تكنولوجيا احتجاز الكربون ودورها في مكافحة التغير المناخي
تكنولوجيا احتجاز الكربون ودورها في مكافحة التغير المناخي energytheory.com

احتجاز الكربون.. كيف يكافح التغير المناخي‎؟

في الوقت الذي يعتبر فيه إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي مضراً للبيئة، وسبباً رئيساً للتغيّر المناخي، هناك مبادرات لاحتجاز ا-*نبعاثات الكربون في باطن الأرض للحد من انتشاره.

ويمكن أن تلعب تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه دوراً مهماً في تحول الطاقة إلى صفر انبعاثات؛ إذ يمكن أن تعمل هذه التقنية على تقليل الانبعاثات الصادرة عن الصناعات التي يصعب إزالة الكربون منها، مثل إنتاج الصلب أو الزجاج. علاوة على ذلك، يمكن أن يدعم احتجاز وتخزين الكربون توليد الهيدروجين والميثان الحيوي منخفض الكربون؛ ما يساهم في توفير طاقة أكثر مرونة ودعم توليد الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية في الأيام الساكنة والملبدة بالغيوم.

azocleantech.com

عملية احتجاز الكربون

احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه هو عملية تستخدم لالتقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (CO2) من المصدر، وتخزينها في باطن الأرض، حيث يمكن إبقاؤها خارج الغلاف الجوي؛ وهذا الأمر لديه القدرة على جعل عمليات انبعاث الكربون هي نفسها محايدة.

ويتوقع سيناريو التنمية المستدامة التابع لوكالة الطاقة الدولية (IEA) أن تلعب تكنولوجيا احتجاز الكربون دوراً مهماً في تحول الطاقة مستقبلاً، وخاصة في الصناعات التي يصعب إزالة الكربون منها.

وتربط عملية احتجاز ثاني أكسيد الكربون بالتقاطه وفصله عن الغازات المتدفقة أو الهواء. وتعد الأطر العضوية المعدنية فئة واعدة من المواد شديدة الامتصاص للكربون؛ ما يتيح التقاطه بكفاءة.

وتتضمن عملية احتجاز الكربون ثلاث خطوات رئيسة:

احتجاز ثاني أكسيد الكربون

يتم عزل ثاني أكسيد الكربون (CO2) من الغازات الأخرى المتولدة في العمليات الصناعية، مثل تلك الموجودة في الفحم، أو محطات توليد الطاقة بالغاز الطبيعي، أو مصانع الصلب، أو مصانع الأسمنت.

النقل

يتم ضغط ثاني أكسيد الكربون المحتجز ونقله عبر خطوط الأنابيب أو النقل البري أو السفن إلى موقع تخزين محدد.

التخزين

بعد ذلك، يتم حقن ثاني أكسيد الكربون في أعماق التكوينات الصخرية تحت الأرض لتخزينه بشكل آمن على المدى الطويل.

svanehoj.com

ما فوائد احتجاز الكربون؟

مثل أي تكنولوجيا جديدة، فإن احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه له فوائده وقيوده، وكلها تحتاج إلى النظر فيها؛ فإزالة الكربون من الغاز الطبيعي على المدى القصير هي إحدى الفوائد الرئيسة لتكنولوجيا احتجاز وتخزين الكربون. على سبيل المثال، ينظر الكثيرون إلى الغاز منخفض الكربون مثل الهيدروجين باعتباره عنصراً حاسماً في نظام الطاقة المستقبلي.

ويلعب احتجاز وتخزين الكربون دوراً حيوياً في إنتاج الهيدروجين الأزرق المتولد من الغاز الطبيعي، عندما لا يتوفر الهيدروجين المولد من مصادر متجددة.

وبالنسبة للغازات الأخرى منخفضة الكربون مثل الميثان الحيوي، يسمح احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه أثناء عملية الإنتاج بعدم انتشاره، بينما كان يتم في الماضي إطلاقه في الغلاف الجوي. كذلك، يمكن من خلال احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه، إعادة استخدامه في التطبيقات الصناعية التي تستخدمه في منتجاتها.

