خالد المريخي لـ"إرم نيوز": عبد الرحمن بن مساعد ليس المفضل لدي
قدم نفسه شاعرًا بشكل مختلف، وكوّن لنفسه قاعدة جماهيرية واسعة، مر بمنعطفات كبيرة، منها تخليه عن الجنسية الكويتية مرورًا باعتزاله الشعر العاطفي الغنائي، الشاعر السعودي خالد بن غنام المريخي يكشف في أول حوار مع "إرم نيوز" بعد انقطاع طويل عن الإعلام أنه لم يندم للحظة عن تلك القرارات، مستعرضًا أعماله الجديدة وسط ساحة شعرية يصفها بـ"الفوضوية"، ولم يخف المريخي إعجابه الشديد بعدد من الشعراء إلا أن الشاعر الأمير عبد الرحمن مساعد لم يكن أحدهم.
حدثنا بداية عن نشأتك، وكيف بدأت بالشعر ولماذا هويته؟
أنا من مواليد الكويت وعشت فيها أغلب حياتي وانتقلت إلى السعودية قبل قرابة 14 عاما. من بيئة بدوية بسيطة ومجالسنا كانت تزخر بالشعر وتحديدا الشعر الشعبي وقصص نجد والجزيرة العربية، ومنذ طفولتي هويت مجالس كبار السن وكنت أستمتع بأحاديثهم على عكس أقراني.
كيف يأتي للشاعر الإلهام عند الكتابة؟ وما مصادر تجليات الرؤية الشعرية؟
الشعر موهبة وملكة وتُصقل في بيئة معينة يتربى عليها الشخص. وعند كتابة الشعر يفترض على الشاعر أن يكون ملما بالشعر الشعبي لكي ينتج أفكارا وصورا جديدة. والرغبة وحضور الذهن عوامل مهمة لنجاح القصيدة، وهناك مقولة للموسيقار الفنان محمد عبد الوهاب: "الفنان المرتاح يطلع فنا مرتاحا" وليس شرطا ما يتردد كثيرا عن أن "المعاناة تخلق الإبداع"، أحيانا الراحة تخلق الإبداع.
هل لمست وجود دخلاء على ساحة الشعر هدفهم فقط الأضواء؟
نعم، يوجد في ساحة الشعر دخلاء، بل نحن في أكثر مرحلة زمنية نواجه فيها فوضى على جميع الأصعدة، وليس فقط في مجال الشعر. وفي مجال الشعر يستطيع أي شخص أن يكتب ما يجول في خاطره وينشره على مواقع التواصل سواء كانت فكرة سخيفة أو سطحية أو حتى ساقطة، ومجال الشعر هو من أكثر المجالات التي تجرؤوا عليها.
هل باتت كتابة الشعر مصدرًا مجديًا للدخل أم لا؟
مُجدٍ في الشعر الغنائي، نعم، لكن في الشعر الشعبي أعتقد أن مردوده ضعيف إلا إذا كان الشاعر الشعبي نجمًا كبيرًا.
بما أنك تطرقت لموضوع الشعر الغنائي، أعلنت سابقاً اعتزالك له، لماذا هذه الخطوة وكيف انعكست عليك؟
تركت فعلاً الشعر العاطفي دون رجعة، خلال الفترات الماضية كانت لي مشاركات ضيقة في هذا النوع من الشعر متعلقة في المجال الوطني فقط. وتركت الشعر الغنائي بقناعة شخصية دون إلحاح من أحد. اليوم عندما نسمع "فوق هام السحب" نشعر باعتزازنا وأصالتنا وهويتنا ووطنيتنا، بالنسبة لي لا زلت متمسكا بقناعتي وهي لست مرتبطة بتحريم الموسيقى بل بشكل الأغنية واستخداماتها في "الفيديو كليب". وبالمناسبة أنا أمنع أهلي من مشاهدة بعض "الكليبات الغنائية" التي تعرض الآن على الساحة.
هل هذا يعني أنك ندمت على أعمالك التي غناها مثلا محمد عبده وعبد المجيد عبد الله وغيرهما من الفنانين؟
لا، لم أندم على كلمات تلك الأغاني المغناة، لأني أحب شعري، ولكن لم أكن أتمنى أن يتم تصوير بعض أعمالي فيديو كليب؛ لأني أعتبرها جريمة. هناك غرائز لدى الناس لكي نكون واضحين وهذا هو سبب تحفظي. أنا معتزل هذا النوع من الأعمال إلى ما لا نهاية.
