أبعد بكثير مما تتصور.. كيف تضر الهواتف الذكية بالبيئة وتغير المناخ؟

مع تحول العالم إلى عالم افتراضي بشكل متزايد يوماً بعد يوم، واستخدام ما يقارب 85% من سكان العالم الهواتف الذكية، أصبح من الصعب تجاهل الحقائق والأرقام المتعلقة بالآثار الضارة لهذه الأجهزة على الطبيعة والبيئة، بدءًا من استخراج المواد الخام لتصنيعها، مروراً بالتجميع والتوزيع والنقل والاستخدام، وصولاً إلى معالجة الهواتف عند نهاية عمرها وإعادة تدويرها.

وفي حين أن تجارة الهواتف الذكية تركز بشكل كبير على الربح، مع إيلاء الحد الأدنى من الاهتمام للتأثير البيئي لإنتاجها والتخلص منها، إلا أنه من المتوقع أن يصل العدد إلى أكثر من 7 مليارات هاتف بحلول عام 2026.

انبعاثات ناتجة عن تصنيع الهواتف

يساهم الهاتف الذكي في ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ طوال دورة حياته، بدءًا من الإنتاج وحتى التخلص منه.

ويتم إنشاء 80% من البصمة الكربونية للهاتف الذكي أثناء عملية الإنتاج، علماً أن المواد الخام اللازمة لإنتاج هاتف ذكي، بما في ذلك الألومنيوم والكوبالت والنحاس والذهب والبلاديوم والبلاتين والفضة والتنتالوم والقصدير والتنغستن والليثيوم وغير ذلك من المعادن الثقيلة، تتطلب تعديناً يستخدم الكثير من الطاقة، ما يتسبب بتلوث بيئي كبير بسبب حرق كميات هائلة من الوقود الأحفوري. وكل ذلك قبل أن يبدأ الهاتف الذكي حياته.

كما يتم إنتاج البطاريات، والدوائر المتكاملة، مكبرات الصوت، الشاشات المستخدمة في تصنيع الهواتف الذكية، جنباً إلى جنب مع كل المكونات الأخرى التي تدخل في تصنيعها، بكميات كبيرة، ما يخلق آثاراً كربونية، وانبعاثات حرارية، وتلوثاً بيئياً كبيراً.

وفي سياق متصل، تؤدي ترقية هواتفنا الذكية بشكل متكرر لإصدارات جديدة إلى إنشاء كمية هائلة من النفايات الإلكترونية المادية، إذ قُدر وزن هذا الرقم بأكثر من 50 مليون طن، ما يشكل حوالي 10% من النفايات الإلكترونية العالمية.

انبعاثات قطاع الاتصالات وشركات الخدمات والتطبيقات

لا ينتهي التأثير البيئي المرتبط بالهواتف الذكية بإنتاج المكونات المادية للهاتف الذكي، فقطاع الاتصالات الذي تعتمد عليه هواتفنا ينتج أيضًا بصمته الكربونية، وانبعاثاته الحرارية، والنفايات الإلكترونية.

والأمر نفسه ينطبق على مقدمي الخدمة ومراكز الشبكات، ومطوري برمجيات أنظمة التشغيل المستخدمة في الهواتف الذكية مثل أندرويد وأبل، ومطوري التطبيقات، الذين يستهلكون أيضًا الكثير من الطاقة، ويولدون انبعاثات كبيرة من الكربون والحرارة ويخلّفون وراءهم كميات كبيرة من النفايات الإلكترونية.

ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، تستهلك مراكز البيانات حول العالم حوالي 200 تيراواط/ساعة من الكهرباء، أو ما يقارب 1% من الطلب العالمي على الكهرباء، الأمر الذي يساهم في 0.3% من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.

انبعاثات استخدام الهاتف

توفر الأبحاث بشأن انبعاثات الكربون السنوية الناتجة عن استخدام الهواتف الذكية تقديراً متوسطاً يبلغ 63 كيلوجراماً من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من ساعة واحدة فقط من استخدام الهاتف الذكي يومياً لمدة عام، وما يصل إلى 90 كيلوجراماً من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من استخدام 10 ساعات يومياً لمدة عام، وتزيد هذه الأرقام في حال تم الاتصال عبر شبكة الجيل الرابع بدلاً من شبكة واي فاي.

ورغم أن هذه الأرقام تشير إلى أن تأثير عملية الإنتاج على البيئة أعلى بكثير من تأثير استخدام الهاتف الذكي، إلا أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الاستخدام تستمر في الزيادة مع تزايد اعتماد الأشخاص على الهواتف الذكية طوال عمر الهاتف.

واستناداً إلى أرقام هواوي وأبل، يبدو أن البصمة الكربونية للنماذج المتطورة من الهواتف أعلى بنسبة 25% من النماذج المنخفضة التكلفة.

ومع ذلك، فهذا لا يكفي لاستبعاد هذه النماذج التي تستهلك الكثير من الطاقة والموارد، نظراً لأن الهواتف الذكية المتطورة تتمتع عموماً بعمر افتراضي أفضل، ويمكن لمعالجها التعامل بشكل أفضل مع تطور التطبيقات ومواقع الويب، وتحديث برامجها لفترة أطول.

خلاصة

هذا الجهاز الذكي الصغير الذي نحمله في أيدينا يحتاج إلى موارد هائلة لإنتاجه، ولاستمراره في عمله لاحقاً. وهذه الموارد تستهلك كميات كبيرة من الوقود الأحفوري وينتج عنها ملايين الأطنان من النفايات الإلكترونية.

كل ذلك تنتج عنه بصمة كربونية عالية وكميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون التي بدورها تؤدي إلى تلوث البيئة والاحتباس الحراري وتغير المناخ.