قالت صحيفة لوموند الفرنسية نقلا عن دراسة شاملة نشرت في مجلة لانسيت في اليوم الأول من آذار، إن أكثر من مليار شخص يعانون من السمنة الآن، أي ما يعادل واحدا من كل ثمانية أفراد على مستوى العالم.
وأوضحت الصحيفة أن وباء السمنة العالمي يواصل ارتفاعه المثير للقلق، حيث تضاعفت معدلات السمنة بين البالغين، وتضاعفت أربع مرات بين الأطفال والمراهقين خلال ثلاثين عامًا، مسلطة الضوء على الأزمة الصحية المتصاعدة التي تشكلها السمنة، والتي ترتبط بالعديد من المضاعفات مثل مرض السكري من النوع 2، وأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والسرطان، وتحتل المرتبة الخامسة بين الأسباب الرئيسة للوفاة في جميع أنحاء العالم.
وبينما تشكل النساء غالبية البالغين الذين يعانون من السمنة المفرطة، فإن هذا الاتجاه يتطور بسرعة أكبر بين الرجال، حيث يتضاعف معدل انتشار السمنة بين الرجال ثلاث مرات تقريبًا خلال الثلاثين عامًا الماضية، مقارنة بتضاعفه بين النساء. وبين الأطفال، تؤثر السمنة بشكل غير متناسب على الأولاد، مع زيادة في معدل انتشارها بمقدار أربعة أضعاف بين الأولاد والبنات.
وقام باحثون من مؤسسة NCD Risk Factor Collaboration بتحليل الاتجاهات السائدة في السمنة ونقص الوزن باستخدام بيانات من أكثر من 3600 دراسة تغطي 197 دولة، معرفين السمنة لدى البالغين بأنها مؤشر كتلة الجسم (BMI) الذي يتجاوز 30، مع الاعتراف بأن مؤشر كتلة الجسم لا يأخذ في الاعتبار توزيع الدهون في الجسم ولكنه يستخدم على نطاق واسع لإجراء المقارنات الدولية.
فيما يتم تعريف نقص الوزن على أنه مؤشر كتلة الجسم أقل من 18.5.
وتكشف الدراسة عن تحول في اتجاهات السمنة، مع استقرار انتشارها في البلدان ذات الدخل المرتفع بينما يتزايد في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، عازية هذا التحول إلى التغيرات السريعة في النظم الغذائية؛ ما أدى إلى زيادة استهلاك الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية والسكريات والزيوت، وكذلك يؤدي ظهور الأطعمة المصنعة على حساب المنتجات الطازجة إلى تفاقم المشكلة.
وتسهم عوامل مثل مكننة العمل والنقل في زيادة الوزن، ولاسيما بين الأطفال والمراهقين، الذين قد يستبدلون الأنشطة الترفيهية بسلوكيات خاملة، في حين أن تأثير جائحة كوفيد-19 على السمنة لا يزال غير واضح، تشير البيانات الأولية إلى زيادة طفيفة في معدل الانتشار، لا سيما في البلدان ذات الدخل المرتفع.
ويؤكد الخبراء أن السمنة هي نتيجة لأنماط الحياة الغربية وتؤثر على السكان في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك البلدان المنخفضة الدخل، لافتين إلى أن الجهود المبذولة لمعالجة السمنة يجب أن لا تأخذ بعين الاعتبار المحددات الاجتماعية وأوجه عدم المساواة داخل الدول وفيما بينها.
وتشمل الاستراتيجيات الفعالة لمكافحة السمنة تنظيم تسويق الأغذية التي تستهدف الأطفال، وفرض الضرائب على المنتجات غير الصحية، وتوفير المعلومات الغذائية على العبوات، وكذلك تشجيع الرضاعة الطبيعية، والحصول على وجبات متوازنة في المدارس، وتنظيم البيئات الغذائية أمر بالغ الأهمية في معالجة كل من السمنة ونقص التغذية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في فرنسا، تشير البيانات الأخيرة إلى انخفاض طفيف في معدلات السمنة بين النساء، عازية ذلك إلى برامج التغذية، والترويج للنشاط البدني، إلا أن هناك حاجة إلى بيانات أكثر شمولاً وحديثة لرصد الاتجاهات وإرشاد التدخلات الفعالة في مجال الصحة العامة.
وخلصت الصحيفة إلى أنه مع تفاقم أزمة السمنة العالمية، هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتنفيذ السياسات والتدخلات القائمة على الأدلة لمعالجة الأسباب الجذرية والتخفيف من آثارها الصحية والاجتماعية والاقتصادية.