لو طلب منك محمد عبده القيام بتعاون معه لأغنية عاطفية هل سترفضه؟
حتى لو خرج طلال مداح -رحمه الله- فلن أوافق، لو كانت أغنية وطنية سأوافق لأبو نورة أما غير هذا النوع من الأعمال سأرفض. بالمناسبة لم تنقطع علاقتي مع زملائي الفنانين وأغلبهم يحترم موقفي، والبعض منهم يحاول أن يثنيني عن موقفي، لكن الإنسان عندما يتخذ قرارا عن قناعة شخصية دون ضغوط من أحد فمن الصعب أن يرجع عنه، والذي يرجع عن قراراته عادة الذي يتخذها وهو تحت تأثير موقف معين أو ضغوط جانبية.
هل قلّ دخلك المادي بعد قرار التوقف عن الأعمال الغنائية العاطفية؟
قبل قرار اعتزالي للأغاني العاطفية تخلصت من جميع الأموال التي حصلت عليها عن طريق هذه الأعمال لأني لم أكن مرتاحًا من دخل الأغاني العاطفية. حاليًّا لا أعتمد على دخل الأغاني ولا على الدخل الذي يعود علي من الأمسيات الشعرية لأنّ مردودها أصلا ضعيف. ومعتمد على بعض أعمالي التجارية في المقام الأول ويأتيني منها دخل مبروك.
ما العمل الغنائي الذي قدمته وتفتخر به؟
أغنية أداها الفنان علي بن محمد اسمها "طول الأمل" لم تنتشر على نطاق واسع لكنها انسمعت وأثرت بالناس، وأنا بالنسبة لي التأثير أهم من الانتشار الذي اعتبره أمرا سطحيا وسخيفا. وأدعو كل من يقرأ هذا الحوار أن يستمع لها في اليوتيوب. ومثل هذه النماذج من الأعمال افتخر بها لأن فيها رسائل نبيلة. وهناك أغان نبيلة تحوي رسائل إيجابية وقيم مثل "خلقت في الدنيا وأنا ما معي شي.. وبروح منها ما معي شي منها" والتي غناها راشد الماجد ومن كلمات الشاعر مبارك بن فايز البخيت.
هل لقيت هجوما من قبل جماهيرك على قرارك باعتزال الأغنية العاطفية؟
مثل هذه القرارات دائما لها مؤيدون ومعارضون، لكن دعنا نقل إن نسبة المؤيدين هي الغالبة والمعارضون لم يتجاوزوا 20%.
هل انتشار القصيدة وتفاعل الناس معها على مواقع التواصل يعتبر دليل نجاح للشاعر أم ليس شرطًا؟
الانتشار له سببان، إما لجمال الشعر أو لتفاهته. والشعر التافه يتفاعل معه الناس سلبًا. على عكس الشهرة المحمودة التي تأتي بعد أن يقدم الإنسان ما هو قيم. احترام الإنسان لنفسه أهم من بحثه عن النجومية على حساب سمعته. لكن اقتحام مجال ليس مجالك واستفزاز الناس من خلال "التريندات" كي تشتهر أمر شائع وسينعكس بالسلب على صاحبه عاجلا أم آجلا.
ما هي القصيدة التي كتبتها وشكلت لك نقطة تحول؟
قصيدة "ما بين بعينك" التي غناها الفنان عبد المجيد عبد الله وهذا العمل شكل نقلة لي في بداياتي. ولكن النقلة في مرحلتي الحالية هي الأغنية التي غناها الفنان علي بن محمد "طول الأمل".
هل هناك قصيدة معينة لشاعر منافس تمنيت لو كانت لك؟
نعم، كثير، هناك عدد كبير من قصائد مساعد الرشيدي تمنيت لو كنت شاعرها.
لو خُيرت بتحديد شاعر مفضل لك من بين الثلاثة: مساعد الرشيدي والأمير بدر بن عبد المحسن والأمير عبد الرحمن بن مساعد، من تختار؟
عبد الرحمن بن مساعد أكيد لا، ولكن مساعد الرشيدي وبدر بن عبد المحسن أحتار بينهما. الأمير عبد الرحمن شاعر جميل ولكن ليس من الشعراء المفضلين لدي أو الذي أتمنى أن أملك قصائده.
