أكثر ما يصف الشخصية المحورية في "لغة اللافا". وتقول لميس في مطلع روايتها: "كم تشبهني صناديقي المزدحمة بالكراكيب العثَّة، مُمتلئةً فارغة. تُقهْقهُ الجُدران الرمادية في أذني وهمًا كالأزل. لو اجتمعوا في أروقتي قبل أعوامٍ ما وجدوا مساحةً يَستظلُّون بها من ازدحام التفاصيل وغلبة الأحبَّة، لكنِّي أستلقي اليومَ على بلاطي المُغبَّر معتقدةً أن أحدًا لا يراني".

ويتصاعد صوت الأنثى في "لغة اللافا" بمعاناتها في اغتراب الحياة، في ظل الوحدة التي تفوق قدرتها على استيعاب أسبابها، فتجد نفسها في منتصف كل شيء، لا تستطيع ذاكرتها نسيان الماضي أو منحها فرصة الاستقرار في الحاضر أو المضي قدمًا.

ويتجلى ذلك في مطلع الرواية: "الوحدة التي تتسرب من بين شقوق شرنقتي تكاد تطمس كل ما يحمله لي الغد"، فتُقرر البحث عن ومضة أمل تتسبب لاحقًا بانفجار بركان من الأسرار.

وتمكنت لميس نبيل أبو تمام من منح شخصيات روايتها هوية ثقافية معاصرة، وتطعيم فصول الرواية بمقاطع شعرية تلتحم بحالة الكتابة ذاتها، وتسرد تفاصيل المكان وكأنه مجهول، مثلها تمامًا، وتكتفي بالتوصيف الجغرافي البسيط لتكشف بعد ذلك محاولاتها في الانتماء معتمدة على التسلسل المنطقي للأحداث، ثم تطرح التساؤلات لتُحاكي الوعي لدى المتلقي وتترك له الإجابات، وتعود لتُحيل الأحداث خلال السرد شيئاً فشيئاً إلى الزمان والمكان والأسماء المقصودة.

فحين تخبرنا عن نفسها تقول: "طفلة تقرأ قصتها للمرة الأولى دون صوت حنون يُملّس شعرها قبل النوم، وتتساءل.. كيف لاسمها -بصحبة ذئب- نصيب بأن يمرّ على كل بيت عربي يغفو به طفل حالمٌ بغدٍ جميل لا ذئاب فيه". وحين تصف المكان: "من مدينة في قارة على سطح كوكب، أجلس هنا في البقعة الأشهر في محيطها، أتذكر السنوات الماضية ‏وأفكر في القادمة. ثلاثون عاماً على شاطئ البحر الأحمر، مرّ آخر عقد فيها كقيلولة ظهر."

وتختتم "لغة اللافا" في مُكتسب ينتظره القارئ بلهفة لكنه يتركه في حيرة من أمره في الوقت ذاته، فتعود التساؤلات من جديد، ما حقيقة اللّافا ورمزيتها الشفافة في الرواية؟.

الجدير بالذكر أن لميس نبيل أبو تمام كاتبة فلسطينية-أردنية، نشأت وعاشت في الإمارات، حاصلة على جوائز أدبية في القصة القصيرة، صدر لها: "واراهم الغياب" – مجموعة قصصية، و"غيبوبة مدى الاغتراب"- نصوص شعرية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com