المواصلات تتحول إلى كابوس في حياة السوريين
المواصلات تتحول إلى كابوس في حياة السوريينالمواصلات تتحول إلى كابوس في حياة السوريين

المواصلات تتحول إلى كابوس في حياة السوريين

معاناة يومية يعيشها المواطن السوري مع تفاقم أزمة النقل والمواصلات، حتى باتت تشكّل هاجساً حقيقياً للكثيرين.

مَشاهد يومية متكررة لأشخاص يقفون على امتداد الطريق، يتسابقون للوصول إلى وسيلة نقل توصلهم إلى مقاصدهم. يتراكضون ويتدافعون للحصول على مقعد خاص، والبعض بات أمام هذه الأزمة لايبحث عن مقعده بل عن مساحة على أرض "المكرو، أو الفان، أو مكان يعلق يده به في أعلى باصات النقل العام.

وتشتد الأزمة عند انتهاء الدوام الرسمي حيث نجد أناساً يبحثون عما يقيهم حرّ الصيف أو برد الشتاء، وأوقات الانتظار الطويلة بعد يوم عمل.

الهاجس المخيف

باتت وسائل النقل حدثاً مرعباً للمواطن السوري الذي يعيش باستمرار توتر أزمة النقل المضافة إلى أزمات ومشكلات متنوعة اقتصادية وإنسانية وحياتية. ومع الارتفاع المستمر والمتواصل لارتفاع الأسعار والتي تتناسب مع ارتفاعها طرداً أجور النقل تقابلها قلة وسائل النقل التي بقيت صامدة بعد بداية الأحداث السورية، وتحكّم السائقين بالركاب من ناحية الأجور ومن ناحية الازدحام الشديد التي تفوق احتمال المكرو باص. فيقع المواطن بين مطرقة ارتفاع الأجور وسندان غياب وسائل النقل العاملة فعلياً. ويرضخ للازدحام الشديد إذ لا حلّ له حتى في وسائل النقل الكبيرة "باصات النقل العام" التي تكاد في بعض الأوقات أن تلفظ الناس منها لنقلها أعداداً مضاعفة عن قدرتها الاستيعابية مما يشكل خطراً حقيقياً على الطرقات.

شكاوى وهموم

شكاوى كثيرة رددها المواطنون أمام شبكة إرم الإخبارية حول الاستغلال الجائر من قبل السائقين، والتغاضي أو العزوف عن المحاسبة من قبل الحكومة حسب تعبيرهم. والمتضرر الوحيد هو المواطن الذي يقع على عاتقه كل زيادة في الأسعار.

معظم من التقتهم شبكة إرم الإخبارية أشاروا إلى أن السائقين باتوا يحددون أجور النقل في سياراتهم، وتختلف الأجور حتى ضمن خط النقل الواحد حسب مزاج السائق الذي باتت حجته جاهزة بعد رفع أسعار المحروقات فيحتج بالسعر المرتفع و وقت الانتظار الطويل الذي احتاجه للحصول على المحروقات.

أحد المواطنين أفادنا أنه خرج مسافة 9 كم من منزله إلى مكان عمله في دمشق فاحتاج مبلغ 1500 ليرة سورية لنقص "المكرو باصات" واضطراره لاستخدام سيارة أجرة وإن كانت هذه حالة خاصة باتت تتكرر كثيرا نظراً لأن الحل الوحيد الذي يبقى أمام المواطن هو أن يستقلّ سيارة أجرة. لكن وفي حساب بسيط مايحتاجه الموظف السوري في اليوم بدمشق كأجور مواصلات تترواح بين 200- 400 ليرة حسب بُعد المنطقة عن مركز المدينة ومكان العمل، وعدد وسائل النقل التي يحتاج أن يستقلها للوصول إلى عمله.

ومبلغ 200 ليرة ليس بقليل على أي موظف أي أنه يحتاج شهريا مايقارب 6000 ليرة سورية كثيراً ماتزيد بسبب أزمة المواصلات أي أكثر من ربع مرتب الموظف بالنسبة للقاطنين في مناطق بعيدة عن دمشق. وحتى ضمن دمشق إذا أردت التنقل بسيارة أجرة فعليك أن تحضّر مبدئياً 500 ليرة بانتظار أن يقبل السائق بعد مجادلات طويلة بها.

