في ظل تعنت نتنياهو.. هل ينجح الضغط الأمريكي على إسرائيل بشأن غزة؟
تضج الأوساط السياسية الأمريكية والإسرائيلية، بتقارير عن ضغط صارم ونهج حاسم تتبعه الإدارة الأمريكية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب غزة.
وتأتي التقارير، وسط أحاديث أكثر عمومية، عن تغير مفترض في سياسة أمريكا تجاه حليفتها إسرائيل، التي مع تهويل وتضخيم الموقف الأمريكي الجديد، بدت أنها أصبحت عدوًّا لدوداً.
وتقول قناة "أخبار 13" الإسرائيلية، إن صور المجاعة والقصف في غزة توضح كيف تخسر إسرائيل بسرعة شرعية استمرارها في الحرب حتى لدى أفضل الدول الصديقة لها في الغرب.
وما بين جورجيا ميلوني في إيطاليا وميلانيا جولي في كندا، وجدت إسرائيل نفسها في موقف لا تحسد عليه، إذ عارضت الأولى اجتياج رفح وأوقفت الثانية تزويد إسرائيل بالسلاح.
وأكدت القناة أن إسرائيل في غضون ذلك باتت تفقد أوروبا أيضاً، وليس فقط الدول التي تعتبر منتقدة لإسرائيل، بشكل دائم، مثل بلجيكا وإسبانيا، وإيرلندا.
ونوهت إلى أن ألمانيا مثلا أصدرت تصريحات مختلفة والتي قال مستشارها أولاف شولتس إنه "بصرف النظر عن أهمية الهدف فإنه لا يمكن أن يبرر ذلك الثمن الفظيع والمرتفع".
تصاعد حدة انتقادات الغرب
ونقلت القناة عن مديرة برنامج "إسرائيل - أوروبا" في معهد "ميتفيم" مايا تسدقياهو، قولها إن "الانتقادات ستتصاعد وستزداد حدة، ولا يمكن لألمانيا أن تقف إلى جانب إسرائيل بشكل تام كما فعلت حتى وقت قريب بشكل استثنائي حقا".
وتساءلت قناة "أخبار 12" الإسرائيلية عن احتمالات إلقاء نتنياهو خطابًا في الكونغرس الأمريكي خلافاً لموقف بايدن، موجهة التركيز على مواقف مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي، وتشاك شومر زعيم الأغلبية الديمقراطية.
وألقى شومر، الأربعاء، خطابا انتقد فيه نتنياهو بشدة ووصفه بأنه عقبة أمام السلام وحث على إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل.
أما جونسون الجمهوري، قال إنه يفكر في دعوة نتنياهو لإلقاء كلمة أمام الكونغرس، رغم أن مثل هذه الدعوات للزعماء الأجانب توجه عادة من جونسون وشومر بوصفه زعيماً للأغلبية في مجلس الشيوخ.
وعلق داني أيالون نائب وزير الخارجية الإسرائيلية سابقا على ذلك قائلا، إنه "عندما تبدأ الولايات المتحدة بتوجيه الانتقادات لنا فمن المؤكد أن بقية الدول ستتبعها في ذلك، فلدينا كندا وهولندا وقد نرى دولاً أوروبية أخرى قد تمضي أبعد من واشنطن في فرض عقوبات أكثر شدة.
وطالب تقدميون من الرئيس الديمقراطي جو بايدن ممارسة ضغوط أكبر على إسرائيل واتخاذ مواقف أكثر صرامة معها؛ من أجل تخفيف وطأة الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب في غزة.
وبتفاؤل حذر، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أمس الخميس، إنه يعتقد أنه لا يزال من الممكن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة خلال محادثات تجري في قطر.
دمار العلاقة مع واشنطن
من جانبه، قال نوعام تيبون، وهو لواء احتياط وقائد الفيلق الشمالي سابقا في الجيش الإسرائيلي، إن الأمن القومي لتل أبيب يستند على أربعة أعمدة يجب أن تكون قوية وهي: الجيش، والاقتصاد، والديمقراطية، ودعم دولة استراتيجية عظمى هي الولايات المتحدة.
وأضاف: "عندما تنظر إلى الأعمدة الأربعة تلك تجد أن نتنياهو وبشكل منهجي أوقع الضرر بها، لقد أوقع ضررا بالغا بالجيش، وللمرة الأولى في تاريخنا يتم خفض التصنيف الائتماني بسبب الحكومة السيئة ووزير المالية الفاشل سموترتش، كما تعرضت الديمقراطية لضرر تحدثنا عنه كثيرا.
وتابع: "الآن نتنياهو هو الذي يلحق الضرر بالعلاقات مع الولايات المتحدة، وعندما تكون إسرائيل ضعيفة فإن أعداءنا يرون ذلك؛ لأن ما حدث في 7 أكتوبر هو الأمر الأخطر الذي حل بنا، وقدرات الردع الإسرائيلية تحطمت إلى شظايا".
من جانبه، قال زوهر بلتي رئيس القسم السياسي-الأمني في وزارة الدفاع سابقاً، إنه "يجب عليهم اتخاذ قرارات صعبة جدا، ما الذي نظنه؟ أننا لن ندفع الثمن الباهظ هذا؟ يجب أن نقول للجمهور هذا الأمر، إن أيديهم ملطخة بالدماء، ودفعنا بسببهم أثماناً كبيرة".
وأضاف: "هناك أشخاص يتعفنون وعددهم يتناقص (الأسرى) ،ويجب أن نستعيدهم فوراً وبأسرع وقت ممكن، ودفع هذا الثمن، ليس أمامنا أي خيار".
الإصرار على رفح لا يتزحزح
ويواصل نتنياهو بكل إصرار رفض دعوات الرئيس الأمريكي للتراجع عن الهجوم البري المزمع على رفح، مؤكداً أنه كشف "بكل وضوح" لبايدن عزمه على "استكمال عملية القضاء على حماس".
وتمثل رفح حاليًّا آخر المناطق الآمنة نسبيًّا حيث نزح أكثر من نصف سكان القطاع وتكدسوا بالقرب من الحدود مع مصر.
لكنّ مسؤولًا إسرائيليًّا أصر على أن إسرائيل ستسيطر على رفح حتى لو أحدث ذلك صدعا في العلاقات مع الولايات المتحدة، وقال إن ربع القوة القتالية الأصلية لحماس موجودة هناك.
وأضاف وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر: "سيحدث هذا، سيحدث حتى لو اضطرت إسرائيل للقتال بمفردها".
من جهته، شن زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد هجوما حادًّا على نتنياهو، قائلا في مقابلة مع قناة "كان" الإسرائيلية، إنه "يجب التوصل إلى صفقة بأسرع وقت ممكن".
وقال: "في كل يوم يمضي يموت مخطوفون، هذه ليست صفقة لبيع سيارة، هذه صفقة يجب التوصل إليها بأسرع ما يمكن، وحسب وزير الخارجية الأمريكي فإنه يمكن إبرامها بسرعة".
وأضاف لابيد: "لن تكون هذه الصفقة جيدة ويجب أن نقر بذلك، لكن هذا هو الأمر الصائب، أحياناً الأمر الصعب والمؤلم هو الصائب، هؤلاء الأشخاص تعرضوا للخيانة من دولتهم، وتم التخلي عنهم، ليس لدينا وقت للأبد، يجب إعادتهم إلى البيت".
