حلوى "كعب الغزال".. تاريخ طبق خرج من قصور السلاطين

حلوى "كعب الغزال".. تاريخ طبق خرج من قصور السلاطين

رغم كل التحولات التي طرأت على صناعة الحلويات بالمغرب، إلا أنّ حلوى "كعب الغزال" التقليدية، والتي تعدّ سيدة الحلويات المغربية وسفيرتها، ظلت حاضرة على موائد العائلات المغربية مرافقة لجلسات الشاي.

وحافظت حلوى "كعب الغزال" التقليدية المغربية على مكانتها، سواء عند محلات بيع الحلوى، أو في المنازل، حيث تحرص الأسر على اقتنائها جاهزة أو تحضيرها في البيت، لتقديمها مع "صينية" الشاي على الطريقة المغربية.

ولا تحظى هذه الحلوى التقليدية بقيمة كبيرة في الوسط المغربي فقط، بل تعدت شهرتها الجغرافية المغربية؛ إذ يحرص فيه زوار المغرب من السياح، على تذوق "كعب الغزال" خلال جولاتهم بدروب المدن المغربية التاريخية بالخصوص، بل واقتنائها ذكرى زيارة وهدية حلوة للأقارب.

وسميت حلوى "كعب الغزال" كذلك؛ لأن شكلها هلالي ومقوس يشبه قوائم الغزال، وتتكون من عجين رقيق محشو باللوز المطحون والمنسم بماء زهر الليمون، وهو ما يجعل مكانتها كبيرة في ثقافة الضيافة المغربية؛ إذ يعتبر غياب هذه الحلوى التقليدية عن المائدة قلة حفاوة في الاستقبال.

وأبرز الباحث في تاريخ الطبخ المغربي، الراحل الحسين الهواري، أن حلوى "كعب الغزال" يعود تاريخها إلى عهد المرينيّين في القرن 13 (سلالة حكمت بلاد المغرب الأقصى من القرن الثالث إلى القرن 15، عندما عشقها السلطان "عبد الحق المريني أبو عنان" (1329-1358).

ولفت الباحث الراحل، في مدونته التي تشمل بحوثه، أن "ابن رزين التجيبي" الذي عاش في الحقبة المرينية وعاصرهم وقدم بعض وصفاتهم، نقل في مُؤلَّفه "فضالة الخوان في طيبات الطعام والألوان"، وصفة تحضير حلوى "كعب الغزال" التي يتم إعدادها بالسكر واللوز والدقيق الأبيض الناعم وباقي المكونات.

من جانبه، يفترض الباحث في تاريخ الطبخ المغربي هشام الأحرش، أن حلوى "كعب الغزال" تربعت على عرش الحلويات المغربية، بالنظر إلى مكوناتها بالأساس؛ خصوصا أنها تعتمد على اللوز وماء الزهر بشكل كبير.

وقال الأحرش في تصريح لـ"إرم نيوز"، إنه "في كثير من الأحيان بعض الأطباق تعود أهميتها إلى دلالاتها الرمزية المرتبطة بأجواء وتقاليد معينة، وارتباطها بفئات داخل بيوتات بعض الأثرياء والعائلات الكبرى في بعض المدن المغربية".

وأوضح الباحث نفسه، أن وجود هذه الأطعمة واستمراريتها في مجالهم، على غرار كعب الغزال، كأنه "نوع من انخراط هؤلاء في تقاليد وعادات تلك الأسر والبيوت؛ لأن الطعام مثل اللباس باب للانخراط الثقافي والذوقي".

وقال هاشم الأحرش، الباحث في تاريخ الطبخ المغربي، إن "الأطباق والأطعمة لها دلالات ثقافية ومرتبطة بسياقات ثقافية معينة، وترفع الحاجز الذي تضعه بعض الفئات كنوع من جواز المرور"، مشيرا إلى أن "الكثير من الأطعمة لا مذاق لها، لكنها منتشرة ويحبها الناس فقط؛ لأنها ارتبطت بالقصور والسلاطين".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com