ربيعة جلطي: قبيلة الشعراء في الجزائر تكبر وتتوسع
ربيعة جلطي: قبيلة الشعراء في الجزائر تكبر وتتوسعربيعة جلطي: قبيلة الشعراء في الجزائر تكبر وتتوسع

ربيعة جلطي: قبيلة الشعراء في الجزائر تكبر وتتوسع

الشاعرة والروائية، ربيعة جلطي، أيقونة الأدب الجزائري، استطاعت أن تفرض نفسها على المشهد الثقافي الجزائري بشاعريتها المـتألقة وبطروحاتها الأدبية المميزة ونشاطها المجتمعي الثقافي الدائب، فهي التي قادت مهرجانات الشعر النسوي وحركت ركودا ظنه البعض صفة ملازمة للحياة الثقافية في الجزائر، ولم تقف عند حدود الوطن بل تعدت إلى الضفة الأخرى من المتوسط كما في لبنان ودمشق، مشاركة ومؤسسة لكثير من الفعاليات الأدبية شعرا ورواية، حيث أنك حين تقرأ رواية من رواياتها كنادي الصنوبر أو الذروة تحس وكأن هذه الجمل النثرية هي أزهار منثورة فوق قصيدة، فالموقف الشاعري لا يفارق نثرها كل ذلك دون أن تتخلى عن عطاءاتها الأكاديمية كأستاذة في جامعة الجزائر،

ونتعرف أكثر على هذه المبدعة في هذا اللقاء الذي خصت به شبكة "إرم" الإخبارية وننشره على حلقتين:



- تعودنا أن نرى جديدا لك بين فترة وأخرى في الشعر أو الرواية.. ماهو جديدك هذه الأيام؟

صدر لي كتابا بعنوان "النبية تتجلى في وضح الليل" عن منشورات الاختلاف /الجزائر وضفاف/بيروت، وقد قدمته لأول مرة في المعرض الدولي للكتاب بالجزائر عبر أمسية توقيع، وكان الإقبال كبيرا، حتى إنني شعرت بأن النبية أعادت المصالحة ما بين الشعر والقارئ الجزائري.

كما أنني أصدرت ترجمة لرواية سيرة ذاتية للشاعر الكبير جمال عمراني، وهي بعنوان "الشاهد" ترجمتها من الفرنسية إلى العربية ونشرتها دار المعرفة بالجزائر، وأقول على كل من ينوي كتابة سيرته الذاتية أن يقرأ هذه الرواية الجريئة.

كما أن دار الحكمة بالجزائر أعادت نشر روايتي "الذروة" في طبعة جزائرية بعد أن كانت قد صدرت عام 2010 عن دار الآداب في بيروت في طبعة عربية ودولية. وهي الرواية التي عليها طلب كبير من قبل القراء والباحثين. وقد نفذت الطبعة الأولى من إصدارها الجزائري في معرض الكتاب الدولي الأخير.

- أنت من رائدات الشعر النسوي في الجزائر والعالم العربي، فكيف ترينه اليوم جزائريا وعربيا؟

أعتقد أن الكتابة الشعرية العربية بما فيها من مبدعين ومبدعات تتعمق وتتوسع رقعة قراءتها سواء بشكل القصيدة الحديثة منها أو النثرية، ونتيجة للوسائط التكنولوجية الحديثة بدأت القصيدة العربية الحديثة التي تكتبها النساء أو الرجال تغزو ذوق القراء وذائقتهم الشعرية.

- كيف ترين حركة الأدب والثقافة في الجزائر خاصة وأنّ بعض السياسيين في تصريحاتهم لا يرون للشعر والأدب والثقافة دورا في التنمية؟

الأدباء يظلون والسياسيون الموسميون يذهبون مع الريح، أنت ترى وهج أسماء الشعراء والمسرحيين منذ هوميروس واسخيلوس لم يخبُ. ولم يقبع في قاع التاريخ كأسماء طغاة كثر، في الجزائر تكبر قليلا قليلا قبيلة الشعراء والأدباء، إنهم يتعمقون ويتجذرون ويتميزون والتاريخ لهم.



- قال بعض الفلاسفة في مطلع هذا القرن إن الحروب الايديولوجية انتهت في العالم، فما هي إذا هذه الحروب التي نراها تكاد تعم كل العالم باسم الدين، أليست ايديولوجية؟

حين أتأمل الوضع الكارثي الدموي الذي يجتاح العالم، وبالأخص عالمنا العربي والإفريقي، يبدو لي الأمر حتميا وكان لابد من حدوثه لا محالة. فالأنظمة القمعية التي كانت سائدة لمدة طويلة لم تكن تأبه لحالة مجتمعاتها التي كانت تغرق في التخلف بكل أنواعه والأمراض الاجتماعية والنفسية.

