حلاوة الجبن
حلاوة الجبنمتداولة

حلاوة الجبن.. والصراع الحموي الحمصي على ملكيتها

ما زال الصراع قائماً حتى هذه اللحظة، بين من يقول إن أصل "حلاوة الجبن" يعود إلى أهالي حماة السورية وصانعي حلوياتها المشهورين، وبين من يعارضهم بأن نسب تلك الحلاوة حمصي ولها جذور تاريخية في تلك المدينة العريقة.

والمعضلة أنه ليس بإمكان أي باحث في التراث المادي واللا مادي أن يثبت صحة أي من الرأيين، خاصةً في ظل التجاور الجغرافي بين المدينتين، واشتهار كلتيهما بصناعة الحلويات المميزة والتي تستثمر منتجات بيئتيهما من منتجات الأجبان والألبان.

ومع ذلك، هناك من يعتقد جازماً بأنّ الملكية الفكرية لابتكار حلاوة الجبن يخص الحمويين، وأن ذلك يعود إلى عائلة سلُّورة التي اخترعت هذا النوع من الحلويات وطوَّرته منذ ما يقارب السبعين عاماً، حتى باتت له شهرته الواسعة في سوريا وما حولها.

وتبرير هذا الرأي ناجم عن كون حماة هي الأغنى بالمواد الأولية المخصصة لصناعة هذا النوع من الحلويات، إذ تتمتع بريف واسع ومتنوّع، ومنه يأتي الحليب والقشطة العربية والجبن وجميع الألبان ومشتقاتها، والتي تُوزَّع إلى محافظات القطر كافة، وإلى الدول العربية أيضاً، حتى أن "اللبن الحموي" المستخرج من حليب الغنم بات علامة مسجلة للحمويين.

بالمقابل يفسّر بعضهم شهرة الحماصنة بحلاوة الجبن لكون هذه المدينة تتوسّط سوريا، وتعتبر استراحة دائمة للمسافرين من شمال سوريا إلى جنوبها وبالعكس، لذلك يتوقفون فيها، ويحملون معهم حلويات حمص المختلفة ومنها حلاوة الجبن، أي أن محافظة حمص هي سبب انتشارها وليس ابتكارها.

وهناك رأي ثالث يرجّح بأن أصل حلاوة الجبن ليس سورياً، وإنما تعود جذورها إلى لبنان وإلى مدينة طرابلس تحديداً، حيث تعلّمها أحد السوريين من أهالي طرابلس قبل 100 عام وعاد ليطوّرها في سوريا بالشكل الذي أصبحت عليه الآن.

هذه الحلاوة على بساطة مكوِّناتها إلا أنها تحمل معها خصوصية البيئة التي نشأت فيها؛ إذ تتضمن الحليب والسكر والسميد، يتم خلطها وتسخينها، ومن ثم يُبرَّد الخليط لمدة خمس دقائق، لتضاف إليه الجبنة البلدية لتذوب وتمتزج مع السميد بسبب تحريك المزيج المستمر، وبعد ذلك تُفرَد الحلاوة على صوان واسعة وتتدلى على أطرافها، وبعد أن تبرد يتم تقطيعها بعد أن أصبحت على شكل رقائق سميكة.

هكذا تُحضَّر حلاوة الجبن السادة، وبالإمكان تناولها مع إضافة قليل من القطر عليها، وهناك حلاوة الجبن المحشية، حيث تُلَّف الرقائق حول القشطة العربية، وتُقطَّع بعدها، ويضاف إليها القطر، وثمة شكل ثالث يُسمى "المعجوقة" وهي خاصة بمدينة حماه، وفي هذا النوع يتم فرد رقائق الحلاوة على أطباق ثم تُفرش عليها القشطة العربية، وفي جميع الحالات يتم رش الفستق الحلبي عليها كنوع من الزينة.

وفي الصيف بالإمكان إضافة البوظة العربية المصنوعة على الطريقة التقليدية بواسطة ضرب المزيج البارد بما يشبه الهاون الخشبي الكبير، إلى صحن حلاوة الجبن فيمتزج طعمها الحلو مع خصوصية البوظة ونكهة حليب الغنم "الشائط" فيها، مكوِّناً طعماً فريداً جداً.

وخلال العقد الماضي، لم تعد هذه الحلاوة حكراً على حماة وحمص، بل تجاوزت شهرتها الكثير من المحافظات السورية، وانتقلت أيضاً إلى دول عربية وعالمية، وكان ذلك بسبب هجرة السوريين إلى مختلف أصقاع الأرض، لذلك بات بالإمكان أن تتذوقها في مصر والإمارات والأردن وغيرها من البلدان العربية وأيضاً ستجد بعد المحلات التي تبيعها في ألمانيا والسويد وفرنسا وهولندا ومناطق أخرى من العالم.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com