قوارب الهجرة
قوارب الهجرةالأناضول

على "قوارب 5 نجوم".. طريقة جديدة للهجرة إلى أوروبا (صور)

لا يخلو عالم الهجرة غير الشرعية من الغرابة الممزوجة بالمقامرة أحيانا، من قَبيل أن يركب مهاجرون هاربون من أوطانهم قوارب فخمة من فئة "خمس نجوم" والتي أصبح استخدامها شائعًا ومغريًا لمن اضطرتهم الحاجة للسفر، وخاصةً من الميسورين، الباحثين عن رحلة مضمونة بأقل مخاطر ممكنة.

خياران اثنان

هما خياران لا ثالث لهما أمام الراغبين في الهجرة انطلاقًا من سواحل الجزائر، فإما عبر قوارب مطاطية وإما خشبية مصنّعة محليًّا في ورشات سريّة بأسعار في المتناول قد لا تتجاوز 1200 دولار، أو أن يتم إغراء آخرين ممن يهابون مخاطر المغامرة، بدفع نحو خمسة أضعاف هذا المبلغ، مقابل ضمان وصولهم بنسبة مئة في المئة وبأقل وقت ممكن، في اختصار للرحلة بنحو خمس مرات.

هذا ما وقفت عليه "إرم نيوز"، بناء على شهادات شبّان ممن عايشوا تفاصيل مثيرة عن الرحلة من بدايتها إلى نهايتها، بعدما تحوّل ركوب قوارب "فانتوم" السريعة إلى ما يشبه "موضة" يتباهى بها المهاجرون الذين يُوثّقون رحلاتهم عبر مقاطع فيديو يتم نشرها على شبكات التواصل الاجتماعي للترويج لمغامراتهم البحرية خلال بحثهم عن الجنة المفقودة.

ويقوم هؤلاء من حيث لا يدرون بتحفيز قوافل أخرى من اللاجئين ممن يرفضون السفر عبر قوارب متهالكة إلى الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط، جراء ما سمعوا من مصائب فقدان أشخاص لأرواحهم في مقتبل العمر، أو التهمهم باطن البحر ليلفظهم على شواطئ أخرى تبعد عشرات الكيلومترات عن موطنهم أو مقصدهم.

هجرة المؤثرين

وقد يكون أبلغ مثال على ما يصنعه "المؤثرون" في الواقع أكثر وطأة، وطمأنة للمهاجرين، فقد وصلت فنانة جزائرية تغني إحدى طبوع الراي المحلي إلى سواحل إسبانيا مرفوقة بعائلتها عبر زورق مطاطي مدجّج بمحركين يطلق عليه اسم "السريع"، بعد أن قامت ببيع فيلا فاخرة لها بوهران غرب العاصمة وشراء هذا القارب.

وحسب أوساط عائلة الفنانة المسماة الشابة خيرة، لم يكن الفقر دافعها للهروب بهذه الطريقة السرية، وإنما للفرار من أحكام قضائية صدرت بحقها بإدانتها بعقوبة سنة حبسا نافذا عن تهم النصب والاحتيال.

الفنانة خيرة
الفنانة خيرة متداولة

هذا الخبر الصادم بالنسبة لكثيرين لم يكن أقل صدمة من اختيار حارس فريق محلي بكرة القدم من جمعية وهران، رغم موهبته التي كانت ستؤهله لبلوغ أعلى المراتب باعتراف مدربه، المخاطرة والمغادرة عبر سواحل وهران نحو مدينة أليكانت الإسبانية.

أخبار ذات صلة
تضاعف محاولات الهجرة غير الشرعية إلى إسبانيا

رحلة أخرى أيضًا للاعب فريق أمل مغنية بمدينة تلمسان الحدودية مع المغرب أمين بلغيث الذي وصل إلى إسبانيا باحثًا عن فرصة في الجهة الشمالية للمتوسط للتحليق بعيدًا في مشواره الكروي.

وأمام انتعاش الظاهرة، ثمة تساؤلات عمن يقف وراء قوارب النقل السريع للمهاجرين وهم يحملون المئات أسبوعيًّا ممن يغادرون الساحل الجزائري ليصلوا في غضون نحو أربع ساعات كأكثر تقدير أيًّا كانت نقطة الانطلاق، من الجزائر إلى جنوب أوروبا متجهين إلى الساحل الإسباني انطلاقا من غرب البلاد من وهران وأرزيو والغزوات ومستغانم ودلس وبومرداس وبجاية، أو من شرقها في سكيكدة والطارف وعنابة فوجهتهم إلى السواحل الإيطالية.

قوارب الهجرة
قوارب الهجرةمتداولة
أخبار ذات صلة
الجزائر.. "تهريب" شاب إلى فرنسا بعجلات طائرة يورط 7 مسؤولين

قوارب المرموقين

يروي (محمد.س) من مستقره الجديد في فرنسا لـ"إرم نيوز"، كيف بدأت رحلته المحفوفة بالمخاطر، عندما تواصل عبر الهاتف مع وسيط في شبكة هجرة سرية، بحثًا عن خيارات تسفيره إلى الجنة الأوروبية كما رسمها في مخيلته، فردّ عليه بأنه "لا توجد تأشيرة رسمية وإنما حَرْقة (مصلح الهجرة عبر القوارب)"، وهو مصطلح يختصر به الجزائريون بلهجتهم وسيلة النقل غير الشرعية، إذ أشار له منظم الرحلات إلى تكلفتها بمبلغ يناهز 120 مليون سنتيم (نحو 5770 يورو)، والتي بدأت بالسفر أولًا برًّا نحو ولاية وهران الساحلية غرب البلاد، التي مكث فيها لأسابيع قبل أن يشد الرحال إلى إسبانيا عبر قارب "المرموقين" الذي" تفوق سرعته 60 عقدة في الساعة أو ما يعادل 111 كيلومترًا.

