لماذا يتردد لبنان في خفض قيمة الليرة‎‎؟
لماذا يتردد لبنان في خفض قيمة الليرة‎‎؟لماذا يتردد لبنان في خفض قيمة الليرة‎‎؟

لماذا يتردد لبنان في خفض قيمة الليرة‎‎؟

على الرغم من التراجع الحاد في سعر صرف الليرة اللبنانية في السوق السوداء والسوق الموازية، ألا أن سعر الصرف الرسمي لا يزال على حاله وهو أعلى بكثير من سعر السوق نظرا لارتباط العملة بالدولار الأمريكي، وامتناع سلطات النقد عن فك هذا الارتباط.

وفي الوقت الذي تزداد فيه الضغوط الاقتصادية والمالية والسياسية في هذا البلد العربي القائم على توازن طائفي حساس فإن بنك لبنان (المصرف المركزي)، لا يزال يرسل إشارات مطمئنة للمصارف والمودعين فيها بأن سياسة الارتباط لن تتغير حاليا وليس هناك أية خطة لخفض قيمة الليرة، التي هوت بأكثر من 90% خلال الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1975 واستمرت لاكثر من 15 سنة.

وأكدت مصادر مصرفية لبنانية، أن حاكم البنك المركزي رياض سلامة لا يزال متمسكا بضرورة الإبقاء على الربط بين الليرة والدولار وعدم خفض قيمتها في الوقت الحاضر.

وقال مدير أحد المصارف في بيروت: "لا نعتقد أن هناك أية خطة بالوقت الحاضر لتغيير سياسة الربط وخفض قيمة الليرة وإذا ما كانت هناك خطة فسيتم إعلامنا مسبقا".

ولفتت المصادر، إلى أن خفض قيمة الليرة سيخفف عبء الدين العام بشكل كبير نظرا لأن حوالي 60% من الدين الحكومي هو بالليرة اللبنانية.

ووفقا لبيانات المصرف المركزي ووزارة المالية، فإن إجمالي الدين العام بلغ نحو 87 مليار دولار بنهاية شهر أيلول (سبتمبر) الماضي وإن حوالي 32.5 مليار هو بالدولار الأمريكي في حين بلغ الدين بالليرة نحو 82.2 مليار.

وقال خبير مصرفي: "صحيح أن خفض قيمة الليرة سيساعد على تخفيف عبء الدين العام، إلا أن التكلفة الاجتماعية ستكون ضخمة... والحقيقة أننا لسنا بحاجة الآن لإثارة مشكلة اجتماعية بل نريد أن نعالج هذه المشكلة في هذه الظروف الصعبة."

ورأى خبراء اقتصاديون أن خفض قيمة الليرة بشكل كبير سيؤدي إلى تراجع كبير في مدخرات صناديق التقاعد اللبنانية وتأكل مدخرات الطبقة الوسطى وودائعها في المصارف، بالإضافة إلى انخفاض حاد في القيمة الحقيقية للأجور والتي لم تشهد تحسنا حقيقيا طوال السنوات الماضية بسبب الارتفاع المتواصل لمعدلات التضخم.

وأشاروا إلى أن مثل هذه الخطوة قد تؤدي أيضا إلى موجة إفلاسات في الشركات، التي عليها ديون بالدولار الأمريكي ما سيسبب في تسريح موظفين وارتفاع معدلات البطالة التي زادت بشكل كبير في الأعوام القليلة الماضية.

وقال اقتصادي في بيروت: "هناك عوامل سلبية  كثيرة أخرى لمثل تلك الخطوة... لكن المشكلة الرئيسية هي أنها ستؤدي إلى إضعاف القطاع المصرفي الذي نحن في أشد الحاجة إليه خاصة وأن القطاع له ودائع كبيرة بالليرة في بنك لبنان."

وأضاف: "لذلك يجب الحذر قبل التفكير في عملية خفض الليرة... قد تكون مطلوبة لاحقا لكن بطريقة مدروسة وبنسبة صغيرة أومتوسطة لأن ذلك سيساعد على حفز النمو وزيادة القدرة التنافسية للصادرات اللبنانية... لكن بالتأكيد لا يجب أن يكون خفض قيمة الليرة الوسيلة الوحيدة لمعاجلة الدين العام."

وأشارت إحصائية للبنك المركزي، إلى أن البنوك اللبنانية التي يزيد عددها على 70 مصرفا تمتلك ودائعا ضخمة بالليرة في بنك لبنان، بلغت نحو 231 مليار ليرة (154 مليار دولار) بنهاية أيلول الماضي بزيادة نحو 23% عن مستواها في أيلول عام 2018 والبالغ حوالي 187 مليار ليرة (124.5 مليار دولار).

وقبل نهاية العام الماضي أصدرت مجموعة من الخبراء الاقتصاديين اللبنانيين، تقريرا تضمن مقترحات لمعالجة الأزمة الاقتصادية في لبنان دعى إلى ضرورة الدفاع عن قيمة الليرة في الوقت الحاضر حتى يتسنى للسلطات الاقتصادية والنقدية إعداد خطط سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية لمعالجتها، مشيرا إلى أن تكلفة الدفاع عن الليرة ستكون مرتفة جدا قبل أن يتمكن لبنان من استعادة ثقة السوق.

وحذر التقرير من أنه في حال السماح لليرة بالانزلاق بطريقة غير مدروسة وبشكل لا تمكن السيطرة عليه فإن الأزمة الاجتماعية ستتفاقم بشكل كبير.

وقال إن أفضل سبيل للدفاع عن الليرة هو طلاق الإصلاحات الاقتصادية الحقيقية بأسرع وقت ممكن، من أجل تحسين مصداقية الدولة... وعلى بنك لبنان أن لا يسمح لاحتياطاته الخارجية بالتدهور لأنه سيصبح من المستحيل خدمة الدين العام وستضعف قدرة الدولة على تمويل واردات السلع الأساسية مثل الغذاء والدواء والوقود."

وبلغ إجمالي الاحتياط الخارجي لبنك لبنان حوالي 38.1 مليار دولار بنهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، فيما بلغ احتياط الذهب 13.4 مليار دولار. وأظهرت بيانات بنك لبنان أن الاحتياط تراجع من نحو 45.2 مليار دولار في منتصف عام 2018.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com