وفي اللاذقية مثلا يحتاج من يسكن في الريف الذي يبعد بين 15كم و30 كم إلى 150 ليرة ذهابا إلى المدينة ومثلها إياباً هذا إذا لم يضطر أن يستقل سيارة أخرى باتجاه عمله. وفي حساب بسيط تبلغ كلفة الشخص الواحد 4500 ليرة أي أن من لديه اثنين من الأولاد في الجامعة مثلا أو في مدارس المدينة يحتاج إلى مايقارب اثني عشر ألف ليرة هذا فقط من أجل النقل عدا عن بقية المصاريف المتكاثرة اليومية وعدا عن مصاريف الغذاء اليومي.

وفي حمص تحتاج أن تنتقل مثلا بين كرم اللوز ومنطقة السوق بين 300- 400 ليرة تقل أو تزيد حسب السائق بشكل يومي.

والتنقل ضمن مدينة حمص بسيارة الأجرة يحتاج إلى مايتراوح بين 250-400 ليرة.

ناهيك عن أن بعض القرى في حمص غير مخدمة بعدد كافٍ من وسائل النقل وبالتالي يضطر المواطن إلى الالتزام بأوقات يحددها السائقون أنفسهم خارج حسابات المواطن والتزامه بأوقات عمله، وعندها إما يضطر إلى أن يستقل سيارة أجرة يخضع فيها لابتزاز السائق أو يفكر بالمبيت عند أحد أقربائه في المدينة.

وهنا تبدأ الشكاوى وحسابات الراتب الشهري الذي بات تخصيص جزء ليس بالقليل منه لأجور النقل عبئاً إضافياً وثقلاً لايمكن احتمال استمراره على المواطن.

بين المواطن و السائق

هذا الواقع الذي فرضته الأحداث التي تمر بها سوريا منذ مايقارب الأربعة أعوام باتت عاملاً إضافياً ويومياً للتعب والإرهاق. وبات التنقل مشكلة لايستهان بها في حياة السوريين.

بعض المواطنين والذين بات التأخير عن أعمالهم وجامعاتهم صباحاً وعن منازلهم مساء عنوانا حجته حاضرة وجدوا حلّاً يخفف الأعباء عنهم ضمن المدينة حيث أطلقوا شعار الرياضة والمشي ولو كان إجبارياً أو مرهقاً، وبعضهم الآخر بات يتشارك مع مجموعة يتفق معها ثمن أجور سيارة الأجرة والمعروفة بـ "التاكسي".

وبالمقابل عمّت الفوضى مجتمع السائقين بعد نقص وسائل النقل بسبب خروج بعضها عن الخدمة بعد ما لحق بها من تخريب من جهة وارتفاع أسعار المحروقات وصعوبة الحصول عليها من جهة أخرى. فمنهم من أصبح يخالف تصريح خط سيره ويعمل بين موقف وآخر، أو بين الأحياء ومنهم من لايصل إلى نهاية خط سيره بحجة عدم توفر المحروقات.

هذا الأمر دفع ببعض المواطنين القاطنين خارج المدينة وفي الأرياف إلى المبيت والنوم عند أقرباء لهم في المدينة. حيث بات هذا الحل هو الوحيد المتوفر عند هؤولاء بسبب عدم توفر وسائط نقل إلى قراهم في ساعات المساء الأولى.

كما دفعت هذه الحال بعض طلاب الجامعة القاطنون في الأرياف إلى التقدم بطلب إلى إدارة السكن الجامعي لتوفير غرفة مشتركة حتى لوكانت مع خمسة طلاب أو أكثر ليحموا أنفسهم من جور وعقدة المواصلات.

وفي هذا الوضع بدأت بعض الشاحنات الصغيرة المعروفة بـ "سوزوكي" تعمل خلال أوقات الازدحام الشديد لتنقل في صندوقها الخلفي بعض الراغبين بالوصول إلى منازلهم غير آبهين بالطريقة. بل إن بعضهم رأى فيها حلاً جيداً لاتزاحم السيدات عليه.

أسباب و دوافع

أسباب كثيرة أدت إلى تراجع خدمة النقل والمواصلات في سوريا منها خروج بعض وسائل النقل عن الخدمة وتناقص عددها وارتفاع أسعار المحروقات. تُضاف إليها الكثافة السكانية التي تركزت في مدن دمشق وطرطوس واللاذقية وازدياد عدد السكان على حساب تناقص وسائل النقل الأمر الذي زاد من حدة الأزمة.

وبين الأسباب والنتائج لاينتظر السوريون إلا الحلول. لأنهم على دراية كاملة عما حلّ ببلدهم بسبب الحرب، غير أنهم يأملون بحلول ناجعة ومفيدة تظهر نتائجها على أرض الواقع، تحميهم وتساندهم في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها بعيداً عن التبرير المتواصل للأسباب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com