مدينة صور اللبنانية
مدينة صور اللبنانيةمتداولة

مدينة "صور".. سيّدة البحار وصخرة فينيقيا المنيعة (فيديو إرم)

لا يمكن الحديث عن مدينة صور الغارقة في التاريخ السحيق دون ذكر معالمها الأثرية والشاطئ الرملي الذي يعدّ من أجمل وأوسع شواطئ البحر المتوسط.

هي واحدة من أقدم المدن في العالم، ويعود تاريخها إلى أكثر من 4000 سنة، فهي مسكونة منذ ما يقارب المليون سنة.

تقع صور (صُرْ في الفينيقي بمعنى الصخرة) على بعد 85 كلم جنوب بيروت. وهي مركز قضاء صور أحد أقضية محافظة الجنوب.

وتعدّ من أكبر وأهم المدن الفينيقية من حيث الدور الذي لعبته منذ أواخر عصر البرونز الحديث حتى نهاية الحقبة الفارسية، وتكتسب أهميتها من ناحية سيطرتها على التجارة البحرية وإنشائها أساطيل تجارية حول المتوسط ونشر الحضارة في العالم القديم. وقد أطلق عليها لقرون عدة لقب “سيدة البحار”.

يعود مجد صور خاصة إلى قوتها البحرية، وبحارتها الأكثر رهبة في العالم القديم. كانت تحوي مرفأين، الأول "الميناء الصيداوي" إلى الشمال الذي يتواصل استخدامه في عصرنا الحاضر، والثاني "الميناء المصري" إلى الجنوب، المهجور منذ العهد البيزنطي.

هناك معلومات تفيد بأن مدينة (صور) الفينيقية على السواحل اللبنانية، لعبت دورًا بارزًا منذ بداية الألف الأول قبل الميلاد في تنظيم هجرة الفينيقيين إلى شمال أفريقيا، وبشكل خاص إلى تونس، وأنّ صور تعتبر الأم المباشرة لمدينة قرطاج حوالي العام 815 ق.م . وقد ازدهرت وأثمرت بفضل منتوجات مستعمراتها كما بفضل صناعاتها المحلية، التي من بينها صناعة الزجاج الشفاف وصناعة الأرجوان. بيد أنّ التجار الصوريين لم يكتفوا بنشر بضائعهم وسلعهم، بل تخطوها إلى نشر حضارتهم وإليهم يعود الفضل في إيصال الأبجدية الفينيقية إلى الإغريق.

المعالم الأثرية في صور

تتنوع الآثار في هذه المدينة العريقة من كل الحقبات التاريخية المتعاقبة كالإغريقية والبيزنطية والعربية والعثمانية.

فيها ما يزيد عن 500 ألف متر مربع من المواقع الأثرية، منها موقعان كبريان، موقع وسط المدينة وموقع آثار الضاحية الذي يحتوي على ثاني أكبر هيبودروم في العالم. وعلى خاصرة صور السياحية يمتد شريط ساحلي وفي عمقه سهل زراعي تنتشر فيه بساتين الحمضيات على أنواعها.

في صور مجمّعات واسعة من الأحياء السكنية والحمامات العامة والمجمّعات الرياضية والشوارع ذات الأروقة وذات الأرضية المرصوفة بالفسيفساء. وتعود تلك المنشآت بمجملها إلى العصور الرومانية والبيزنطية، وهناك بعض بقايا أرصفة المرفأ الفينيقي الجنوبي، التي لا تزال منتشرة قرب الشاطئ. كذلك عثر على بقايا كاتدرائية صور الصليبية التي استخدمت في عمارتها أعمدة من الغرانيت الأحمر وأحجار تم استخراجها في حينه من المنشآت الرومانية.

قلعة صور الأثرية

وهي من أهم القلاع الرومانية، وتوجد فيها آثار فينيقية وكنعانية وبيزنطية، وكانت تعرف بـ«معبد ملكارات». وفي عام 1979، أدرجتها منظمة اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة على لائحة مواقع التراث العالمي.

شارع من العصر الروماني

يعود بك هذا الشارع إلى العصر البيزنطي، حيث جرى ترميمه في وسط البرزخ الذي أنشأه الإسكندر الأكبر. تحيط بجانبي هذا الشارع الأروقة ويقطعه قوس نصر عظيم ذو ثلاثة مداخل، وتجري على جانبه الجنوبي قناة معلقة على قناطر كانت معدة لجرّ مياه نبع رأس العين إلى المدينة.

