بعد فاجعة عرس الحمدانية.. من هم مسيحيو العراق؟

سلطت فاجعة عرس قاعة "الهيثم" في قضاء الحمدانية بمحافظة نينوى في العراق، الضوء على مسيحيي العراق، بعد أن أودى الحريق بـ120 شخصًا منهم و200 مصاب، إضافة إلى نحو 700 مفقود لا يزال مصيرهم مجهولًا.

فمن هم مسيحيو العراق، الذين أفجعهم عرس الحمدانية؟

يعتبر مسيحيو العراق من أقدم المجتمعات المسيحية المستمرة في العالم، ويشكلون ثاني أكبر ديانة بعد الإسلام في البلاد، تليهما عدد من الديانات الأخرى.

ويعترف الدستور العراقي بأربع عشرة طائفة مسيحية في العراق، يُسمح لأتباعها بالتعبد بها.

يتحدث العديد منهم اللغة العربية كلغة أمّ لهم، في حين أن نسبة منهم يتحدث باللغة السيريانية بلهجاتها العديدة واللغة الأرمنية.

ويعيش المسيحيون في المقام الأول في بغداد والموصل والبصرة وأربيل ودهوك وزاخو وكركوك وفي البلدات والمناطق الآشورية مثل سهل نينوى في الشمال.

احتفظت المسيحية في العراق وعلى خلاف سائر الدول العربية بطابعها الأصلي، فظلت مسيحية سريانية ولم تتعرّب بنسب كبيرة، كما حصل في بلاد الشام ومصر.

تعد الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية ومقرها بغداد، الأكبر في العراق، بالإضافة إلى تواجد للكنيسة السريانية الأرثوذكسية والسريانية الكاثوليكية. هناك أقليات أخرى تتبع من الروم الملكيين والأرمن والبروتستانت في العراق.

يمتلك مسيحيو العراق، قانون أحوال شخصية خاصًا به. وتعتبر السريانية لغة رسمية في المناطق التي يشكلون فيها أغلبية في شمال البلاد.

ويوجد عدد من الأحزاب السياسية المسيحية، ويمثل المسيحيين في البرلمان العراقي كلٌّ من الحركة الديمقراطية الآشورية بثلاثة مقاعد والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري بمقعدين.

مسيحيو العراق عبر التاريخ الإسلامي

عندما فتحت الجيوش الإسلامية العراق في القرن السابع، وجدت أمامها نحو 7 ملايين عراقي، لغتهم الثقافية والدينية هي السريانية، وكان أغلبهم تابعين دينيًّا، للكنيسة النسطورية.

رحّب المسيحيون في بلاد الرافدين بالمسلمين، نتيجة الصراع الدائر بين الروم والفرس، الذي ترك تأثيرًا سلبيًّا كبيرًا على حياتهم المادية والدينية، ما أدى بهم إلى كره كلتا الدولتين، فطمحوا إلى التخلص منهما بأي طريقة كانت، ووجدوا خلاصهم بالمسلمين القادمين.

ومع قدوم الجيوش الإسلامية في العام 637 م، حصل المسيحيون بالفعل على عهود ومواثيق بالأمان من قبل قادة هذه الجيوش وبعض الخلفاء. ما جعل هذه الفترة التاريخية بالنسبة لهم الأكثر ازدهارًا بعد مئات السنين من المعاناة.

وخلال الفترة العباسية، التي شهدت انتعاشًا مسيحيًّا، ترجم المسيحيون من اليونانية والسريانية والفارسية، العديد من العلوم، كما أفادوا كثيرًا في علومهم، التي اكتسبوها من مدارس مسيحية ازدهرت قبل قيام الدولة العباسية.

الهجرة في العصر الحديث

شهد مطلع القرن العشرين انتكاسة كبرى لمسيحيي العراق، ما اضطر الآلاف منهم وبسبب الظروف السياسية في العراق للنزوج إلى سوريا.

وبعد استقرار قصير حتى منتصف القرن العشرين، عادت ظاهرة الهجرة بسبب الظروف الاقتصادية، وازدادت وتيرتها مع الغزو الأمريكي للعراق العام 2003.

وبحسب تقارير انخفض عدد الطوائف المسيحية في العراق إلى النصف في السنوات الأخيرة بسبب الهجرة، حيث قُدّر عددهم بحوالي مليون نسمة في العام 2013. فيما ترجح آخر إحصائية أن العدد المتبقي منهم لا يزيد عن 700 ألف.

السويد.. عاصمة الآشوريين

تركز الآلاف من مسيحيي العراق في الولايات المتحدة مطلع القرن الماضي، ثم لاحقًا في كل من السويد وألمانيا وأستراليا.

ويعدّ الوجود الآشوري والسرياني والكلداني في السويد، من أكثر تجارب الهجرة نجاحًا في العالم، حيث يطلق على بلدة سودرتاليا جنوب ستوكهولم، والتي تحتضن الآلاف منهم، "عاصمة الآشوريين في العالم".

وتمتلك الجالية السريانية الآشورية العديد من المدارس والمؤسسات الاجتماعية والثقافية في السويد، فضلًا عن عدد من القنوات التلفزيون الناطقة باللغة السريانية، مثل "سوريو سات" وقناة "سورويو"؛ ونوادي كرة قدم مثل نادي "آسيريسكا" ونادي "سيريانسكا".