واكتشف الباحثون في مختبر بروكهافن الوطني طريقة لتحويل ثاني أكسيد الكربون المحتجز إلى أول أكسيد الكربون، والذي يمكن تحويله أيضًا إلى مواد أولية لمجموعة متنوعة من الصناعات. على سبيل المثال، يمكن تفاعل الماء مع ثاني أكسيد الكربون لإنتاج غاز الهيدروجين، ويمكن تفاعل الهيدروجين مع ثاني أكسيد الكربون لتكوين هيدروكربونات. ويمكن استخدام الهيدروجين والهيدروكربونات كمصادر للطاقة.

commercial.allianz.com

تحديات التكلفة وقابلية التوسع

على الرغم من فوائدها المحتملة، فإن تكنولوجيا احتجاز الكربون لا تخلو من القيود. فهناك تحديات تتعلق بقابلية التوسع، والأمن على المدى الطويل والتكلفة. ولا تزال هذه التكنولوجيا باهظة الثمن نسبياً وتتطلب استثمارات كبيرة لبناء وتشغيل البنية التحتية اللازمة.

ويعد العثور على مواقع تخزين مناسبة أيضًا عقبة رئيسة يجب التغلب عليها، بحيث يحتاج ثاني أكسيد الكربون المحتجز تحت الأرض إلى المراقبة لقرون عدة لضمان عدم إطلاقه في الغلاف الجوي. ولتجنب ذلك، نحتاج إلى تحديد مواقع تخزين آمنة وتنفيذ خطة مراقبة طويلة المدى لاحتجاز وتخزين الكربون، لضمان عدم تسربه على المدى الطويل.

وفي السياق عينه، أثيرت أسئلة حول قابلية التوسع في تكنولوجيا احتجاز الكربون؛ فهناك مخاوف من أن احتجاز وتخزين الكربون يمكن أن يشجع الاستخدام المطول والاستثمار في الوقود الأحفوري؛ ما يعيق الجهود الرامية إلى التحول إلى مصادر طاقة أكثر مراعاة للبيئة.

كذلك، قد يكون احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه أمراً صعباً أيضًا في البيئة المنزلية. على سبيل المثال، يبدو وضع آلية لالتقاط الكربون في المطبخ أمراً غريباً بعض الشيء. وبما أن 80% من انبعاثات الكربون تنتج عن طريق الحرارة والطهي المنزلي، فإن صناعة الطاقة تحتاج إلى البحث عن تطوير حلول عملية لإزالة الكربون من المنازل.

مشاريع احتجاز ثاني أكسيد الكربون الحالية

وضعت المملكة المتحدة نفسها كإحدى الدول الرائدة عالميًا في تطوير ونشر تكنولوجيا احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه. ففي وقت سابق من هذا العام، استثمرت 20 مليار جنيه إسترليني في تطوير تكنولوجيا احتجاز الكربون لتلبية طلب المستهلكين والانتقال إلى صفر انبعاثات.

ولدى المملكة المتحدة بالفعل العديد من مشاريع احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه قيد التنفيذ، بما في ذلك مشروع لإزالة الكربون الصناعي في شمال غرب وشمال ويلز لالتقاط ثاني أكسيد الكربون الناتج حاليًا عن حرق الغاز الطبيعي كوقود أو كجزء من عملية التصنيع. ويهدف هذا المشروع إلى إنشاء مراكز صناعية منخفضة الكربون، وتحسين أمن الطاقة، وخفض الانبعاثات عبر تخزين ما يصل إلى 15 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون كل عام بحلول عام 2035.

ويقول العلماء إن احتجاز انبعاثات الغازات الدفيئة وثاني اكسيد الكربون من المصدر أو سحبها من الهواء أمر حيوي، ولكن يجب أن يحدث بالتزامن مع التحول إلى الطاقة المتجددة وإجراء تخفيضات كبيرة في الانبعاثات.

وهناك إجماع عالمي على ضرورة توسيع نطاق الاستثمار في تقنية احتجاز الكربون واستخدامها بسرعة لتحقيق التأثير المطلوب والحد من انبعاث الكربون، بحيث أنه لا يزال هنالك فرصة لتجنب ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، ووصول التغيّر المناخي إلى نقطة التحول الخطيرة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com