كيف انحنى "وادي السيليكون" وعمالقته للرئيس ترامب؟
كيف انحنى "وادي السيليكون" وعمالقته للرئيس ترامب؟كيف انحنى "وادي السيليكون" وعمالقته للرئيس ترامب؟

كيف انحنى "وادي السيليكون" وعمالقته للرئيس ترامب؟

اجتمع رؤساء شركات "وادي السيليكون" مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في البرج الذي يمتلكه، وعلى ما يبدو فقد وجد رؤساء هذه الشركات رئيسًا مشابها لهم.

ويطلق اسم "وادي السيليكون" على الجزء الجنوبي من منطقة خليج سان فرانسيسكو لأن فيها أكبر تجمع لشركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة.

وقام رئيس الولايات المتحدة المنتخب دونالد ترامب بالاحتفال مع أقطاب التكنولوجيا في الولايات المتحدة، بسبب "ابتكاراتهم التي لا تُصدّق" وتعهد بمساعدتهم في تحقيق أهدافهم، وبالطبع واحدة من تلك الأهداف هي أن يُصبحوا أكثر ثراء، وبالنسبة لهم فهم يعلمون جيدًا أن عليهم التكيف إلى حد ما مع الرئيس الجديد، على الأقل للسنوات الأربع القادمة.

وخلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قام عدد قليل من المدراء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا بدعم حملة ترامب الانتخابية، لكن الآن انضم عدد كبير ممن عارضوا قُطب العقارات مثل إيلون ماسك الذي بنى شركته بدعم مالي من السياسيين التقدميين إلى استراتيجية الرئيس المنتخب ترامب ومنتداه السياسي.

الجدير بالذكر أن ماسك هدد مازحًا بأنه سينقل أعماله التجارية إلى الصين في حال تم انتخاب ترامب.

ولهذه الشركات خبرة طويلة في تقديم الوعود الضخمة، ومن ثم يقومون بتغيير هذه الوعود لتتناسب مع الظروف الجديدة، وتعتبر شركة "أوبر" مثالا على ذلك، فقد كانت تصف نفسها بأنها تجربة أفضل من سيارات الأجرة العادية بالنسبة للراكب والسائق، إلا أنها بدأت التخلي عن هذا الوصف شيئًا فشيئا، عندما أصبحت تصف نفسها على أنها تجربة أفضل بالنسبة للراكب فقط وذلك لأنها تنوي استبدال السيارات العادية، بأخرى ذات قيادة آلية.

نجاحات "وادي السيليكون" في ظل حكم أوباما

وفي ظل حكم إدارة باراك أوباما، حققت شركات "وادي السيليكون" الرائدة نجاحات عديدة، وكان من المتوقع أن تستمر هذه النجاحات في ظل حكم هيلاري كلينتون، فقد تمكن رؤساء تلك الشركات من أن يصبحوا رموزًا للتقدّم، وهو الأمر الذي ساعدهم في بناء ثروات هائلة عن طريق تبنيهم للعديد من القضايا والمشاكل مثل حقوق المثليين والتغيّر المناخي، ما ضاعف فرصتهم في الحصول على الدعم المالي من إدارة أوباما، لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة.

وبسبب ازدياد ارتباطهم باقتصاد البرمجيات ووسائل الإعلام المؤقتة، فقد شعروا بتأثير بعض السياسات التي قد تزيد تكاليف الطاقة أو تجبرهم على تبني مراجعات بيئية لمشاريعهم الجديدة.

ولا عجب في أن "وادي السيليكون"، أيّد إدارة أوباما بشدة ومن بعدها كلينتون، ففي العام 2016 تصدرّت شركة "غوغل" قائمة الشركات الخاصة المانحة لهيلاري كلينتون، بينما كانت شركة "ستانفورد" في المركز الخامس.

وعموما فقد أعطى قطاع الإلكترونيات والتكنولوجيا الديموقراطيين أكثر من 100 مليون دولار في العام 2016 وحده، وهو ضعف المبلغ الذي عرضوه على الجمهوريين، وفي السباق الرئاسي قاموا بتسليم 23 مليون دولار لهيلاري في حين أنهم قدّموا مليون دولار فقط لترامب.

ومع ذلك فهناك قضية واحدة لم يتخل عنها الوادي ألا وهي "الثروة"، وقد تكون هي السبب في ميلهم لأفكار أوباما وتأييدهم لهيلاري كلينتون من بعده.

وحاول جيف بيزوس، مؤسس "أمازون"، الذي تبلغ ثروته 70 مليار دولار، إسقاط بيرني سادنرز (أحد المرشحين للانتخابات الأمريكية لعام 2016) بعدما فشلت كل جهوده في إيقاف ترامب، والآن يجلس بيزوس بجانب ترامب أملاً في أن ينسى ترامب تهديداته بمكافحة سياسة "أمازون" الاحتكارية.

