بوادر رفض روسي لتطوير العلاقة مع إيران
بوادر رفض روسي لتطوير العلاقة مع إيرانبوادر رفض روسي لتطوير العلاقة مع إيران

بوادر رفض روسي لتطوير العلاقة مع إيران

عندما تسلمت إيران، القطع الأولى من نظام روسي متطور للدفاع الجوي هذا الشهر، أشركت قاذفات الصواريخ المضادة للطائرات التي أرسلتها موسكو في عرض عسكري بمناسبة عيد الجيش.

وكان لدى طهران من الأسباب ما يدعوها للاحتفال، فقد كان القرار الذي اتخذه الكرملين قبل عام، بالمضي قدما في صفقة كانت متعثرة لتزويدها بنظام إس-300 أول دليل واضح على تنامي الشراكة الروسية الإيرانية، التي قلبت الحرب الأهلية السورية رأسا على عقب وأصبحت اختبارا للنفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط.

غير أن إرجاء تنفيذ الصفقة، يشير أيضا إلى القيود التي تكبل علاقة صاغها تلاقي المصالح لا اتفاق في الرؤية العالمية، في وقت تنقسم فيه القيادة الإيرانية بشأن أمور عقائدية وتبدي فيه روسيا بوادر رفض السماح بتطور هذا التحالف، وفقا لما قاله دبلوماسيون ومسؤولون ومحللون التقت رويترز معهم.

ويريد بعض المسؤولين الإيرانيين، تحالفا استراتيجيا وتعميق العلاقات بدرجة أكبر، لكن الكرملين يشير فقط إلى تعاون مستمر ذي بعد جديد بسبب الصراع الدائر في سوريا الذي يؤيد فيه الطرفان دمشق.

وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، الشهر الماضي "نحن نطور علاقاتنا الودية باستمرار لكننا لا نستطيع حقا الحديث عن نموذج جديد لعلاقاتنا".

وكانت روسيا، وافقت على بيع نظام إس-300 إلى إيران العام 2007 لكنها جمدت الصفقة العام 2010 بعد فرض عقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي.

ورفعت موسكو، أول حظر فرضته من جانبها في أبريل من العام الماضي، مع اقتراب إيران والقوى العالمية من التوصل إلى اتفاق، وهو الأمر الذي سمح بعد ذلك برفع العقوبات مقابل الحد من أنشطة برنامجها النووي.

وتدرس روسيا الآن الفوائد المالية والدبلوماسية، لمبيعات السلاح إلى طهران رغم ما قد ينطوي عليه ذلك من إثارة استياء دول أخرى من بينها السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل.

وقال مازيار بهروز، الأستاذ المساعد لتاريخ الشرق الأوسط والتاريخ الإسلامي، في جامعة سان فرانسيسكو، والذي درس العلاقة بين البلدين، إن لهذه العلاقة جانبا عسكريا واقتصاديا مفيدا للطرفين".

وأضاف "غير أن روسيا وإيران على مستوى الجغرافيا السياسية، لا يمكنهما تكوين سوى تحالف تكتيكي قصير الأمد وليس تحالفا استراتيجيا، وأعتقد أن الاختلافات العقائدية بينهما عميقة جدا".

دعم دمشق

وبدا في سبتمبر الماضي، أن العلاقات الودية منذ فترة طويلة ستصل إلى مستوى جديد، عندما أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالتدخل العسكري في سوريا دعما للرئيس بشار الأسد حليف إيران.

ومن الناحية الدبلوماسية جعلت العمليات المشتركة موسكو وطهران شريكين أساسيين في أي مناقشات حول الأمن الإقليمي.

وهذا مهم لبوتين، الذي سعى لتدعيم التحالف في المنطقة لزيادة نفوذ موسكو منذ مقتل الزعيم الليبي معمر القذافي الذي كان حليفا لروسيا.

والأقل وضوحا من ذلك، هو مدى استفادة موسكو عندما يتعلق الأمر بالفوز بعقود مربحة بعد رفع العقوبات ذات الصلة بالمسألة النووية، ولا توجد مؤشرات تذكر الآن على نجاح الشركات الروسية في التغلغل في إيران.

