التسوق في مدينة طرابلس القديمة
التسوق في مدينة طرابلس القديمة غيتي

طرابلس الغرب.. المدينة البيضاء تبهر الرحالة (صور)

تبدو العاصمة الليبية طرابلس، التي تعد أكبر مدن البلاد مساحة وسكانا، كما لو كانت قطعة من الجمال الخالص بطبيعتها الخلابة، وشواطئها الرملية الذهبية التي تعانق البحر المتوسط، وماضيها العريق الذي يضرب بعيدا في أعماق التاريخ ويطل في شوارعها وأزقتها بين الحين والآخر، هنا وهناك.

يعود تاريخ تأسيس المدينة إلى القرن السابع قبل الميلاد على يدي الفينقيين الذين جعلوا منها مركزا تجاريا بين الغرب الأوروبي والشرق الأفريقي، أما سبب تسميتها بهذا الاسم فتشير المصادر التاريخية إلى أنه مشتق من "تريبولي" أو "تريبولس" التي تعني بالإغريقية القديمة "المدن الثلاث"، نظرا لأنها كانت واحدة من ثلاث مدن تم تأسيسها على الساحل مع " صبراتة" و" لبدة".

وفيما يخص تسميتها بـ"طرابلس الغرب" فيُعتقد أنّ الاسم  شاع حين كانت ليبيا جزءا من الإمبراطورية العثمانية التي أراد قادتها التمييز بينها وبين "طرابلس الشام" التي تقع شرقا ضمن حدود الإمبراطورية.

ماض عريق

وجد الفينيقيون المعروفون بحبهم للتجارة والبحر في المدينة ميناء حيويا آمنا يمكنهم من التزود بالماء والمؤن وهو ما يحتاجونه بشدة لسفنهم.

وخضعت المدينة للسيطرة الرومانية فيما بعد وتحديدا عام 46 قبل الميلاد، وحتى اليوم لا تزال طرابلس تزهو بأثر روماني وحيد من تلك الحقبة الفريدة هو "قوس النصر" بمنطقة "باب البحر" الذي تم تشييده عام 163م تكريمًا لأحد أشهر الأباطرة الرومانيين وهو "ماركوس أوريليوس".

ويتكون القوس من أربع واجهات تحمل نقوشا وزخارف تمثل عددا من الآلهة الرومانية والأمجاد العسكرية.

وتعاقبت الحقب التاريخية على المدينة الجميلة حيث تركت كل حقبة بصمتها، فبعد الرومان خضعت في القرن الخامس الميلادي لسيطرة قبائل "الوندال" الذين أسسوا دولتهم في شمال أفريقيا وعاصمتها "قرطاج" ثم جاء الفتح العربي للمدينة على يد عمرو بن العاص لتصبح بلدا عربيا خالصا باستثناء فترات عابرة من خضوعها لحكم "النورمان الصقليين" في منتصف القرن الثاني عشر و"الإسبان وفرسان مالطا" في القرن السادس عشر.

كتابات الرحالة  

واللافت أنّ اسم المدينة ورد مضافا إليه حرف "الألف" ضمن رسالة بعث بها عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يقول فيها "إن الله قد فتح علينا أطرابلس، وليس بينها وبين أفريقية إلا تسعة أيام، فإنّ رأى أمير المؤمنين أن يغزوها ويفتحها على يديه فعل".

وورد الاسم بهذا النطق في كثير من كتابات المؤرخين والرحالة العرب الذين انبهروا بجمالها ثم حُذفت "الألف" فيما بعد للتخفيف.    

وقال اليعقوبي في كتابه "البلدان": "أطرابلس مدينة قديمة جليلة على ساحل البحر عامرة آهلة"، كما أشار إليها ابن حوقل في كتابه "صورة الأرض"، قائلا: "فأما أطرابلس فكانت قديما من عمل أفريقية وهي مدينة بيضاء من الصخر الأبيض على ساحل البحر خصبة حصينة كبيرة صالحة الأسواق".

وتغزل الرحالة البكري صاحب "المسالك والممالك" في أهلها بقوله: "فإن أهل طرابلس أحسن خلق الله معاشرة وأجودهم معاملة وأبرهم بغريب".

ويكشف التيجاني في كتابه "تقييد الرحلة" عن سبب تسميتها بـ"المدينة البيضاء" وعلاقة ذلك بمبانيها التي تتزين بهذا اللون حين زارها عام 1307، قائلا: "ولما توجهنا الى طرابلس وأشرفنا عليها كاد بياضها مع شعاع الشمس يغشي الأبصار فعرفت صدق تسميتهم لها بالمدينة البيضاء".

مزارات مدهشة

بالإضافة إلى قوس النصر، تضم المدينة العديد من المزارات المدهشة أبرزها "متحف ليبيا الوطني" الذي يعد نصبا تذكاريا في حد ذاته تجمع هندسته المعمارية بين القديم والحديث ويضم العديد من الآثار والأعمال الفنية التي تمتد من عصور ما قبل التاريخ حتى العصر الإسلامي.

وهناك كذلك "القلعة الحمراء" التي بناها الإسبان وفرسان مالطا وأصبحت فيما بعد مقرا لحكم الأتراك، فضلا عن "مسجد قرجي" الذي يعدّ آخر مسجد عثماني تم بناؤه في البلاد عام 1833.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com