سلَّط صحفيون ومحللون الضوء مؤخرا على تصريحات أدلى بها الرئيس السابق لمعاهد الصحة الوطنية الأميركية، فرانسيس كولينز الصيف الماضي، اعترف فيها أن قرارات إغلاق الشركات والأعمال والمدارس أثناء جائحة كورونا، لم تأخذ بعين الاعتبار عواقب تلك القرارات على قطاعي التعليم والاقتصاد، وفق ما أوردت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وبحسب الصحيفة، ذهب بعض هؤلاء المعلقين إلى "اتهام العلماء والباحثين في القطاع العام، بالانخراط في حملات دعائية أثناء الجائحة"، منوهة إلى أن "الانتقاد الذي يعقب استجابة الحكومات الفيدرالية لحالة الطوارئ الصحية العامة في البلاد، أمرا مشروعا وضروريا".
وتطرقت "واشنطن بوست"، إلى "التكاليف الباهظة التي ترتبت على إغلاق المدارس والأعمال التجارية، التي ما تزال البلاد تعاني من تبعاتها حتى الآن"، مؤكدة أنه "في المرة المقبلة، يجب أن يكون المجتمع مستعدًّا بشكل أفضل لاتخاذ قرارات صعبة تتعلق بالصحة العامة، وتأخذ في الاعتبار هذه التكاليف بشكل واقعي، أو بمعنى آخر، يجب اتباع نهج مدروس ومتوازن لتقييم ومعالجة التحديات التي تفرضها أزمات الصحة العامة".
ونقلت عن الدكتور كولينز، قوله إن"مسؤولو الصحة الفيدراليون أعطوا قيمة كبيرة لوقف المرض وإنقاذ حياة الناس، لكنهم تجاهلوا بشكل كامل، كيفية تعطيل تدابير الحجر والإغلاق لحياة الناس، وتدميرها الاقتصاد، وتسببها في بقاء العديد من الأطفال خارج المدرسة، الأمر الذي يبعث على الأسف".
وأفادت بأنه "لا شك أن انتقاد السياسات يصبح أسهل بعد فوات الأوان، وخاصة بعد احتواء أزمة مثل جائحة كورونا. فخلال المراحل المبكرة من الوباء، كان يتعين على الحكومات اتخاذ قرارات وسط حالة من الشكوك وعدم اليقين بشأن كيفية انتقال الفيروس، ومَن هي أكثر الفئات السكانية عرضة للخطر، ومدى فتك الفيروس بالإنسان، ومع مرور الوقت، تراكمت الأدلة التي تظهر العيوب الكبيرة لإغلاق المدارس، والتكاليف الباهظة المترتبة على صحة الأطفال العقلية وتحصيلهم العلمي، وهو العجز الذي سيدفع ثمنه المجتمع الأمريكي غاليا".
ولفتت إلى أنه "عند حدوث جائحة أخرى في المستقبل، من غير المرجح أن يدعم أولئك الذين يديرون نقابات المعلمين عودة المعلمين إلى الصفوف الدراسية، وربما يستمر الرفض تارة والتردد تارة أخرى من جانبهم، حتى لو كان ذلك على حساب مستقبل الأطفال وتحصيلهم العلمي وآفاقهم المستقبلية".
ونوهت إلى أنه "رغم التحديات التي ينطوي عليها الأمر، من غير المقبول التغاضي عن الضرر الكبير الذي يلحقه إغلاق المدارس بمستقبل الأطفال، ولا سيما في هذا الوقت الذي يدرك فيه المجتمع الآثار المترتبة على خطوة كهذه.
وخلصت الصحيفة إلى أنه "يتعين على صناع السياسات، عندما يفكرون في اتخاذ تدابير الصحة العامة مثل عمليات الإغلاق، أن يأخذوا في الاعتبار النطاق الكامل للأضرار الاجتماعية، كما تبرز الحاجة هنا إلى اتباع نهج شامل ومتوازن في عملية صنع القرار لمعالجة العواقب المعقدة والمترابطة لإجراءات الصحة العامة".