الروائي النرويجي يون فوسه
الروائي النرويجي يون فوسهموقع جريدة "الصباح"

"ثلاثية يون فوسه".. أديب نوبل يصدم القارىء العربي

تنطوي رواية "ثلاثية" الصادرة عن دار "الكرمة" في القاهرة حديثا، للروائي النرويجي يون فوسه على عدد من المفاجآت غير السعيدة، التي جاءت بمثابة صدمة على رؤوس القراء العرب، وهو ما بدا واضحا في الكثير من التعليقات في منتديات القراءة ومراجعات الكتب.

رفع فوز مؤلف العمل بجائزة "نوبل" للآداب في دورتها الأخيرة من سقف توقعات المتلقي حين وجد العمل مترجما إلى العربية من جانب شيرين عبدالوهاب وأمل رواش، فانتظروا فضاءات مبهرة و شخصيات مبتكرة وأحداثا شائقة تليق باسم الجائزة الأرفع عالميا، لكن النص جاء مخيبا للآمال من زاوية الباحثين عن عمل ممتع بمواصفات مألوفة، أو على الأقل غير مغرقة في الغرابة.

على مستوى المضمون، حملت الرواية أجواء كابوسية تميل إلى الكآبة عبر جمل رتيبة مكررة لاثنين من العشاق هما الشاب "أسيلا" والفتاة " أليدا"، اللذان يبحثان عن ملاذ آمن في بيئة اجتماعية معادية. يتضوران جوعا تحت زخات المطر وقد أقبل الليل ولا يجدان أي منزل يرحب باستضافتهما. جريمتهما أنهما وقعا في الحب وحملت الفتاة دون زواج رسمي، فتم طردهما من جنة العائلة تلاحقهما اللعنات وهما يهربان من القرية إلى المدينة بلا مال أو متاع.

استخدم المؤلف تقنيات فنية غير معتادة بالنسبة للقراء الذين يستهدفون الحكي المباشر السهل وتصاعد الأحداث على نحو متدفق، فجاء إيقاع السرد بطيئا للغاية حتى أن مشهد السير في الشوارع على غير هدى استغرق نحو عشرين صفحة. وكان على القارىء الانتظار عشرات الصفحات الأخرى حتى يظهر حدث بارز يمثل نقلة في الحبكة العامة للنص.

وعلى مستوى الصياغة اللغوية، اتبع المؤلف أسلوبا شديد الإرباك يتمثل في عدم وضع أي علامات ترقيم في العمل بأكمله وهو ما يعني أنّ عليك قراءة 210 صفحات، هي إجمالي عدد صفحات الرواية، كأنها جملة واحدة طويلة بلا نقطة أو فاصلة أو علامة استفهام.

واضطر الناشر أن يضع تنويها في صدارة العمل يشير فيه إلى أنه لم يطبق قواعد الترقيم الخاصة به، وحرص على أن تخرج الترجمة مطابقة للنص في نسخته الأصلية النرويجية. وما زاد في الارتباك هو أن عنوان الرواية "ثلاثية" يحيلنا إلى ثلاث روايات تصدر تباعا منفصلة وإن كان يجمعها خيط درامي، لكن ما حدث هنا هو أننا بإزاء ثلاثة فصول متصلة على نحو معتاد داخل عمل واحد، فلماذا اعتبر المؤلف أن كل فصل بمثابة جزء مستقل بنفسه؟.

العمل تدور أحداثه في زمن غير محدد من تاريخ النرويج، وإن كان يمكن تخمين أنه ربما يعود إلى النصف الأول من القرن العشرين، وتخلو أحداثه من أي نقطة مضيئة أو بارقة أمل، فالبطل يتم إعدامه عقابا له على جريمة قتل قديمة اقترفها لينجو بحياته، والبطلة تعيش خادمة وتقبل أن تكون مصدر متعة سيدها كي تجد ما تنفق به على ابنتها.

وشكّلت قسوة وعنف المجتمع تجاه الفتى والفتاة نوعا من الصدمة على مستوى آخر، فقد شعر القراء أنهم بصدد قرية متزمتة في أقاصي الصحراء بالقرون الوسطى أو ما يطلق عليه "العصور المظلمة" في أوروبا.

ولم تفلح إشادة الصحف العالمية بالرواية في التخفيف من حالة الإحباط التي انتابت القارىء فيما يبدو؛ إذ أورد الناشر بعض المقتطفات بالغلاف الخلفي، منها وصف صحيفة "نيويروك تايمز" لكتابات "فوسة" بأنها تتضمن "بساطة شعرية شرسة" وتأكيد "لوموند" بأنه "يستكشف مناطق غامضة وخطيرة ومصيرية".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com