شاب يشتم عطرا
شاب يشتم عطرامتداولة (تعبيرية)

علماء يكشفون صلة بين ذكرياتنا المثيرة للاشمئزاز وتجاربنا الحسية

في جهد تعاوني بين باحثين من جامعة ماكواري في أستراليا وجامعة كارولينسكا في السويد، كشف علماء النفس عن وجود ارتباط مهم بين ذكرياتنا الأكثر إثارة للاشمئزاز والتجارب الحسية، وخاصة الروائح والأذواق واللمسات. يسلط هذا الاكتشاف الضوء على علم النفس المعقد وراء استجابات الاشمئزاز البشري وآثارها التطورية في الحماية من الأمراض.

وبحسب تقرير نشره موقع "نيوزويك"، هدفت الدراسة، التي شملت 216 طالبًا جامعيًّا، إلى استكشاف كيف تسهم الإشارات الحسية في شدة الاشمئزاز الذي تعاني منه الذكريات المختلفة. وقد طُلب من المشاركين أن يتذكروا حالات لا تُنسى من الاشمئزاز والخوف والنفور الأخلاقي والتجارب الجسيمة في استطلاعين منفصلين تم إجراؤهما بفارق أسبوع.

كشفت النتائج عن انتشار ملحوظ للروائح والأذواق واللمسات، أي الحواس القريبة، بين التجارب المروية، متجاوزة المشاهد والأصوات، أي الحواس البعيدة. وتشير هذه الملاحظة إلى أن المدخلات الحسية المتعلقة بالاتصال الجسدي المباشر تلعب دورًا محوريًّا في إثارة استجابات الاشمئزاز.

وبالاعتماد على علم النفس التطوري، اقترح الباحثون أن الاشمئزاز يعمل كآلية وقائية ضد المصادر المحتملة للعدوى، بما يتماشى مع جهاز المناعة الفسيولوجي. ووفقًا لعالم النفس مايكل دي بارا، فإن الوظيفة التطورية للاشمئزاز تدور في المقام الأول حول الوقاية من المرض عن طريق تحفيز سلوكيات الإبطال.

وقال دي بارا: "إن الأمراض المعدية تمثل ضغطًا اختياريًّا مهمًّا في التطور، فهي تشكل إستراتيجيات تجنب الأمراض السلوكية في العديد من الحيوانات، مع أمثلة على كل شيء من الأغنام إلى النمل. أما في البشر، فنعتقد أن الاشمئزاز يعمل كامتداد معرفي لجهاز المناعة؛ ما يحفز على تجنب الأشياء التي لديها بعض احتمالية التسبب في العدوى".

يتم تأكيد عالمية الاشمئزاز من خلال تعبيرات الوجه المرتبطة به، مثل تجاعيد الأنف وتضييق العين، والتي يمكن التعرف عليها على نطاق واسع عبر الثقافات. وقد أشارت الأبحاث إلى أن قدرة البشر على تمييز الاشمئزاز لدى الآخرين تساعد في الحماية الذاتية، ما يؤدي إلى تجنب التهديدات المحتملة.

وقد تنبع الحساسية المتزايدة للروائح والأذواق واللمسات في إثارة الاشمئزاز من حقيقة أن مسببات الأمراض والسموم تتسلل عادة إلى الجسم من خلال هذه البوابات الحسية، مثل الممرات الأنفية أو الفم أو الجلد. في المقابل، تشير المحفزات البصرية والسمعية غالبًا إلى أضرار محتملة أبعد، مما يشكل تهديدات أقل إلحاحًا، وبالتالي اشمئزازًا.

وبهذا، لا تؤدي نتائج الدراسة إلى تعميق فهمنا للأسس النفسية للاشمئزاز فحسب، بل تؤكد أيضًا أهميته التطورية في حماية صحة الإنسان. من خلال توضيح دور الإشارات الحسية في إثارة استجابات الاشمئزاز، يمهد الباحثون الطريق لإجراء تحقيقات مستقبلية في التفاعل المعقد بين الإدراك والعاطفة وآليات الدفاع البيولوجي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com