مَن قدوتك في عالم الشعر؟
هناك الكثير من الشعراء الذين تأثرت بهم، حتى أني تأثرت ببعض الشعراء من الشباب الصغير الذي خرج للأضواء بعدنا، وتمنيت بعض قصائدهم. مثلا في القصيدة الكلاسيكية أحب بندر بن سرور وعبيد الرشيد وعبد الله الرشيد وسعود بن محمد وسعود بن بندر وسعد الأكلبي ومساعد الرشيدي. ومن العصور السابقة أحب المتنبي وجرير والفرزدق والإمام الشافعي الذي يتمتع بقصائد من السهل الممتنع وهي مدرسة أميل لها.
بيت من القصيد تردده دائما؟
"يا حظ من لا عرف منهو ولا شيف.. إن طاب يحمد وإن تردى بكيفه" لبدر بن عبد المحسن.
هل تحفظ عدد القصائد التي كتبتها حتى الآن؟
لو أحسبها مع قصائد المناسبات مثل مناسبات الأسر الحاكمة وأفراحهم قد تصل إلى 400 قصيدة.
هل الشاعر مطالب بإنتاج عدد معين من القصائد كي لا ينساه الناس؟
بالعكس، قد تكتب قصيدة تغنيك عن مئة، وعندما تطالب بإنتاج قصائد معينة سواء بأفراح أو مناسبات عامة من الطبيعي أن تقل الجودة على العكس من كتابة قصيدة في مدة طويلة مع التنقيح المستمر في ظل اتساع الوقت، ستكون القصيدة متكاملة على العكس من كتابة قصيدة تحت ضغط السرعة.
لماذا يقول جمهورك إنك مختف عن الساحة حتى أن إنتاجك قل؟
لست مختفيا، ولكن أخطأت بأني لم أواكب "السوشال ميديا" في البدايات على عكس زملائي، فمنذ فترة بسيطة فقط فتحت حسابات في إكس والسناب شات. بالنسبة للإنتاج يبدو أن آخر أعمالي فيها نضج أكبر وموجهة لناس معينة فبالتالي حد هذا الأمر من انتشارها.
حدثنا عن تجربتك ومشاركتك في لجنة تحكيم برنامج شاعر الراية؟
انتهى الموسم الأول بنجاح ونستعد الآن للموسم الثاني وسأشارك فيه ضمن أعضاء اللجنة التحكيمية.
هل المنافسة الآن في الساحة الشعرية شرسة أم أنها أصبحت خاوية؟
الشعر الشعبي الآن يمر في مرحلة ركود، وفي المرحلة الحالية لا تنتشر القصيدة الجيدة بل تنتشر القصيدة المثيرة، مثل القصائد السياسية، وهذا الأمر اعتبره سلبيا.
ما جديد خالد المريخي؟
قدمت قصيدة لمقدمة مسلسل "الشرار" الذي يعرض حاليا على MBC وغنتها الفنانة نوال الكويتية:
من كاد رد الله كيده ابنحره
والظلم شين وكل ظالم وله يوم
ماكل خاطر ينجبر بعد كسره
صبرن يدوم وصبر لا يمكن ايدوم
من ذاق طعنات القريّب وغدره
يصير في كل المخاليق مصدوم".
وحاليًّا نعمل على اللمسات الأخيرة لعمل ديني اسمه "صلاة التراويح" وسوف ينشدها الفنان إسماعيل مبارك ومن ألحان الفنان الكبير محمد البلوشي.
وهذا إنتاج شخصي لي لأنّ نشر هذه القيم بالنسبة لي أثمن من أي مردود مالي.
خالد المريخي سعودي الجنسية حصل على الجنسية الكويتية ثم تنازل عنها، بعد أن أثار قضية المزدوجين حدثنا عن موقفك هذا وهل ندمت عليه؟
حصلت على الجنسية الكويتية عام 2003 وتنازلت عنها في 2010 ولأن القيادة السياسية السعودية أمرتني بعدم الخوض في هذه القضية مجددا واستجابة لها، لم أفتح هذا الموضوع منذ تلك الأيام لالتزامي برغبة قيادتي. أنا ممنوع من دخول الكويت منذ تلك الفترة عندما قالوا أن المريخي زار معرض الكتاب في الكويت وفي الحقيقة لم أزره وإنما عُرض كتابي في المعرض فقط. وعموما لم أندم على قرار قيامي بالتخلي عن الجنسية الكويتية بل إن كل يوم منذ قراري الذي اتخذته قبل 14 عاماً أرى أني أصبت فيه أكثر.
كلمة أخيرة لك؟
أقول بيتا حصريا من عملي الجديد الذي أعمل عليه حالياً بعنوان "صلاة التراويح": من طاع ربه يبشر بهبة الريح ومن طاع نفسه بشره بالغبينة.