وتمتد على جانبي الشارع جبانة واسعة تتداخل فيها العمائر الجنائزية والتوابيت الرخامية والكلسية والبازالتية ذات الأشكال والزخارف والمنحوتات المختلفة، وقد استمر استخدام هذه الجبانة من القرن الثاني إلى القرن السادس بعد الميلاد.

وإلى الجهة الجنوبية من الجبانة، يقوم ميدان سباق عربات الخيل الذي تم ترميم بعض أجزائه. ويبلغ طول هذا الميدان 480 مترا، وكان يتسع لنحو 300,000 مشاهد.

مضمار سباق الخيل الروماني في صور

يُعد مضمار سباق الخيل الروماني في صور أحد مواقع التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو، حيث يرجع تاريخه إلى القرن الثاني الميلادي. وقد ذكر كتاب (وصف للعالم وشعوبه) الذي ألفه كاتب مجهول في النصف الثاني من القرن الرابع، مضمار سباق صور كواحد من أفضل خمسة مضامير سباق في بلاد الشام في حديثه عن حلبات السباق في الإمبراطورية الرومانية.

محمية شاطئ صور الطبيعية

تعد المحمية من أبرز وأكبر محميات لبنان. وهي الشاطئ الأكبر المتبقي في لبنان، ومن أكثر شواطئه الرملية جمالاً. وتتميز بأنها ذات طبيعة ثلاثية الأبعاد لما تجمعه من تنوع بيئي، فهي تضمّ الغطاء النباتي الأخضر والكثبان الرملية الصفراء والشاطئ البحري الأزرق. وتصل مساحتها إلى 3.8 كلم مربع. وهي اليوم تشهد خطة لاستمرارية حماية النباتات في نطاقها والتي يزيد عددها عن 300 نوع.

ويعتبر "موسم البحر" من أبرز الأنشطة ضمن نشاطات محمية شاطئ صور الطبيعية، حيث توضع أكشاك صغيرة للزوار، ويزوره ما يزيد عن 500 ألف زائر خلال موسم الصيف.

يتوجه محبو هواية الغطس إلى شاطئ صور، حيث يكتشفون آثار صور الفينيقية القديمة الموجودة تحت مياه منطقة الجمل، المشهور بوجود السلاحف البحرية.

الأسواق القديمة

يعتبر التنزه في أسواق صور القديمة إبحارًا في صفحات التاريخ، فهنالك يمثل خان من العهد العثماني، ومنزل قديم وجميل من العصر عينه تملكه إحدى أسر صور العريقة من آل المملوك، بالإضافة إلى حُسينية الطائفة الشيعية ذي القبتين والعمارة الرائعة. وعلى مقربة من السوق، يعج مرفأ الصيد القديم بالحياة، وقد حلّ محل المرفأ الفينيقي الشمالي، الذي كان يعرف بسبب موقعه بالمرفأ الصيدوني.

ويقود الطريق الملازم للرصيف إلى الحي المسيحي الذي لا يزال يحتفظ بأزقته وأبنيته ذات النمط التقليدي. وقد يفاجئك وجود برج مراقبة من العصر المسيحي في أحد البساتين، فيما يقوم برج آخر من العصر عينه على مقربة من المنارة، يشهدان على أهمية صور في تلك الأيام. وتفتح المواقع الأثرية أبوابها أمام الزائرين طيلة أيام الأسبوع.

وتزخر المدينة بالأسواق التجارية وبعدد من المطاعم التي تقدم أشهى ثمار البحر، بالإضافة إلى المطاعم التي تقدم الأطباق المحلية والمقاهي التي تتوزع بين الكورنيش البحري ووسط المدينة. وتستقطب صور أهم المهرجانات العالمية.

تقوم الحكومة اللبنانية ومنذ أربعينيات القرن العشرين بحملات تنقيب واسعة في نطاق المدينة الفينيقية بحثاً عن آثار المدينة وتاريخها. في العام 1979 أدرجت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة، مدينة صور على لائحة مواقع التراث العالمي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com