والمفاجأة أن من بين من رافقوه في الرحلة المحفوفة بالمخاطر 7 نساء مع بناتهن، لا تتجاوز أعمارهن عشر سنوات، وبعدما تمكنوا من الإفلات من دوريات خفر السواحل الجزائري على متن القارب الذي حمل 22 شخصًا، واصلوا رحلتهم التي لم تتجاوز الساعة الواحدة من سواحل وهران إلى إسبانيا.

الحلم الباريسي

وفي هذه الدولة الإيبيرية وجدوا محسنين من جنسيات مغاربية قدموا لهم المساعدة من مبيت وغذاء، قبل أن تكون الوجهة عبر القطار من ألميريا إلى برشلونة، وبعدها التسلل إلى الأراضي الفرنسية التي يقول محدثنا، إنه "لم يجد أي صعوبات كمهاجر دون وثائق في الوصول إلى باريس رغم الحواجز الأمنية".

مهاجر آخر (علي.س)، يقول إنهم انتهزوا فرصة الاحتفالات بليلة رأس السنة الميلادية للقيام برحلته عبر القارب السريع، حيث أقدم مهرب البشر ومنظم الرحلة على نزع الهواتف النقالة منهم لدواعٍ أمنية تتعلق بمخاوف من تبليغ السلطات عن موعد السفر، إذ سافر معه 14 شخصًا من بينهم طفلة ووالدتها.

وروى علي، تفاصيل مثيرة عن محاولة قارب آخر الاعتداء عليهم بتوقيفهم على شاكلة "القراصنة" لنهب ما يملكونه من أموال قبل أن ينجو من الخطر بالفرار من المعتدين.

وبالنسبة لفئات أخرى، فضّلوا التحرّر من شباك شبكات الهجرة المعقدة بالارتجال وحدهم، حسب ما ينقل عضو الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان مولود سيدود، الذي روى حوادث وصلتهم كان أبطالها بعض مَن انقطعت أخبارهم، إذ يُقدِم شبان على جمع أموال بشكل مشترك مع الاتفاق على اقتناء قارب بمحركين حتى إن تعطل أحدهما سوف يتمكنون من المضي قدمًا في رحلتهم، وقبلها يتم الاتفاق مع واحد من المجموعة يجيد القيادة بالتدرب جيدًا واستعمال جهاز تحديد المواقع "جي بي أس" تحسبًا لـ"الساعة صفر" مقابل عدم دفع مبلغ الرحلة.

الحرس الإيطالي يستقبل مهاجرين عبر قارب خشبي
الحرس الإيطالي يستقبل مهاجرين عبر قارب خشبي رويترز

تضييق على اقتناء القوارب

وفي ظل تضييق السلطات الجزائرية ممثلة في وزارة الصيد البحري على مجال صناعة القوارب، حتى لا تُستغل لأغراض الهجرة، لم يعد شراء قارب فائق السرعة ذي محركين سهلًا كما يقول بائع بمدينة زرالدة غرب العاصمة الجزائر، إذ بيّن المدعو (نوار.ع)، أنها تباع بفواتير لإبراز الجهة بدقة واستعماله للنزهة وليس لمجال آخر، موضحًا أنه لو كان الأمر يتعلق بقوارب تقليدية قد تكون مصنّعة في ورشات سرية، فيتم بيعها أيضًا بعيدًا عن أنظار الرقابة، غير أنه عندما يتعلق الأمر بتسويق زورق قابل للنفخ نوع "فانتوم" بطول 6.50 متر وعرض 2.50 متر وبمحرك خارجي قوي يعد صعبًا دون فواتير.

وفي النهاية، إن نجا المهاجرون من الغرق في البحر، فقد يكون مصيرهم السجن في حال تم إلقاء القبض عليهم سواء داخل الجزائر أو خارجها، مثلما حدث لمواطنين اثنين سائقين لقارب، سلّطت عليهما محكمة ألميريا الإقليمية بإسبانيا السجن لأربعة أعوام و10 أشهر بعد أن كانا يحاولان الفرار من شاطئ لوس إسكولوس على متن زورق قابل للنفخ كان على متنه نحو 86 مهاجرًا غير نظاميين.

الهجرة إلى إسبانيا
الهجرة إلى إسبانيارويترز

في المقابل، يُجرّم المشرع الجزائري مَن يتورط في ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر البحر بموجب قانون صدر في 2009 بالحكم بالسجن من شهرين إلى 6 أشهر وغرامة تتراوح بين 20 ألف دينار (140 دولارًا) وحتى 60 ألف دينار (421 دولارًا).

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com