نتانياهو يطلب من غوتيريش إبعاد "اليونيفيل" في جنوب لبنان "عن الخطر فورا"
"تُعتبر أشجار المانغروف أحد الحلول الطبيعية لمكافحة تغير المناخ".
في أرض رطبة موحلة في العاصمة العمانية، تقوم عالمة البيئة زكية العفيفي بقياس لحاء شجرة المانغروف، وتقدير قدرتها على امتصاص ثاني أكسيد الكربون الذي يتسبب في ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض ببطء.
وقالت وهي تقف في محمية القرم ذات الأشجار كثيفة الأوراق والتي تحميها من أشعة الشمس الحارقة، إن غابة القرم التي تبلغ مساحتها 80 هكتارًا يمكن أن تحبس آلاف الأطنان من ثاني أكسيد الكربون.
وأضافت العفيفي، وهي ترتدي حذاءً طويل الرقبة ومعطفًا أبيض بينما تقود مجموعة من طلاب الجامعة حول المستنقع: "أشجار المانغروف هي أغنى حوض للكربون في العالم".
إذا أصبحت الأشجار والشجيرات الساحلية جزءًا من الجهود المبذولة لخفض ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، فإن عُمان المنتجة للنفط، الواقعة في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية، ستقود الطريق في هذه المنطقة الغنية بالموارد الهيدروكربونية.
بإلهام من حاكمها الراحل السلطان قابوس بن سعيد، أحد دعاة الحفاظ على البيئة الذي توفي عام 2020، أصبحت السلطنة التي يبلغ عدد سكانها 4.5 مليون نسمة مركزا في الخليج لترميم أشجار المانغروف والحفاظ عليها.
ويمكن لأشجار المانغروف إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي بمعدل أسرع من الغابات وتخزينه في تربتها ورواسبها لفترات أطول.
وقالت العفيفي (41 عاما): "تُعتبر أشجار المانغروف أحد الحلول الطبيعية لمكافحة تغير المناخ".
وأضافت أنه يمكن تخزين ما يصل إلى 80 طنًا من ثاني أكسيد الكربون لكل هكتار في الكتلة الحيوية الموجودة فوق سطح الأرض في القرم، وأكثر من ذلك في الرواسب الموحلة أدناه.
"ربما نفقدهم"
وتتحرك عُمان، وهي منتج صغير للنفط مقارنة بجيرانها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، بسرعة في مشروعها لإحياء الغابات التي كانت تغطي البلاد ذات يوم، لكنها انقرضت منذ آلاف السنين بسبب التغيرات المناخية.
والسبب في خطواتها المتسارعة هو التغير المناخي الحديث الناتج عن أنشطة الإنسان، ومعظمه ناتج عن حرق الوقود الأحفوري، الذي يهدد بتدمير أشجار المانغروف مع ارتفاع درجات الحرارة والفيضانات والأعاصير.
وقالت العفيفي: "إذا لم نقم باستصلاح المزيد من الغابات، فهذا يعني أننا ربما نفقدها في يوم من الأيام" بسبب تغير المناخ.
وأثناء سيره عبر خور في شمال مسقط، أشار بدر بن سيف البوسعيدي من هيئة البيئة العمانية إلى غابة كثيفة من أشجار المانغروف.
وقال الرجل الأربعيني لوكالة "فرانس برس" من خور السوادي وحذائه غارق في الماء: "لم تكن هناك شجرة واحدة هنا" قبل عقدين من الزمن.
وأضاف البوسعيدي: "إنها الآن غابة تمتد لأكثر من أربعة كيلومترات" بمساحة 88 هكتارًا من أشجار المانغروف.
ومنذ عام 2001، أدى مشروع الاستصلاح إلى إحياء مناطق التنوع البيولوجي الرئيسة التي تغطي الآن حوالي 1000 هكتار عبر ساحل البلاد.
وعلى مدى العامين الماضيين، نثرت عمان أكثر من 3.5 مليون بذرة مباشرة في المناطق المستهدفة، بما في ذلك رقم قياسي بلغ مليونين خلال هذا العام.
وقال البوسعيدي: "في العام المقبل ستكون الأرقام أعلى"، مضيفاً: "نحن نعيش ما يمكن أن نسميه حرباً مع الطبيعة بسبب تغير المناخ".
وتابع: "إذا لم نتخذ إجراءً، فسنفقد هذه الموارد الطبيعية".
نثر البذور
وتطور مشروع الاستصلاح العمانيّ ببطء. واعتمدت السلطنة في البداية على مشاتل أشجار المانغروف، منها اثنتان في منطقة القرم، حيث زرعت 850 ألف شتلة لنقلها إلى المناطق الساحلية.
وفي عام 2021، حاول دعاة الحفاظ على البيئة استخدام طائرات مسيّرة لنثر البذور، ولكن بعد نتائج مخيبة للآمال، ركزوا على النهج الحالي المتمثل في الزراعة المباشرة والموجهة.
وتساعد عُمان أيضًا في تحقيق خطط أرصدة الكربون التي أصبحت أدوات شائعة للشركات التي تسعى إلى تعويض انبعاثاتها الكربونية.
ويمثل الرصيد الواحد طناً واحداً من ثاني أكسيد الكربون الذي تمت إزالته أو تخفيضه من الغلاف الجوي. ويتم توليد الاعتمادات من خلال أنشطة مثل زراعة أشجار المانغروف أو إعادة تأهيل الغابات.
ووقعت هيئة البيئة هذا الشهر عقدا مع شركة "إم إس إيه" للمشاريع الخضراء العمانية لزراعة 100 مليون شجرة على مدى أربع سنوات.
وكجزء من المبادرة، سيتم تحويل 20 ألف هكتار من الأراضي في محافظة الوسطى إلى أشجار المانغروف، وذلك باستخدام البحيرات الاصطناعية جزئيًا.
وقالت هيئة البيئة إنه بمجرد اكتمال المشروع، من المتوقع أن يزيل 14 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون ويولّد 150 مليون دولار من خلال شهادات ائتمان الكربون.
وخضعت شرعية أرصدة الكربون لتدقيق كبير حيث يجب أن تنمو الأشجار حتى مرحلة النضج وألا تحترق أبدًا إذا أرادت تخزين ثاني أكسيد الكربون بشكل دائم.
وخلصت تقارير إلى أن معايير المراقبة وإصدار الشهادات يمكن أن تكون بطيئة.
ويمكن أيضًا قياس تعويضات الكربون في السلطنة مقابل انبعاثاتها، والتي بلغت 71 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في عام 2021 وفقًا لمشروع الكربون العالمي.