مخازن "إكودار"
مخازن "إكودار"إرم نيوز

"إكودار".. نظام بنكي لتدبير الندرة شيده الأمازيغ في المغرب (صور)

تنتشر في منطقة سوس الأمازيغية (وسط المغرب)، مخازن "إكودار" أو "إكيدار" (هي جمع أكادير بالأمازيغية)، التي تشهد على أقدم النظم البنكية في العالم، إلى جانب كونها تراثا معماريا أمازيغيا أصيلا لا يزال يتحدى الزمن.

وتتكون هذه المخازن من محلات في ملك عائلات مختلفة من القبيلة، إذ يتم توارثها من جيل لآخر، ويسهر على تنظيم وتسيير شؤون مخازن "إكودار" وحسن اشتغالها مجلس يسمى "إنفلاس"، وهم أعضاء الجماعة، والأمين الذي يتولى مراقبتها نهارا، إضافة إلى الحراس الذين يسهرون على حمايته ليلا من أي اعتداء محتمل.

مخازن "إكودار"
مخازن "إكودار"إرم نيوز

وشُيّدت "إكودار" في الغالب في مواقع محصنة تحصينا طبيعيا ومنيعا، إذ لعبت أدوارًا مهمة باعتبارها بنوكا لتخزين المؤونة والحبوب، خاصة الشعير، والأغراض الثمينة، والعقود والمخطوطات، في الفترات التي تشهد فيها القبائل الجفاف أو الحروب، إلى جانب دورها الدفاعي.

يقول الباحث في التاريخ الإجتماعي، الحسن تيكبدار، إن "إكودار" ارتبط بوظيفته كمستودع كبير مشترك بين معظم أسر القبيلة؛ لذلك بُني عادة في موقع إستراتيجي مرتفع من الأرض مُحصّن يصعب اقتحامه ويسهل الدفاع عنه.

مخازن "إكودار"
مخازن "إكودار"إرم نيوز

وأوضح تيكبدار في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن الغاية من "إكودار" ليس السكن، بل اقتصر على التخزين والادخار، ويعد من أول النظم البنكية التي عرفها الإنسان، وابتكره أمازيغ المغرب بشكل استثنائي.

وأضاف المتحدث ذاته، أن بناء "إكودار" يستجيب لشروط التحصين، وأغلبها تتحذ شكلا مربعا أو مستطيلا، وعادة ما تعلو زواياه أبراجا للمراقبة، وتتكون من عدة طوابق، إذ يخضع شكله المعماري والهندسي لتلبية حاجات القبيلة.

من جهته، يعتبر الأكاديمي المتخصص بقضايا التراث والتنمية، خالد ألعيوض، أن مخازن "إكودار" أو "إيكيدار" نوع من التراث المعماري الضارب في القِدم الذي ينفرد به المغرب مؤخرا، وإن كان سابقا يتواجد بالجزائر وتونس وليبيا وحتى واحة سيوة.

مخازن "إكودار"
مخازن "إكودار"إرم نيوز

واستطرد ألعيوض، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أنه اليوم يوجد أكثر من 560 مخزنا جماعيا من "إكودار" تتمركز في المغرب، ولا زالت تحافظ على خصوصياتها.

وشدد المتحدث نفسه، أن مخازن "إكودار" بالمغرب تنفرد بكونها أبدعت في جانب التشريع، إذ إن كل واحد من "إكودار" يحتفظ بوثيقة تسمى "اللّوح" لتدبير شؤونه، وهي غاية في الدقة والتنظيم خصوصا فيما يتعلق بالعيش الجماعي والمشترك.

ولفت الباحث في التراث والتنمية، إلى أن هذه المخازن تذكرنا بتدبير الأجداد بالدورات المناخية التي كانت منذ القديم، إذ كانوا بارعين في تدبير الندرة؛ ما يجعل "إكودار" درسا لما يُعاش في الحاضر مع سنوات الجفاف.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com