فلم يكن في نية الأنظمة سوى البقاء على كرسي الحكم حتى لو تطلب ذلك زرع الكراهيات العقائدية والعرقية والجنسية واللغوية والجهوية وغيرها، ولأنّ التعفن قد بلغ مداه فإنّ سقوط الأنظمة تلك فتح المدى على أسوأ الاحتمالات، شخصيا لم أكن أنتظر وأنا أتتبع الانتفاضات الغاضبة يوما بعد اليوم أن تفضي إلى ديموقراطية بالمفهوم المتعارف عليه في الغرب، فالديموقراطية في جوهرها قناعة وسلوك يتعلمه المواطن في البيت والمدرسة والشارع، يترسخ في يومياته فيصبح من أسس حياته بكل تفاصيلها، الديموقراطية ليست وحيا إنها ثقافة، لذلك اختلط الأمر على الشعوب التي خرجت من ظلمة الأسر وفي رأسها وصدرها أحقاد ترسبت طبقاته الجيولوجية عبر أزمنة طويلة. شعوب كانت تسيّر أمورها سلطة العصا وباحتراق حطب العصا وجدت نفسها في العراء الأيديولوجي والفكري والسلوكي.



- وهذه الحروب التي نراها مشتعلة بين شعوب ذات ماضي ثقافي عريق ودول ذات تقدم تكنولوجي علمي مذهل، هل تدل على خلل إنساني بين الثقافة والروح وبين العلم المادة، هل فقد الكون تعادليته، هل نحن أمام الإنسان ذو البعد الواحد كما قال هربرت ماركوز، وهل فقد الأدب والشعر خصوصا تأثيره في الإنسان المعاصر؟

المصالح الاقتصادية و"فلسفة" السوق وسلطة الريع هي الخيوط الأساسية التي تحرك دمية السياسة المضحكة تارة والمبكية تارة أخرى، دائما كنت أقول في النقاشات التي من هذا النوع إنّ السياسة لا أخلاق لها ولا معتقد ولا ماء وجه، والساسة يدأبون على استعمال الفنون والآداب والمنتوج الفكري لصالح توجهاتهم، فقليلة هي المهرجانات الفنية والأدبية والملتقيات واللقاءات ذات الطابع الفكري التي تحدث في مدننا ومدن العالم دون أن يكون خلف ضجيجها شيطان متوج يرقص مقهقها.



الحلقة الثانية ربيعة جلطي ايقونة الأدب الجزائري لآرم: الساسة العرب لآيقراون لذلك يهجم الجهلة

نواصل في هذه الحلقة الثانية وألأخيرة من الحديث الذي خصت به الشاعرة الجزائرية ربيعة جلطي إرم حيث تؤكد أنه لولا الجهل لما تجرأ أولئك الذين يفسرون الدين على هواهم ويستغلون ويحاصرون التكنولوجيا التي ابدعها العقل المستنير . وتؤكد أن المرأة هي الخاسر الأكبر في هذه الحروب التي تمزق الوطن العربي وتفرغ ألأنسان من جوهرة

الجزائر / سهيل الخالدي خاص بإرم

إرم- حركة الشعر النسوي في العالم العربي اين هي من هذا الذي يجري في غزة والعراق وسورية ولبنان حيث يقتل ألأطفال والنساء بالجملة .. من الذي انهزم الشعر أم المرأة ؟

ربيعة :

المرأة بشكل عام هي الخاسر الأكبر في هذه الحروب شاعرة كانت أم امرأة بسيطة تريد فقط التمتع بالحياة التي منحها لها خالقها ..إنها تدفع الثمن من عقلها وجسدها وحياتها وكينونتها .. يحزنني وجود موجة عاصفة من الجهل تشوش العقول وتعمي الأبصار وتذهب بالأفئدة .. جهلة في كل مكان وعلى كل شاشة يفتون في الدين يتكلمون باسم الخالق الرحمن الرحيم العادل كما يشاؤون، يستغلون النيات الطيبة للناس البسطاء ويركبون التكنولوجيا الحديثة التي أحدثها العقل المتنور.. أحاديث لا تخرج أبدا من منطقة ما تحت السرة .. لغة مخجلة كلمات بذيئة لم يحدث أن نطقتها في حياتي كلها لا مع أهلي ولا أصدقائي ولا أولادي ولا حتى مع نفسي .. أحيانا يتبادر إلى ذهني أن حظر هذه البرامج التي تدعي التدين والتفقه والإفتاء عن الأطفال ضرورة لأنها لا تختلف في طبيعتها عن برامج البورنو الدنيئة .كلاهما يتفه المرأة والرجل ويفرغ الإنسان من جوهره ومن إنسانيته مستعملين لغة بذيئة . إنهم ينسفون العلاقة الإنسانية الجميلة بين المرأة وأبيها وأخيها وزوجها وابنها وبقية الرجال في الاحترام والمحبة والإخاء والعيش الكريم ويصورون الحياة الاجتماعية وكأنها ساحة حرب بين الأعضاء الجنسية .

