"من أول ساعة غياب".. آخر مقالات حبيب الصايغ قبل رحيله
"من أول ساعة غياب".. آخر مقالات حبيب الصايغ قبل رحيله"من أول ساعة غياب".. آخر مقالات حبيب الصايغ قبل رحيله

"من أول ساعة غياب".. آخر مقالات حبيب الصايغ قبل رحيله

رحل الأديب والشاعر حبيب الصايغ عن عالمنا، اليوم، وقد تناول في مقاله الأسبوعي بجريدة "الخليج"، التي يرأس تحريرها، الذي نشره يوم أمس، مسألة الهدر بشقيه المادي والمعنوي وتأثر ذلك على حجم العمل والإنتاجية.

وإليكم نص المقال:

هل درس أحد الهدر أو إمكانية الهدر المادي (وأيضًا المعنوي) كنتيجة طبيعية لمظاهر مثل عدم الجدية في العمل، وعدم اعتبار الوقت؟ كم من الساعات تضيع من وقت العمل، وما هو حجم العمل والإنتاج بالفعل؟ يقال الكثير عن هذا الموضوع على سبيل الانطباع، وضروري الاحتكام إلى معلومات وأرقام صحيحة أو أقرب إلى الدقة.

يقال إن وقت العمل الحقيقي لا يتعدى مثلًا ساعتين أو ساعة، ويذهب البعض إلى أن وقت العمل الحقيقي لا يتعدى الدقائق المعدودة، فكم يصح ذلك؟ وكم يكون كاذبًا ومحل إشاعة؟

طبعًا هناك من يعمل طوال الوقت بسبب من حرصه وانتمائه إلى قيم العمل، وهناك من يفرض عليه نوع الوظيفة ذلك، فالموظفون الذين يتعاملون مع الجمهور مباشرة يحضرون ويعملون بطبيعة الحال، لكن كم نسبة هؤلاء إلى المجموع العام؟

الرأي الانطباعي المبني على مشاهدات الظاهر، يشير إلى واقع يعاني خللًا في مواضع عدة، حيث غياب الموظفين في غيابهم والحضور حكاية «مكرورة» وتثبت وجودها كل يوم، وفي المشهد من يحضر أول النهار وآخره فقط، وفي المشهد من ينصرف بعد صلاة الظهر مباشرة، والنصف ساعة الأولى إضافية، وكذلك نصف الساعة الأخيرة لدى البعض. الغياب بكل معانيه يؤثر في حالة البعض، لكنه لا يؤثر في حالة البعض الآخر، وفي ذلك شيء من ظلم.

وليس المطلوب تعميم الأنموذج السيئ؛ بل المطلوب وهذا بديهي التمسك بالتجارب الجميلة، لكن مع تأكيد أن هذه تتأثر سلبيًا كلما وجد نقيضها في أوساط من الرضى والقبول.

هل نأخذ يومي الدوام بعد إجازة عيد الأضحى المبارك مثالًا؟ كان حضور الموظفين يومي الأربعاء والخميس ضعيفًا، ولذلك أكثر من سيناريو أو تفسير: إما أن يكون الموظفون المقصودون قد أخذوا اليومين أو أحدهما إجازة من الإجازة السنوية، أو أن يكونوا، أو بعضهم، اعتبروها في حساب عطلة العيد، وكل عام والجميع بخير.

أيًا كان السبب، فالمزيد من التنسيق والترتيب كان مطلوبًا، حتى لا تخلو أقسام وإدارات بأكملها من المسؤولين والموظفين.

مثال قريب فوجب إيراده، والحديث عن عدم التعامل الجدي مع العمل، ومع حسن أو عدم حسن إدارة الوقت، والحديث عن موظفين شباب يفقدون وظائفهم نتيجة الغياب المتوالي المستمر؛ الأمر الذي بات يشكل ما يشبه الظاهرة.

طبعًا هنالك إجراءات تدريجية تتخذ بشأن هؤلاء، فالمسألة مهمة وتتصل بمستقبل الشاب وأسرته، والمؤكد أن معظم النار من مستصغر الشرر، والذي يغيب يومًا وأسبوعًا يغيب شهرًا وستة أشهر.

لا يُكتفى هنا بعرض المشكلة من دون الدعوة إلى مواجهتها ومعالجتها، وأول ذلك عدم الاستهانة والمتابعة اليقظة من أول يوم غياب ومن أول ساعة غياب.

اليقظة من أول ساعة غياب تعيد إلى الشاب المواطن يقظته.. تنبّهه منذ أول المشكلة فلا تتركه يتمادى. أما الغفلة فلا تؤدي إلا إلى المزيد من الغفلة والتجاهل، فليكن التحرك من أول ساعة غياب، فقد تكون أول الهروب الكبير.

- See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/5a90c215-8884-49a5-b815-e0204cb2e44f#sthash.Jfs1fNBS.dpuf

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com