دراسة تكشف قدرة مضادات الاكتئاب على جعل الدماغ أكثر مرونة

يمثل اضطراب الاكتئاب الشديد تحديًا عالميًّا كبيرًا في مجال الصحة العقلية، إذ أثبتت العلاجات التقليدية، مثل: مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية، عدم فاعليتها في نسبة كبيرة من المرضى. وفي إطار البحث عن علاجات أكثر فاعلية، تعمَّق الباحثون في الآليات المعقدة لوظيفة الدماغ للكشف عن طرق علاجية جديدة.

وبحسب تقرير نشره موقع psypost، ألقت دراسة حديثة الضوء على قدرة مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SARIs) على تعزيز مرونة الدماغ، مقدمة لمحة عن السبب وراء قدرة هذه الأدوية على تخفيف أعراض الاكتئاب. كما قدمت هذه الدراسة، بقيادة جهد تعاوني بين جامعة كامبريدج وجامعة كوبنهاجن، رؤى قيّمة حول الآليات الأساسية لفاعلية مضادات الاكتئاب.

ويتميز اضطراب الاكتئاب الشديد بأنماط تفكير جامدة وسلبية وإعاقات إدراكية؛ ما يؤكد الحاجة إلى علاجات تعزز المرونة العصبية. وفي حين تبقى مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية هي التدخل الدوائي في الخطوط الأمامية، فإن الأساليب البديلة، مثل: الإسكيتامين القائم على الكيتامين عن طريق الأنف والمركبات المخدرة، مثل: عقار "إل إس دي" والسيلوسيبين، تكتسب قوة جذب في دوائر البحث لفاعليتها المحتملة في علاج الاكتئاب المقاوم للعلاج.

تأثير المركبات على الدماغ

واستكشفت الدراسة كيفية تأثير هذه المركبات المتنوعة على مرونة الدماغ، إذ تستهدف مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية مستقبل 5HT-2A، وهو ناقل عصبي يلعب دورًا مهمًّا في تنظيم المزاج والشعور بالسعادة والرفاهية، بينما يعمل الإسكيتامين على مستقبل NMDA، وهو ناقل عصبي يلعب دورًا مهمًّا في وظيفة الدماغ والنشاط العصبي ويؤثر على مستويات الغلوتامات في الدماغ.

وفي حين أن آليات العمل الدقيقة لا تزال بعيدة المنال، فإن هناك أدلة تشير إلى أن هذه الأدوية تعدل مستويات الناقلات العصبية التي تلعب أدوارًا حاسمة في الوظيفة الإدراكية وتنظيم المزاج.

كما تمحورت الدراسة حول مفهوم مرونة الدماغ، أي قدرته على التكيف وإعادة التنظيم من خلال التغيرات في الدوائر العصبية، عن طريق قياس بروتين سكري الحويصلة المشبكية، وهو علامة على كثافة التشابك العصبي، إذ قيَّم الباحثون تأثير الأساليب البديلة على مرونة الدماغ لدى البشر.

وكشفت فحوصات التصوير المقطعي عن زيادة في مستويات بروتين سكري الحويصلة المشبكية بعد إعطاء إسيتالوبرام، ما يشير إلى تكوين تشابك معزز، وإعادة توصيل الأسلاك العصبية على مدار فترة العلاج.

ويؤكد هذا الاكتشاف أهمية المرونة العصبية في فاعلية مضادات الاكتئاب، ما يوفر آلية محتملة يمكن من خلالها أن تخفف مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية من أعراض الاكتئاب. علاوة على ذلك، تسلط الدراسة الضوء على الدور الحاسم للمرونة المعرفية في التعافي من الاكتئاب، مع التركيز على الحاجة إلى علاجات تسهل التعلم والسلوك التكيفي.