جهاز رضاعة صناعي .. هل يحل أزمة وضع الطفل اليتيم ؟
جهاز رضاعة صناعي .. هل يحل أزمة وضع الطفل اليتيم ؟جهاز رضاعة صناعي .. هل يحل أزمة وضع الطفل اليتيم ؟

جهاز رضاعة صناعي .. هل يحل أزمة وضع الطفل اليتيم ؟

قامت العديد من الدول بتصنيع جهاز الرضاعة الصناعي، ليكون حلاً قاطعاً لوضع تلك المعضلة التي تمثلت في نقلة حالة اليتيم من كونها وضعاً يعبر بصيغة المكفول وهو صبي لم يبلغ الحلم في رعاية كافليه، وهو شيء مقبول شرعاً بل محمود فعله إلى أن يبلغ مرحلة التكليف، فتتداخل عندها حالة وضع إقامته مع مستجدات المتغيرات التي طرأت عليه، فتزيح البساط عن مشروعية إقامته في وسط هو بمقتضى حكم الشرع صار في حكم الغريب الأجنبي عنه، والذي يترتب عليه أن يعزل عن محارمه، وهو ما أشارت إليه منطوق الفتوى الخاصة بتحريم بقاء الطفل اليتيم مع كافليه بعد سن البلوغ، لأنه شخص أجنبي عنهم، فهو محرم لأمه وأبيه، غير أن عملية فصل المراهق عن أسرته التي ربته لها من التبعات النفسية والاجتماعية، ما تثقل وجدان المجتمع وتضر بالمراهق نفسياً واجتماعياً.

في هذا الخصوص يقول د.علي أحمد استشاري طب الأطفال: بوادر الحل جاءت عندما تم تصنيع جهاز مضخة للثدي تستخدمه النساء اللاتي يُعانين نقصاً في إفراز اللبن، فأتى بفكرة الجهاز الأمريكي وزوّده بمضخة كهربائية وليست يدوية، وأُضيف له جهاز شفط للحليب وضخه بكمية محددة مع تنظيم في مواقيت الرضعات للطفل، حتى تكتمل الخمس رضعات المشبعات، وبذلك يتم كسر حاجز تحريم وجوده معهم بعد البلوغ والكبر، وقد طوّر هذا الجهاز بحيث بمساعدة بعض التمارين الرياضية والتدليك يمكنه العمل مع أي سيدة أو آنسة، ولا يشترط أن تكون قد أرضعت من قبل ذلك أم لم ترضع.

وتأتي أهمية هذا الجهاز كحل جذري لمشكلة تحريم وجود الطفل المكفول مع أسرته بعد البلوغ، وقد تزايد الطلب على كفالة الأطفال الأيتام عقب تفعيل عمل هذا الجهاز، وعن عملية إفراز الحليب من ثدي الأم والتي تتم عادة لوجود غدد الثدي، والتي تتهيأ لأداء دورها في أعقاب حدوث الحمل، نسبة لعملية إفراز هرمونات الإستروجين والبروجيسترين، وتصبح في أعقاب الولادة جاهزة لإفراز الحليب لإتمام عملية رضاعة الطفل، وفي هذه الحالة يؤثر عليها هرمون البروكتين الذي يفرزه الفص الأمامي للغدة النخامية، وهو المسئول عن إفراز الحليب، والثاني هو هرمون الأوكستيوستين، ويتم إفرازه من الفص الخلفي للغدة النخامية، ويساعد على انقباض الغدد لتضخ الحليب إلى القنوات حتى يتم امتصاصها، ولعل أهم العوامل المؤثرة على إفراز حليب الأم بعد الولادة هي رضاعة الطفل، لأنها تكون عن طريق إرسال إشارات عصبية إلى المخ لتفرز الأوكسيتوسين ليضخ اللبن، فيزداد هذا بجانب الحالة النفسية للأم وطريقة غذائها، أو العقاقير التي تقلل من إفراز اللبن مثل هرمونات الذكورة.