ماذا لو نجحت هيلاري كلينتون؟

ولا شك في أن هذه السبب وغيره من الأسباب الأخرى، كانت تتنبأ بمستقبل أفضل لنخبة التكنولوجيا، إذا ما نجحت هيلاري في الانتخابات، وذلك لأنها على الأرجح مثل أوباما، إذ كانت ستتغاضى عن إجراءات مكافحة الاحتكار، وتؤمن لهم نقل ثرواتهم غير الخاضعة للضرائب خارج البلاد.

والآن سيكون عليهم الجلوس على نفس الطاولة مع رؤساء شركات الطاقة الذين كانوا يأملون بأن تتغير الخطط والأنشطة المتعلقة بالتغير المناخي.

ودائما ما واجه أقطاب التكنولوجيا مشكلة مع ما يعتبره الكثيرون العدالة الاجتماعية، إذ أنه على الرغم من توسع شركات التكنولوجيا، إلا أنها لم يكن لها تأثير شامل على الاقتصاد الأمريكي، ولم تفعل هذه الشركات الكثير لكي تخلق مجموعة واسعة من فرص العمل أو زيادة إنتاجية العامل.

وللتأكد من ذلك، كانت هناك مجموعة كبيرة من فرص العمل منطقة خليج سان فرانسيسكو وسيتل والعديد من الأماكن الأخرى، إذ تضم كاليفورنيا وحدها مليارديرات أكثر من أي بلد آخر في العالم ماعدا الصين.

لكن معظم هذا الازدهار وهذه الأجور المرتفعة التي روّج لها التقدّميون أمثال، روبرت رايخ لا تتعدى حدود "وادي السيليكون"، ففي معظم ولاية كاليفورنيا تنتشر المهن ذات الأجور المنخفضة.

كاليفورنيا تملك أعلى معدلات الفقر

وعلى الرغم من ثرواتها الهائلة، إلا أن كاليفورنيا تملك أعلى معدلات فقر بالنسبة للدخل في البلاد، إذ يحاول نسبة كبيرة من اللاتينيين والأمريكيين الأفارقة الذين يعملون هناك بالكاد تغطية نفقاتهم، وتشكل المناطق الحضرية بكاليفورنيا مثل لوس أنجلوس أحد أسوأ مستويات المعيشة بالولاية، وذلك وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن الديموغرافي ويندل كوكس.

وفي الوقت نفسه تواصل الطبقة المتوسطة والعاملة وخاصة الأسر الشابة منها مغادرة الولاية والذهاب إلى الولايات الأخرى، إذ أصبح عدد من يغادرون الولاية أكبر ممن يأتون إليها خلال الـ 25 عامًا الأخيرة.

حتى في "وادي السيليكون" نفسه لم يقدّم كل هذا الازدهار الكثير للطبقة العاملة أو للاتينيين والأمريكيين الأفارقة الذين مازالوا يعانون من نقص تمثيلهم في شركات التكنولوجيا الكبيرة، على الرغم من ادعاء هذه الشركات أنها تدعم التنوّع.

وخلُصَت الدراسة التي أجراها "مركز السياسة وميزانية كاليفورنيا"، مع أخذ تكاليف السكن في الحسبان، إلى أن معدل الفقر بمقاطعة "سانتا كلارا" قد ارتفع ليصبح 18% أي بنسبة 1 إلى 5 من عدد السكان، وهو تقريبًا أعلى بمرة ونصف من معدل الفقر الوطني. ومنذ العام 2007 بدأ دخل اللاتينيين والأمريكيين الأفارقة بالانخفاض تدريجيًا.

ويرجع الكثير من هذه الأمور إلى التغير في الهيكل الصناعي إلى "وادي السيليكون"، الذي تحول من صناعة البرمجيات إلى وسائل الإعلام.

وتمثلت نتيجة ذلك التحوّل في ازدياد أعداد المشرّدين وارتفاع تكاليف السكن التي أصبحت باهظة التكاليف على معظم سكان الولاية.

ومع قدوم رئيس تقع اهتماماته خارج منطقة خليج سان فرانسيسكو ويعتمد في دعمه على المناطق التي تعاني من مشاكل في التوظيف، سيُضطر أقطاب التكنولوجيا إلى العثور على جدول أعمال جديد، فنظام العولمة القديم العابر للقارات والذي يُبقي الأرباح خارج البلاد لن يُسمح به في نظام ترامب الذي وعد بقلب هذه الأنظمة.

وتتكون الدائرة الداخلية لترامب من أشخاص يستهدفهم "وادي السيليكون" الذي يرى بأن هؤلاء الأشخاص يعيقون التقدّم ولابد من إسكاتهم بالدعم المالي والإعانات.

وإذا تكيفت أقطاب التكنولوجيا مع الواقع الجديد، فإنهم قد يجدون أنفسهم أشبه بنظام ترامب أكثر مما كانوا يتوقعون، ولن يكون لشركات مثل "غوغل" تأثير ونفوذ مثل التي حصلت عليها في إدارة أوباما، لكن العديد من الأساليب قد تكون قابلة للتكيّف. وفي حين يتعامل الرئيس الجديد معهم سيزول قلقهم تدريجيًا، وسيبدأون في الإعجاب بإدارة ترامب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com