الكاتبة السعودية رجاء عالم
الكاتبة السعودية رجاء عالممتداولة

"باهبل".. كيف رسمت رجاء عالم صورة مدهشة لنساء مكة؟

تقدم الكاتبة السعودية البارزة رجاء عالم صورة خاصة ومختلفة مرسومة ببراعة شديدة لنساء مكة في أحدث رواياتها "باهبل- مكة Multivers 1945- 2009"، التي وصلت إلى القائمة القصيرة التي أعلن عنها، مؤخرًا، للجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر".

لجأت المؤلفة إلى حيلة فنية ذكية كمفتتح للسرد تتمثل في وجود "د.عباس"، وهو أستاذ و رئيس قسم العمارة، سليل عائلة مكية عريقة هي عائلة "السردار"، حيث يريد أن يقدم عبر فيلم وثائقي التاريخ المسكوت عنه لنساء مكة من خلال عدد من سيدات عائلته، وهنّ تحديدًا عماته: "نورية" و"سكرية" و"حورية" و"بدرية".

وتنعكس عذوبة الأسماء على الشخصيات نفسها التي تحمل كل منها قصتها الإنسانية الخاصة المتوارية خلف أسوار البيت، حيث يصمدن بقوة في مواجهة تقاليد قاسية وصرامة اجتماعية بحثًا عن خلاصهن وصوتهن الخاص في مواجهة بيئة ذكورية سادت المنطقة العربية بقوة لا سيما في منتصف القرن العشرين.

"حورية" لها من اسمها نصيب وافر فهي "جميلة جميلات" مكة ويتجاوز حسنها البارع مجرد الملامح الظاهرية إلى النفس لنجدها طيبة القلب لا تعرف الغرو أو الأحقاد. "نورية" يتسرب النور من اسمها إلى سلوكها فهي حُرمت من نعمة الإنجاب، لكنها أخذت عهدًا على نفسها بألا تترك طفلاً عاريًا أو جائعًا لتصبح أُمًا لكل الأطفال الذين يعانون، فتتحول الأمومة على يديها من فعل ولادة بيولوجي إلى رمز ومعنى ورسالة.

أما "سكرية" فتتسامح مع قسوة ماضيها، حيث ألقت أُمَّها عليها الكيروسين وهي طفلة لتتخلص منها بإشعال النار وتمحو ما تعتبره "عار" إنجابها. وهناك أيضًا شخصيتا الأم "سكينة" والجدة "نازك"، اللتان تعززان منطق الحكمة التي تلوذ به حواء العربية لتتعامل مع الجنس الآخر بذكاء وحيلة.

تمتد الرواية الصادرة عن دار "التنوير" عبر قوس زمني واسع، في الفترة من 1945 حتى 2009، مما يجعلها "رواية أجيال" بامتياز، لكن وفق مفهوم غير تقيلدي يختلط فيه صوت المؤلفة بصوت أبطالها ولا يسير الزمن فيه في اتجاه واحد وإنما يتحرك بحرية بين الماضي والحاضر، جيئة وذهابًا.

ويمزج السرد بين رهافة الشعر وغنائيته مع أجواء الفانتازيا والعوالم الغرائبية واللغة البصرية السينمائية.

ورغم صدور الرواية مؤخرًا، إلا أنها كانت شبه مكتملة وجاهزة للنشر قبل ما يقرب من 10 سنوات وهو ما يفسّر قول المؤلفة داخل النص "زارتني نورية ودفعتني إلى مراجعة كتابهن هذا المطمور في الأدراج. قرأته. قد تبدو أنها حيوات من زمن منقرض أو كوكب آخر، لكن الآن هذا الصوت القديم يكتسي صوت العصر، لأنه جزء من تاريخ مسيرة المرأة في تلك البلاد".

وتقول: " بين نورية و حورية وسكرية وعائلة السردار، كنت أشعر أن تلك الحكاية لا تستقيم إلا بالتعبير عنهم بلغتهم المكية. كانت موسيقى اللهجة المكية تلح عليّ في أصداء تترجّع في قلبي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com