وعن إمكانية سحب حليب من ثدي السيدة العاقر بواسطة الجهاز، يؤكد د.علي أحمد أنه يمكن لثدي السيدة العاقر أن يفرز لبناً عن طريق إعطائها هرمونات معينة، للمساعدة على هذه الإفرازات مثل هرمون البرولاكتين، مع مراعاة أن يكون غذاؤها متكاملاً، ولقد كان الغرض من تصميم هذا الجهاز إتمام عملية تغذية الأطفال، عن طريق السماح لهم بالرضاعة من لبن الأم بالطريقة الصناعية في حالة تعذر إتمامها بالصورة الطبيعية، ولكن تم تطوير الجهاز في مصر بإضافة مضخة كهربائية له لسحب الإفرازات اللبنية، ويقدر ثمن الجهاز بحوالي 17 ألف دولار أمريكي.

بينما يرى د.كمال إسماعيل أستاذ علم النفس أن المشكلة الحقيقية التي تنحصر في كفالة الطفل تكون عند فصل المراهق المكفول عن أسرته في سن حرجة، وهي مرحلة المراهقة، والذي سيؤدي إلى تراكمات نفسية لإحساسه بأنه أتى إلى الدنيا دون قصد من أبويه، وأنه يصبح منبوذاً اجتماعياً من أفراد المجتمع فينشأ منهزماً نفسياً، وهذا خطر حقيقي على المجتمع، لأنه لن يكون مسئولاً عما حوله من بيئة ومجتمع وناس يشاركهم حياتهم، بل سيكون مدمراً لأنه يحمل في طيات نفسه غضب ومرارة اليتم والحرمان من الحب، ويكبر معه الشعور بالسخط على الدنيا ومَن فيها وتقوى لديه نزعة الانتقام من كل مَن نبذوه عن ذنب لم يقترفه، وسيصب سخطه أولاً على المجتمع، ومن هنا تنبع أهمية الكفالة، لأنها تمنع خطره وتوفر له سبل معيشية تجعل منه آدمياً له حقوق وعليه واجبات، واستخدام جهاز الرضاعة يحول دون عملية الفصل عند البلوغ؛ مما يقلّل بصورة كبيرة من هذه الآثار النفسية، لأن الطفل سيجد اليد التي تحنو عليه طوال حياته.

الشيخ نصر الرفاعي وكيل وزارة الأوقاف السابق ، قال: إن التبني محرم شرعاً كما نص حديث الرسول الكريم، والتبني هو عملية إدخال طفل يتيم أو غريب عن الأسرة إلى صفوفه، ليرث اسم أبيه ويتعامل مع هذه الأسرة تعامل الابن الشرعي سواء مع أبيه أو مع أمه أو من خلال مقاسمته للورثة الشرعيين في الميراث، وإن كان هذا يهدف لاحتواء طفل يتيم إلا أنه يؤدي لاختلاط الأنساب وعدم الحفاظ على الحرمات ومن هنا يكون التحريم.

أما الحل الإسلامي لقضية الطفل اليتيم التي دعا إليها الرسول في حديثه الشريف: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة" وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى، ولو أن الرسول لم يفعل هذا وترك الطفل الذي هو ابن خطيئة لتقلبات الدنيا، فبالطبع سينشأ مجرماً أو سارقاً أو قاتلاً، فهو خرج للدنيا حامل ذنب غير ذنبه، ويحمل على أكتافه خطيئة لم يرتكبها، وسيظل حتى وفاته موصوماً بعار لم يقصده، غير أفظع الألفاظ والصفات التي يمكن أن تنتسب له وهي "ابن حرام"، رغم أنها صفة لم تحل به، لذا فحماية هذا الطفل واجبة.

وإذا كان الجهاز سيوفّر للطفل خمس رضعات مشبعات، ومن ثم يصبح ابناً لهذه الأسرة في الرضاعة، وتصبح البنت محرمة على الرجل، لأنها بنت زوجته في الرضاعة، ولكن يحرم عليه أن يرث مال الأب أو الأم أو يرث اسميهما، وبالتالي لا يمكن الفصل في المعاملة بين الطفل المكفول وأسرته.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com