ويرجع ذلك في جانب منه لأسباب عقائدية، فالمؤسسة الإيرانية منقسمة، إذ أن الفصيل الذي يمثله الرئيس حسن روحاني، مهتم بالتعامل مع الغرب أكثر من اهتمامه بمعارضته وذلك حتى إذا ظل الكثير من السياسات الأمريكية موضع استنكار.

ولا يوجد لدى روسيا حافز يذكر للانضمام إلى "محور المقاومة" الشيعي في أغلبه الذي يقف في وجه المصالح الغربية في المنطقة ويقوده فصيل إيراني محافظ بدرجة أكبر لأن ذلك قد يفسد علاقاتها مع قوى أخرى في الشرق الأوسط مثل إسرائيل والسعودية ومصر.

لقاءات سرية

جاء أول تدخل كبير من جانب روسيا في الشرق الأوسط منذ الحرب الباردة في أعقاب شهور من اللقاءات السرية في موسكو بين بوتين ومسؤولين إيرانيين من بينهم قادة الحرس الثوري الإسلامي وعلي أكبر ولايتي مستشار الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي للشؤون الخارجية.

ومن المحتمل أن يجد خامنئي تحالفا وثيقا وحصريا مع روسيا ملائما. وخامنئي هو أقوى شخصية في إيران وهو القائل إن النفوذ الغربي هو السبب في مشاكل إيران كما أنه ضغط بشدة لتنفيذ سياسته القائمة على التطلع شرقا.

لكن هذه السياسة تتعارض مع سياسة الحكومة الإيرانية بقيادة روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي سعى بشكل شبه أسبوعي لاستمالة الوفود الغربية منذ التوصل للاتفاق النووي مع القوى العالمية في يوليو تموز الماضي.

فروحاني الذي تلقى تعليمه في الغرب أقل ميلا نحو روسيا وتربطه علاقة مشوشة ببوتين. وفي نوفمبر تشرين الثاني الماضي وخلال زيارته الأولى إلى طهران منذ ثماني سنوات اتجه بوتين مباشرة من المطار للقاء خامنئي بدلا من رؤية روحاني أولا كما يفعل أغلب الزائرين.

وقال دبلوماسي إيراني لرويترز مشترطا عدم نشر اسمه "روحاني وبوتين لا يأتلفان."

كذلك فإن بعض المسؤولين الإيرانيين يخشون من الاقتراب أكثر مما يجب من روسيا التي حاربت بريطانيا من أجل الهيمنة على إيران في القرن التاسع عشر واحتلتها خلال الحربين العالميتين.

وقال عبد الله رمضان زادة الذي كان متحدثا باسم الرئيس السابق محمد خاتمي لرويترز من طهران "الروس استغلونا دوما كأداة في سياستهم الخارجية. ولم يبقوا على التزامهم بالتحالف مع أي دولة."

وأظهرت بيانات روسية أن حجم التجارة مع إيران بلغ 1.3 مليار دولار فقط العام 2015 وذلك رغم وجود بوادر على تحسن التعاون الثنائي.

وتقول روسيا إنها على استعداد لبدء صرف قرض قيمته خمسة مليارات دولار لطهران لتمويل مشروعات البنية الأساسية. ويجري بحث صفقة ترسل روسيا بمقتضاها كميات من النفط والغاز إلى شمال إيران حيث تندر الإمدادات على أن تبيع إيران كميات مقابلة من حقولها الجنوبية لعملاء روسيا في الخليج.

لكن محللين في قطاع النفط يقولون إن احتمالات التعاون قد تكون محدودة لأن إيران تحتاج في الأساس للتكنولوجيا والمعدات التي تحتاج إليها روسيا أيضا.

كما أن روسيا تجري مباحثات للمساهمة في تطوير سلاح الجو الإيراني المتقادم وذلك ببيع مقاتلات سوخوي من طراز سو-30 لها لكن هذه الصفقة ستتطلب موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وربما تؤدي لتوتر علاقات موسكو مع إسرائيل والسعودية والولايات المتحدة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com