تشهد مدن عراقية حالات انتحارية بشكل يومي، وسط ارتفاع مقلق لزيادة الظاهرة في ظل غياب أي خطط حكومية لإيجاد حلول فورية للقضاء عليها، فيما يعزو خبراء زيادة هذه الحالات إلى مشاكل اقتصادية واجتماعية مختلفة، أبرزها الفقر والبطالة.
وفي ظل هذا الارتفاع، أقرت الحكومة العراقية، قبل نحو خمسة أشهر، إستراتيجية وطنية للوقاية من الانتحار 2023-2030، فيما يسجل العراق سنويا بحسب مصادر أمنية وصحية أكثر من (350) حالة انتحار، باستثناء مدن إقليم كردستان.
وقال عضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي فاروق حنا، لـ"إرم نيوز"، أنّ "هناك ارتفاعا بحالات الانتحار في العراق خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وهذا الارتفاع مقلق، ويدعو إلى تحرك حكومي للحد من هذه الظاهرة، التي تتزايد بسبب المشاكل الاقتصادية بالدرجة الأساس".
وأضاف أن "إقرار الحكومة للإستراتيجية الوطنية للوقاية من الانتحار، يؤكد لمس الجهات الحكومية خطورة هذا الأمر، لكن لغاية الآن لم نلمس أي شيء مما أقرت به الحكومة، خصوصاً وأن حالات الانتحار تسجل بشكل شبه يومي في مدن عراقية مختلفة".
وأفاد حنا بأن "بعض حالات الانتحار تكون بسبب عمليات الابتزاز التي تتعرض لها الضحية خصوصاً الفتيات، وهذا الأمر يتطلب جهدا أمنيا للقضاء على حالات الابتزاز التي أصبحت دافعا لانتحار الكثير من الأشخاص، خشية من الفضيحة، خصوصاً الذين يعيشون ضمن مجتمعات عشائرية".
أما الباحث في الشأن الاجتماعي طه الدليمي، فقال لـ"إرم نيوز"، إن "مؤشرات حالات الانتحار في العراق ترتفع بشكل كبير، خصوصاً أن هناك عشرات الحالات لا تسجل بشكل رسمي على أنها حالات انتحار، بسبب الأعراف الاجتماعية والعشائرية لبعض العوائل".
وأوضح أن "الأسباب الرئيسة لزيادة حالات الانتحار لدى شريحة الشباب هي الفقر والبطالة وفقدان فرص الحياة الكريمة، فحالات اليأس دائما ما تكون هي سبب الانتحار، خصوصاً أن الفقر والبطالة يدفعان إلى مشاكل عائلية كبيرة، وبعض هذه المشاكل تتحول إلى جرائم قتل".
وأوضح الدليمي أن "العراق سجل وفق مصادر شبه رسمية نحو 350 حالة انتحار سنويا، لكن نعتقد أن الأرقام الحقيقية أكثر من ذلك؛ الأمر الذي يتطلب تدخلا أمميا لمساعدة العراق في مواجهة ظاهرة الانتحار التي أصبحت تهدد المجتمع العراقي، كما أن عدم معالجة الأسباب التي تدفع للانتحار يعني أن هذه النسبة سوف ترتفع بشكل أكبر وأخطر خلال السنوات المقبلة، مع الزيادة الكبيرة في نسب الفقر والبطالة".
ووفق قانون العقوبات العراقي، فإنه، يعاقب من يحرّض أو يساعد شخصاً على الانتحار في المادة 408 بالسجن 7 سنوات، في حين لا عقوبة لمن يشرع في الانتحار لعدم جدوى العقوبة.