إرم- قال محرر العبيد في امريكا ذات يوم انه فعل ذلك لأنه تأثر برواية كوخ العم توم .. هل ترين أن ساستنا في الجزائر والعالم العربي يقرأون الروايات ؟

ربيعة :

لو كان الساسة العرب يقرأون لما حدث ما حدث وما يحدث، فالقراءة تحسن الطباع وتعلم الرقي والحضارة وفهم الآخر وقبوله ..لو كانوا مولعين بالقراءة فلربما كانوا جعلوها بندا في الدستور وفرضوها على شعوبهم مثل حظر التجول..

معظم الرؤساء الأجانب والقناصلة والسفراء والدبلوماسيين الممثلين لبدانهم لهم هواية ما في العزف على آلة موسيقية ما أو الرسم أو الكتابة أو الرياضة ،يظهرونها بفخر في اللقاءات والحفلات الدبلوماسية كعنصر إضافي في الرفع من الذات الوطنية . لا أعتقد أن الساسة العرب يقرأون وأستبعد ان يكون هناك استثناء ..الساسة عندنا لاهواية لهم ولا وقت لهم ولابال ..منشغلون..منشغلون جدا في توليد الكوارث .

إرم- في معظم ثقافات العالم من ألإغريق حتى العرب حتى ألأمريكان من هيلانة إلى عبلة إلى مستشارة ألأمن القومي الأمريكي كوندليزا رايس المرأة هي التي تشعل الحروب .. فما الذي غيره التقدم العلمي في الأنسان المعاصر.. هل البشر في دائرة مغلقة؟

ربيعة :

الحروب ليست حديقة تسلية ، إنها مجمرحديدي حام ياصديقي لا تشتعل نيرانه إلا حين يبلغ السيل الزبى حين تشتعل الرغبة في الانعتاق والحرية حين يصل ألم القيد عظم الرسغ .لكن الأسباب المباشرة قد تكون امرأة أو رجلا أو ناقة في حالة حرب داحس والغبراء .. مع الأسف فالتقدم العلمي حوصرت فوائده لأغراض اقتصادية وأهداف الربح والاستغلال .. أنت ترى هاته الحروب الملعونة التي يتفنن مرضاها النفسيون في طرق قتل بعضهم البعض ربما أبشع مما أوصله الخيال عن رجل الكهف . إنه "جنون البشر" يا صديقي

إرم- في لقاء قديم مع السيدة بندرانايكة رئيسة وزراء سري لانكا واول رئيسة وزراء في العالم حدثتني بتفاؤل عريض عن مستقبل المرأة في العالم الثالث... لكننا لانكاد نجدها اليوم اكثر من وزيرة خارج دائرة القرار ..هل هناك تفسير لهذا التراجع؟

ربيعة :

تقدم المجتمعات وأ ريحية المرأة في مجتمع ما ليس بعدد الوزيرات في الحكومة بل بعدد النساء اللواتي يعشن في مجتمع عادلة قوانينه عالية أخلاقه متوازنة علاقاته الاجتماعية .. يعشن مرتاحات البال في الشارع أو في العمل أو في البيت هذا المجتمع المتوازن في قاعدته سيفرز بشكل طبيعي توازنا في قمته حتى ليبدو وجود الوزيرات طبيعيا ولا يدعو لا إلى الإعجاب ولا إلى التعجب كما هو في سؤالك .

إرم - في الجزائر كانت جميلة بوحيرد رمزا للنضال الهمت الشعراء وفي الأستقلال اسكتناها، هل ترين ذلك من قصور اجتماعي او ذاتي في المرأة أو من نقص ثقافي في العقل السياسي الجزائري؟

ربيعة :

جميلة بوحيريد قامت بدورها العظيم مجاهدة ومناضلة وقد أوفت بوعدها .. فلقد كانت و مازالت أيقونة الثوار في كل مكان ومعشوقة عشاق الحرية. سمَتْ جميلة حتى تماهى اسمها مع اسم الوطن الجزائر.ففي القصائد الثورية التي كتبها الشعراء عن نضالها وشخصها أحيانا يصعب التفريق فيها بين "الجميلة" و"الجزائر" .. لكن ،حتى وإن أحاط بجميلة الحالية الصمت المطبق فإن جميلة ملك للتاريخ وأي تاريخ .. إنها تسكن فيه بكل ملوكية ، فلا مجال لنسيانها أو تناسيها. من خلال قراءتي للواقع يبدولي أن جميلة الرمز تؤمن بأن المناضل أكبر من السياسي .

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com