هل الحياة ليست محتملة بطبيعتها أم نحن من يجعلها كذلك؟

هل الحياة ليست محتملة بطبيعتها أم نحن من يجعلها كذلك؟

كانت لا تستطيع تحمل أعباء الحمل ومتاعبه، ثم الولادة وتحمل "أعباء الأمومة"، وقالت مرارا إنها "لم تستطع تحمل المزيد"، هكذا تحدثت إحدى الأمهات لصحيفة "الغارديان" البريطانية عندما دخلت المستشفى للحصول على دواء مضاد للغثيان بالتنقيط الوريدي؛ لأنها تقيأت ست مرات خلال الـ 24 ساعة الماضية.

"لا أستطيع أن أفعل هذا بعد الآن،" كلمة يرددها الكثير من الآباء والأمهات في الولايات المتحدة، ثم بالطبع يفعلون ما ينبغي ويواصلون رعاية أبنائهم.

وتقول الصحيفة، إن الأبوة والأمومة في الولايات المتحدة يمكن أن تبدو وكأنها "اختبار قدرة لا نهاية له"، مثل الركض في سباق تتابع، ولكنك تدرك، عندما تقترب من كل ميل بأنه يجب أن يكون هناك شخص ما ليتسلم منك العصا، لكن في بعض الحالات فإن هذا الشخص لا يكون غالبا موجودا.

وتابعت الصحيفة: "لذلك عليك أن تجري، متشنجًا ومرهقًا، بحذاء وجسم مخصصين فقط لقطع مسافة الجزء الخاص بك من السباق، وبدلاً من الحصول على ميدالية ذهبية أو باقة من الزهور، ستعمل على بقاء أطفالك على قيد الحياة وسلامتهم ورفاهيتهم النسبية".

وأردفت الصحيفة: "يحدث هذا في بلد لا توجد فيه إجازة مدفوعة الأجر، ولا برامج فيدرالية لمساعدة الأمهات على رعاية أطفالهن، ولا برامج لرعاية شاملة للأطفال أو رعاية صحية، وقد يدفعك ارتفاع معدل وفيات الأمهات إلى الاعتقاد بأن الحكومة تصطاد الآباء من أجل الرياضة، حتى باتت عملية تربية أطفال أصحاء ومزدهرين ممكنة فقط لعدد أقل من الناس مع اتساع الفجوة في الأجور".

وبحسب الصحيفة، فقد جلبت جائحة فيروس كورونا متاعب كبيرة للآباء ومنها تعليم الأطفال في المنزل أثناء العمل بدوام كامل، في حين يتفادون فيروسًا محمولاً بالهواء أو يتعافون منه، وحتى بالنسبة للأسر التي لديها موارد وفيرة وشبكة قوية من الدعم غير القضائي سيكون هذا بمثابة "دحرجة صخرة إلى أعلى التل".

ونقلت الصحيفة عن مارجو ستاينز، مؤلفة مذكرات "الوحشية" قولها: "في 2021 أصيبت عائلتي بكورونا، وبسبب الحجر الصحي، انتهى بي الأمر برعاية طفلي بمفردي لمدة 10 أيام تقريبًا، حيث أصبح كلانا يمرض بشكل تدريجي". وتابعت: "أعاني من مشاكل صحية مزمنة وأصبحت مريضة للغاية لم أشعر أنني أستطيع أخذ أي إجازة من التدريس عن بعد".

ونقلت الصحيفة شهادات لأمهات على "تجاهل النظام القضائي" لجرائم قتل الأولاد ذوي البشرة السوداءـ مثل أولئك الذين كانت تربيهم ومنهم ترايفون مارتن الشاب الأمريكي، البالغ من العمر 17 عاما، والذي تمت تبرئة قاتله رغم أن مقتل هذا الشاب كان بسبب الريبة والشك؛ لأنه كان يرتدي كنزة بقبعة في شوارع سانفورد في فلوريدا، حيث تبع هذه الجريمة مسيرات منددة بالأحكام المسبقة.

ونقلت الصحيفة عن إحدى الأمهات قولها: "الآن، بعد سنوات عديدة والعديد من جرائم القتل والعديد من المسلحين ذوي البشرة البيضاء الذين تمت تبرئتهم لاحقًا، لقد مررت بهذا الشعور عدة مرات، الشعور الذي قلت فيه لنفسي "لا أستطيع مواصلة القيام بتربية أبنائي".

وتابعت: "وبينما لم يكبر ترايفون والعديد من الأولاد الآخرين بعد مقتلهم نواصل العمل وتربية الأطفال ونطلب منهم توخي الحذر، وأن يبتسموا ويكونوا مهذبين بشكل مفرط، وأن يكونوا على دراية بما يحيط بهم، وأن يأخذوا احتياطاتهم".

وختمت الصحيفة بالقول: "من المؤكد أنّ أطفالنا، الذين يواجهون أزمة المناخ، ووباء العنف المسلح، والفجوة المتزايدة الاتساع بين نوعية حياة الأثرياء وحياة أي شخص آخر، والنقص الشديد في أنظمة الدعم الاجتماعي، سيواجهون بالتأكيد لحظات يقولون فيها (لا أستطيع فعل هذا بعد الآن)".

ولفتت إلى أنّ لحظات "لا أستطيع فعل هذا بعد الآن" ستجعلهم متطرفين وسوف يتذكرون عالمنا، إذا استطعنا أن نكون صادقين وواضحين معهم، وسيكون لديهم فضول بشأن العالم الذي يمكننا أن نبنيه معًا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com